في عصر القوة والأكاذيب والانحطاط السياسي، تتوه الحقائق وتضيع الحقوق!
الغرب الصليبي ومعه اليهود الغزاة، لا يألو جهداً في إذلال المسلمين وإضعافهم، وتشويه الإسلام، واستعادة الحملات الصليبية الوحشية التي انطلقت من فرنسا بقيادة بطرس الحافي عام 1095م، والمسلمون للأسف لديهم قابلية لذلك.
هذه الحقيقة يقفز عليها نفر من المحسوبين على الإسلام، ليحمّلوا المسلمين سبب الكراهية أو العنصرية التي يبديها الصليبيون واليهود تجاه ديننا الحنيف.. وبعضهم يجاهر بالقول: لا تضيعوا وقتكم في تعقب المثقفين الفرنسيين الذين يطالبون بحذف آيات القتال من القرآن، ولكن تعقبوا الجماعات والتنظيمات الإسلامية، التي فخخت المدن ومحطات المترو ودور السينما والمسارح والكنائس وحتى المساجد والأضرحة، ورفعت السلاح ضد شعوبها وجيوشها الوطنية، مستندة إلى قراءاتها وتفسيراتها هي لآيات القتال! وكأن قتل ملايين المسلمين بأحدث الطائرات والصواريخ والدبابات والقنابل والغازات في أفغانستان والشيشان والعراق وسورية واليمن والصومال وليبيا ومالي وغيرها؛ حدث بسبب التغيرات الجوية!
لا يمكن القول: إن الصليبيين ومعهم اليهود توقفوا عن حروبهم الوحشية طوال عشرة قرون مضت، حتى يوم الناس هذا، تربيتهم ونشأتهم ومناهجهم تحمل الروح الصليبية الوحشية الهمجية التي تملأ النفوس والعقول والإعلام، والثقافة والفكر والأدب.
تتعدد أشكال المواجهة الصليبية اليهودية للإسلام والمسلمين، وتتنوع حسب التغيرات وتطورات الأوضاع في البلاد الإسلامية، فالحروب المباشرة تتراجع ليحل مكانها أخرى غير مباشرة عن طريق الوكلاء والعملاء، ثم تعود مباشرة بأحدث ما وصلت إليه الأسلحة لتقوم باختبارها على هؤلاء التعساء الذين يطلق عليهم مسلمون، والذرائع أكثر مما يحمله القفا، وتتكفل أجهزة المخابرات الغربية واليهودية بصنعها، وتجنيد آلاف المسلمين من كورت أوغلو، وسعد الدين كوبيك، أو قرضاي، وداعش بطريقة الريموت كنترول.
هناك من المحسوبين على الإسلام من يتطوعون -تحت دعوى الموضوعية- بتبرئة الهمج الهامج، ويعطوننا دروساً في رفض نظرية المؤامرة، أو يحملون الجماعات والأفراد الذين تحركهم أجهزة الغرب واليهود مسؤولية ما يصيب المسلمين والإسلام على يد الصليبيين واليهود!
نحن ضحايا همجية الغرب واليهود، وآلاف من الوكلاء والعملاء، صرنا نراوح مكاننا، وكلما بدت إمكانية القفز إلى الأمام وتجاوز العقبات والمصاعب فرضوا علينا أمراً واقعاً مزرياً مخيفاً يعيدنا إلى مستنقع اليأس والإحباط! الهمج لا يتوقفون عن فرض إرادتهم الوحشية الهمجية بكل السبل والأساليب، لإخراجنا من عقيدتنا الظافرة وثقافتنا الإنسانية، والوكلاء يشدون عزائمهم للتنفيذ!
في 23 من أبريل 2018م، نشرت صحيفة «لوباريزيان» الفرنسية، مقالاً بعنوان: «معاداة السامية الجديدة»، تضمن اتهاماً صريحاً للمسلمين بأنهم وراء انتشار ظاهرة معاداة السامية الجديدة في فرنسا، وأن القرآن كتاب يدعو إلى العنف والقتل وكراهية اليهود والمسيحيين.
بعده تقدّمت 300 شخصية فرنسية ببيان يطالب بتجميد سور من القرآن الكريم، ووقّع البيان الذي نشرته صحيفة «لوباريزيان» أيضاً شخصيات مهمة مثل الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي، ورئيس الوزراء الأسبق مانويل فالس، والممثل جيرار ديبارديو، وحجتهم أن هذه السور التي تبلغ ثلاثين سورة تعادي السامية أيضاً وتدعو إلى القتل.
