حذر المفكر الإسلامي الموريتاني، محمد مختار الشنقيطي، من أن التطورات الأخيرة في حلب ستزيد من خطر الطائفية في المنطقة، واعتبر أنه على الثوار السوريين التخلي عن مواجهة النظام في المدن والتركيز على “حرب الريف”.
وفي تصريحات مطولة لوكالة “الأناضول”، قال أستاذ الأخلاق السياسية وتاريخ الأديان في جامعة حمَد بن خليفة بقطر: إن المليشيات الطائفية إذا سيطرت على الحدود السورية مع تركيا، فسيؤدي ذلك إلى مضاعفة الخطر داخل تركيا نفسها؛ فالطموح الإيراني لا حدود له.
استغلال ملف الأقليات
سقوط حلب – بحسب المفكر الموريتاني – كان متوقعاً؛ فالحرب بالطريقة التي كانت تسير بها الأمور لم تكن حرباً يمكن أن تستمر؛ بسبب الاختلال في موازين القوى، بالإضافة إلى تفرق الفصائل (المعارضة)، والدول الداعمة للشعب السوري عملت تحت السقف الأمريكي ولم تجرؤ على تجاوزه؛ ما جعلها حرباً محسومة النتائج، لكنها أليمة بالنسبة للمدنيين.
ووفق معلومات وردت “الأناضول” من مصادر محلية في حلب، فإن قوات النظام السوري والمليشيات الطائفية شرعت في قتل عدد كبير من المدنيين في حيي الفردوس والكلاسة بالجزء الشرقي من حلب، وشمل ذلك إحراق نساء وأطفال وهم أحياء.
وشدد الشنقيطي على وجود إستراتيجية دولية لتهشيم دول المنطقة الأساسية القريبة من “إسرائيل”؛ فالغرب يستغل الطموح الإيراني والروسي لتهشيم الدول الأساسية في المنطقة، بدءاً بالعراق وسورية، ثم المحاولة الانقلابية الأخيرة في تركيا منتصف يوليو الماضي.
استهداف تركيا
وحول الأحداث الأخيرة في تركيا، ولا سيما التفجير الإرهابي المزدوج في إسطنبول، قال المفكر الإسلامي: استهداف تركيا قد لا يتوقف، فربما يستهدفونها مستقبلاً من خلال حرب أهلية أو طائفية، والأمر فيه تعقيدات ومخاطر كبيرة تحيط بالمنطقة وتركيا على وجه التحديد، ونتمنى أن تكون تركيا معافاة من المشكلات التي وصلت إليها العديد من دول المنطقة، وأن تكون قاعدة الاستئناف التي تنطلق لتخلص الأمة مما هي فيه.
وفيما يتعلق بالجهود التركية في الأزمة السورية، رأى المفكر الإسلامي أن تركيا قامت بدور يشكر ويذكر في استضافة الشعب السوري عبر فتح الحدود، واستيعاب عدد هائل من اللاجئين، لكن تركيا من الواضح أنها مقيدة، وليس كل ما تحب أن تفعله قادرة على فعله، فلا يمكن أن تحارب روسيا وإيران، إضافة إلى أن لديها مشكلات مع الحليف الغربي، الذي ربما يغدر بها في أي لحظة، وأنا أتفهم أن الوضع التركي حرج جداً، وهنالك خطر كبير على تركيا والسعودية مما يجري في سورية.
وزاد بأن الصراع الصفوي العثماني قريب جداً في الذاكرة الطائفية والإيرانية، وإيران أصيبت بالغرور، ويشجعها الفراغ الموجود في المنطقة العربية، وعدم وجود أي قوة تقف في وجهها، لذلك ستستمر ولن يقف التمدد أو بسط النفوذ ومحاولة الاستغلال للتشيع، ورأيناهم يستغلون حتى الزيديين، الذين لم يكن لهم علاقات تاريخية بالشيعة الإمامية، وكسبت العلويين، وهم تاريخياً أيضاً كانت الإمامية تنظر إليهم على أنهم ليسوا مسلمين أصلاً.
حرب عصابات في الريف
وبشأن مستقبل المواجهة في سورية، توقع الشنقيطي أن تساعد تركيا الثوار السوريين على الانتقال إلى إستراتيجية جديدة في الحرب، وهي حرب العصابات وحرب الريف، بعيداً عن الاقتتال في الحواضر؛ فالقتال في الحواضر كلّف الشعب السوري كثيراً، وهي إستراتيجية خاطئة.. حروب التحرير عبر التاريخ كانت عبارة عن حروب عصابات في الريف، والمطلوب من الثوار السوريين أن يتجهوا نحو حرب التحرير، وأن يستعملوا إستراتيجية حرب العصابات، والبعد عن المواجهات التقليدية بين جيشين.
وأردف المفكر الإسلامي قائلاً: أظن أن إستراتيجية حرب العصابات والريف لو تبناها الثوار، وبمساعدة تركيا على بناء قيادة موحدة، ووجود قاعدة آمنة بالمنطقة التي يوجد فيها الجيش التركي في شمال سورية، فسيكون الثوار أقدر على المقاومة.