دورة القدس العاصمة الأبدية لدولة فلسطين”.. عنوان اختاره المجلس المركزي الفلسطيني لجلسات دورته الـ28 على مدى يومين بمدينة رام الله، لكن القدس، وهي العنوان، كانت الحاضرة الغائبة في مداولاته وقراراته؛ فخلا البيان الختامي من أي خطوات عملية وفعلية بالقدس ردا على قرار الرئيس الأميركي دونالد قبل أربعين يوما الاعتراف بها عاصمة لإسرائيل.
واكتفى البيان بإدانة قرار ترمب، واعتبار الإدارة الأميركية فاقدة لأهليتها كوسيط وراع لعملية السلام، وتكليف اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بتعليق الاعتراف بإسرائيل إلى حين اعترافها بدولة فلسطين على حدود عام 1967، وإلغاء قرار ضم القدس الشرقية ووقف الاستيطان.
وبخصوص القدس، تحدث البيان عن ضرورة توفير أسباب الصمود لأبناء المدينة، وضرورة توفير الدعم لنضالهم في التصدي للإجراءات الإسرائيلية الهادفة إلى تهويد المدينة المقدسة، وضرورة وضع برنامج متكامل لتعزيز صمود مواطنيها، وإعادة تشكيل مجلس أمانة العاصمة من خلال صيغة ديمقراطية تمثيلية مناسبة ومتوافق عليها وطنيا.
سردية تاريخية
ابتعد خطاب افتتاح المركزي من قبل الرئيس محمود عباس عن القدس وتحول إلى سردية تاريخية، وعرض للمواقف من القضية الفلسطينية، وهكذا بيانه الختامي، وفق ما يراه الكاتب الصحفي راسم عبيدات.
ليس هذا فقط -يضيف عبيدات- بل كان هناك تغييب للقدس وهي القضية التي يفترض أن تكون في صلب الاجتماعات نظرا لما يحيط بها من مخاطر آخرها قرار ترمب الذي كان يفترض بحث سبل إلغائه، وتوفير إرادة سياسية لوضع توصيات عملية لإنقاذ المدينة.
وفي الوقت الذي توفر فيه بلدية الاحتلال للقدس أكثر من سبعة مليارات شيكل (نحو ملياري دولار) سنويا يؤكد الكاتب المقدسي أن حصة القدس من موازنة السلطة الفلسطينية لا تتجاوز 25 مليون شيكل (نحو ستة ملايين دولار) يصرف فعليا أقل من نصفها.
وبشأن ما يمكن للسلطة أو منظمة التحرير فعله في منطقة خارج سيادتها يؤكد عبيدات “إذا توفرت الإرادة فلا تعدم الوسيلة”، وذكر من حاجات المدينة البناء السكني وإمكانية مساعدة المقدسيين في شرائها.
وخلص إلى أن ما تضمنه بيان المجلس المركزي الليلة الماضية سيظل “حبرا على ورق” ومادة “للاستهلاك الإعلامي” في وقت تقف القدس وحيدة تدافع عن نفسها في حرب شاملة.
وكان رئيس المجلس الوطني الفلسطيني (مقره في العاصمة الأردنية عمّان) سليم الزعنون دعا أواخر ديسمبر الماضي لانعقاد المجلس المركزي، مؤكدا على أهمية هذه الدورة نظرا للظروف الحرجة التي تمر بها القضية الفلسطينية، خاصة عقب الإعلان الأميركي.
ووفق مدير مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني علاء الريماوي، فإن ديباجة أغلب الأوراق التي قدمت للمؤتمر تضمنت قضية الموقف الأميركي من القدس، وكان يفترض أن تصب قراراته في اتجاه أخذ موقف عملي من القرار الأميركي لكنها بقيت مواقف نظرية دون بعد عملي.
وقلل الريماوي من جدوى الحديث عن إقصاء الولايات المتحدة عن لعب أي دور في المفاوضات، في وقت لا يمكن فيه تجاوزها على الأقل في ما يتعلق بالجانب الإسرائيلي.
وأشار إلى مشكلة بنيوية في الموازنة الفلسطينية نتيجة اتفاقيات سياسية تخلت بموجبها السلطة ومنظمة التحرير عن أي الدور بالقدس دون بذل أي جهد لتصحيح هذا الخطأ التاريخي، منتقدا وضع كل الصلاحيات في ما يتعلق بالأقصى في عهدة الأردن، وهي عوامل ساعدت في تفرد الاحتلال بكل ما يتعلق بالمدينة.
محاور ممكنة
ويرى الريماوي ثلاثة محاور يمكن من خلالها للجانب الفلسطيني العمل في القدس، أهمها تبني المدارس الفلسطينية الخاصة التي تشكل نحو 60% من مدارس القدس، وإغلاق الطريق أمام بلدية الاحتلال التي تتلقفها تباعا.
والمحور الثاني إعادة التوازن بين الرعاية الأردنية ودور السلطة بعد تسليم كل مفاتيح الأماكن المقدسة للأردن دون ترك أي موطئ قدم للسلطة.
وأخيرا دعم المؤسسات المقدسية أو على الأقل تسديد المستحقات المتراكمة، مستشهدا بمشافي القدس التي تلجأ إلى الإضرابات للحصول على ملايين الدولارات المتأخرة لها على الحكومة الفلسطينية بدل التحويلات الطبية.
وخلص إلى أن مشاعر نقمة في القدس على سلوك السلطة الفلسطينية التي تجتهد في نشر عناصرها الأمنية لمراقبة المرابطين داخل القدس في وقت تدعي فيه عجزها عن فعل شيء يساهم في صمود سكان المدينة ويوقف مسلسل التهويد.
المصدر: الجزيرة.