في التوقيت ذاته، دعا حزب “التقدم” اليميني النرويجي، المشارك في الائتلاف الحكومي، إلى إسكات الأذان في المساجد، وقال جون هيلغهيم، المتحدث باسم الحزب، المعروف بخطابه العنصري: “لا يعنيني ما تقوله قوانين حقوق الإنسان في هذا الموضوع، ما يهمني هو أن يعيش المقيمون قرب المساجد في هدوء وسكينة، دون إزعاجهم بالأذان”، علماً أن الأذان يرفع عبر سماعات داخل المساجد، ولا يرفع خارجها، وسبق لوزارة العدل أن ردت على الدعوة بأنها تعدٍّ على الحرية الدينية وتجاوز للمعاهدة الأوروبية لحقوق الإنسان.
وكشفت شبكة “NBC نيوز” الأمريكية، في 23 أبريل 2018م، معلومات مثيرة عن مؤسسة بحثية كان يترأسها جون بولتون، مستشار الأمن القومي الأمريكي الجديد لمدة 5 سنوات وقالت الشبكة: إن بولتون ترأس مؤسسة “جيتسيون إنستيتيوت” ومقرها نيويورك “بهدف الترويج لأفكار مضللة وغير صحيحة عن المسلمين”، وإثارة ذعر الغرب من سيطرة الجهاديين على مقدرات الغرب في مدى قريب، وقتل أعداد كبيرة من ذوي البشرة البيضاء.. بولتون مشهور بالمواقف المتشددة ضد المسلمين، وصاحب نظرية الحرب الاستباقية، والولاء للعدو النازي اليهودي.
وعلى الجانب الآخر، طالب شخص جزائري بحذف سورة الإخلاص وإلغاء درس فرائض الوضوء من المناهج التعليمية في المرحلة الابتدائية، بمدارس الجزائر؛ بحجة أن تلميذ الابتدائي لا يفهم معنى السورة مع سهولة حفظها، لأن “الطفل لا يعرف الأشياء المجردة، ولا يفهم محتوى السور”، وأيضاً لا يستوعب فرائض الوضوء لصغر سنه، كما يدعي.
الصليبيون ومثقفوهم، يعلمون جيداً أن العرب هم الساميون الحقيقيون، وأن معظم اليهود الغزاة في فلسطين المحتلة ليسوا ساميين، بل من السلاف والخزر والقبيلة الثالثة عشرة، وأن آيات الجهاد تأتي دفاعاً عن النفس، وأن القرآن الكريم يتحدث عن أنبياء اليهود والمسيح عليه السلام بكل تقدير واحترام، ويوجب الإيمان بهم، ويحث على التواصل مع أهل الكتاب والتعامل معهم ما لم يعتدوا، فالدفاع عن النفس أمر مشروع في كل الشرائع والدساتير والقوانين، وقد دعا الإسلام البشر جميعاً إلى الدخول في السلم (ادخلوا في السلم كافة).
الهمجية الصليبية تعرف طبيعة الإسلام جيداً، وتعلم أن كورت أوغلو، وسعد الدين كوبيك، والجماعات الجاهلة من تصنيع أجهزتهم ومخابراتهم، ومسألة شحن العالم بكراهية الإسلام والمسلمين (فوبيا الإسلام) جرت منذ زمان بعيد منذ خطبة البابا أوربانوس في سان مونت كلير عام 1095م، وشارك فيها أدباء ومفكرون كبار يفخر بهم كثير من أنصار الثقافة الغربية عندنا، مثل فولتير الذي كتب مسرحية قبيحة اسمها “محمد” يصور فيها نبينا الكريم صلوات الله عليه وسلامة تصويراً بذيئاً، وهناك شاعر إنجليزي يدعى جون ليدهيت اقتبس سيرة شعبية تدعي أن الرسول -صلي الله عليه وسلم- كان يضع حبات القمح في أذنه ليلتقطه الحمام ثم يزعم أن الوحي يأتيه من السماء، وجاء بعده شكسبير ليستوحي القصة المفبركة في مسرحية “هنري الرابع”، ليكون المسلم في الذهن الصليبي واليهودي بربرياً وهمجياً ودموياً وقاطع طريق، وهناك آخرون يعلمون حقيقة الإسلام وأشادوا به وعبروا عن احترامهم العميق له مثل شاعر الألمان جوتة، وشاعر الروس بوشكين، وكاتبهم الروائي تولستوي، ولكنهم للأسف قلة!
تمنيت من بعض المحسوبين على الإسلام أن يراجعوا بعض مواضع الكتاب المقدس لليهود والنصارى ويخبروننا برأيهم من الأحق بتجميد بل إزالة الآيات من كتابه؟ وهذه نماذج قليلة: (حزقيال:6-9)، (إرميا 48: 10)، (خروج 32: 27) ،(عدد 25: 4-5)، (تثنية 20: 11- 17)، (صموئيل الأول: 15 -3).
الله مولانا، اللهم فرج كرب المظلومين، اللهم عليك بالظالمين وأعوانهم!