حدد ملتقى “التجارة في الإسلام” الثالث، الذي نظمته وزارة الاقتصاد والتجارة القطرية بالتعاون مع مؤسسة الشيخ عيد الخيرية، عددا من المعايير التي يجب أن تتوفر في المشاريع لتحقيق أكبر استفادة للفرد والمجتمع، وأكد المشاركون في الملتقي أنه كلما كانت هذه المعايير متوفرة في المشروع كانت فرص نجاحه أكبر.
وقال الداعية والمفكر الإسلامي الدكتور طارق السويدان في كلمته بالملتقي والتي جاءت تحت عنوان “التاجر بين الإنسانية والأنانية” أن هناك 12 معيارا لتعميق نجاح المشاريع وتعظيم الاستفادة الربحية والمجتمعية منها ، ذكر خلال كلمته بالملتقي 6 معايير أساسية هي نوعية المشاريع ومواصفاتها ودرجة انتشارها واستمراريتها وعمق أثرها إلى جانب تميز تلك المشاريع بالسرعة في مواكبة التطور.
وأكد أن المشاريع الأفضل ليست بالضرورة تلك التي تكون فيها ربحية عالية بل تلك التي تتوافق فيها مع القدرات الأساسية لصاحب المشروع، لافتا إلى أن من مواصفات المشروع الناجح أن يكون مرتبطا بأولويات صاحبه، والأصل عند المسلمين هي القيم وليس المال.
وضرب السويدان مثالا بمعيار الانتشار قائلا يوجد 102 قناة من أصل 104 قنوات إسلامية و1250 قناة تبث في العالم العربي حاليا لا تزيد نسبة مشاهدتها على واحد في الألف وهو رقم قريب من الصفر، وتسائل: لماذا لا يوجد إطلاق قناة فضائية إسلامية واحدة فعالة تنافس القنوات الترفيهية وتكسر حاجز النجومية.
وأوضح أن المشاريع التجارية في العصر الحديث تقوم على نظرة جديدة ومختلفة عما كانت عليه في السابق مشيرا إلى أن 70 % من الاقتصاد الأمريكي قائم على المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وقال أن الدور التنموي في الحضارة الإسلامية كان يقع بشكل أكبر على كاهل المجتمع وليس الدولة وأن دور الدولة في التنمية كان محدودا وهو مايشبه الحال في الاقتصاديات العالمية الكبري التي تعتمد بشكل كبير على المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وفي كلمة التي جاءت تحت عنوان “أخلاق التاجر المسلم” قال الداعية والخطيب بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بقطر الشيخ أحمد البوعينين أن التجارة هي أفضل الأعمال الدنيوية التي يعمل فيها الناس لتحصيل أرزاقهم وأن ما يميز التاجر المسلم عن غيره هو تمسكه بقيم دينه.
وأشار إلى أن سلوكيات التاجر المسلم من الصدق والأمانة والوفاء بالوعد كان لها عظيم الأثر في دول شرق آسيا التي أسلمت كلها، وأن الغش في البيع والشراء والتطفيف في الميزان والكيل ليست من صفات التاجر المسلم، لافتا إلى أن مبينا أن الغش يتمثل في إخفاء التاجر عيوب بضاعته أو تزوير تاريخ صلاحيتها أو إخفاء بلد الصنع، أو تغيير مواصفاتها على نحو يظهر جودة لا تتوفر عليها.
فشل بعض الشركات
من جهته قال الباحث والداعية الإسلامي د. محمد العوضي، إن السؤال المطروح دائما للشباب في مجتمع المال والأعمال التجارية، هو أين قوة نجاح الإنسان في التجارة، مبينا أن الرد دائما يكون بالثقة والعلاقات وأن أحد أسباب فشل بعض الشركات هو عدم تمكنها من الثقة في نفسها مما يعطي حالة نفسية عامة، بالإضافة إلى عدم وجود علاقات حقيقية.
“الآن تغيرت أسئلة الشباب وخاصة الذين يذهبون للدراسة في الغرب من الأسئلة الفقهية في المعاملات إلى أسئلة تتعلق بالربوبية والتشكيك في الدين وعلينا جميعا أن نبادر لإنقاذ هؤلاء الشباب” بهذه الكلمات بدأ الإعلامي والداعية الإسلامي الدكتور محمد العوضي كلمته في الملتقي مشيدا بعدد من المبادرات لمشاريع فكرية دعمها عدد من التجار المسلمين، كي تكون حائط صد أمام اختراق هذه الأجيال.
وحذر العوضي من خطورة البطء في مواكبة تطورات العصر قائلا: ” قاعدة القوي يدوس على الصغير تغيرت وأصبحت السريع يدوس على البطء، فكم من مؤسسات ناجحة فشلت بسبب بطئها في مجارة الزمن ومواكبة الأحداث؟!، مبينا أن أن الوقت مهم جدا في كافة مجالات الحياة وخاصة في التجارة” .
وقال الإعلامي فهد بشارة أن ارتباط مفهوم التجارة بالمال فقط غير صحيح معتبرا أن التجارة ليست تعني دائما الربح المالي بل إن نشر الثقافة هو ربح أيضا، وتحدث عن تجربته الشخصية والتأثير الكبير الذي يمتلكه الإعلام على مستوى العالم.
وبين أن نشر الدعوة الإسلامية عبر مواقع التواصل الاجتماعي للعالم بأسره هو تجارة رابحة مؤكدا على ضرورة أن يبذل الإنسان الجهد ويسعى في الحصول على مراده.