يبذل الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، جهودًا حثيثة من أجل استخدام العملة الوطنية في التبادلات التجارية مع شركاء بلاده حول العالم، وخاصة في ضوء الحرب الاقتصادية التي تتعرض لها تركيا خلال الآونة الأخيرة.
وقبل أيام، وخلال كلمة ألقاها لدى مشاركته في مراسم افتتاح عدة مشاريع خدمية أقيمت في ولاية قيصري وسط تركيا، قال الرئيس التركي: “نحن نتخذ خطوات باتجاه إجراء التجارة مع روسيا والصين وإيران بالعملات المحلية”.
وأشار أردوغان إلى أنه اقترح على الدول الثلاث التعامل بالعملات المحلية بدلا من الدولار أو اليورو، مبينا أن “المقترح لاقى ردا إيجابيا”، فيما لم يعلن عن أي اتفاق فعلي في هذا الشأن.
كما شدد أردوغان على ضرورة التعامل بالليرة التركية محليا بدلا من العملات الأجنبية، وقال إن ذلك “من شأنه أن يُساهم في إفشال المؤامرات التي تستهدف تركيا واقتصادها”، ولفت إلى أن العملات الأجنبية تستخدم أداة ضغط حاليا.
وقال أيضًا: “نحن مستعدون لتأسيس نفس النظام، (استخدام العملة المحلية) مع الدول الأوروبية، إذا كانت تريد الخروج من قبضة الدولار”.
صحيفة “موسكوفسكي كومسوموليتس” الروسية، قالت في مقال إن الأزمة الدبلوماسية التي اندلعت بين الولايات المتحدة وتركيا تسببت في حرب تجارية وأدت إلى انخفاض حاد في قيمة الليرة التركية.
وأوضحت الصحيفة أن أردوغان يخطب بالحشود بنشاط، ويحث المواطنين على تغيير العملة الأجنبية إلى الليرة، من أجل إنقاذ الاقتصاد. ومن بين التدابير لمواجهة الأزمة، أعلن عن التحول إلى التداول بالعملات المحلية مع الشركاء الاقتصاديين الرئيسيين، روسيا وأوكرانيا والصين وإيران.
تعليقا على ذلك، رأى المحلل في مجموعة “فينام”، أليكسي كورنييف، أن روسيا تكسب من ذلك، وأن “الحسابات المباشرة بالعملات الوطنية مع تركيا، ومع الدول الأخرى، ستلقى اهتماما لدى العديد من الشركات الروسية، وفق وكالة “RT”.
أولاً: لأن ذلك يقلل من تكاليف الإجراءات الخاصة بأطراف المعاملة: تقوم مباشرةً بتحويل عملة إلى أخرى من دون مرحلة وسيطة من التحويل إلى دولار.
ثانياً: في ظروف العقوبات، من المحتمل أن تواجه الشركات – الروسية والتركية على السواء- صعوبات في حساب الدولارات.
ثالثًا: والأهم من ذلك، يتم تقليل مخاطر سعر الصرف، أسعار صرف العملات يمكن أن تتغير بسرعة، والمثال الواضح على ذلك انخفاض قيمة الليرة التركية، في حين تمتد عقود التوريد أحيانا لفترات طويلة جداً.
في مثل هذه الظروف، قد يكون من المفيد الاحتفاظ بالمبلغ اللازم من عملة الشريك وعدم التخوف من الخسارة نتيجة التقلبات الحادة في سعر الصرف، بما في ذلك تقلبات الدولار مقابل عملات أطراف الصفقة”.
وتواجه تركيا في الآونة الأخيرة، حربًا اقتصادية من جانب قوى دولية، ما تسبب في تراجع سعر صرف الليرة، وارتفاع نسب التضخم في البلاد.
قال الكرملين يوم الإثنين الماضي: إن روسيا تفضل إجراء معاملات التجارة الثنائية مع جميع الدول بعملاتها الوطنية بدلا من الدولار، وتقوم منذ فترة طويلة بدراسة الأمر على أعلى المستويات.
ولدى سؤاله عن اقتراح أردوغان قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف: إن روسيا تطالب بمثل هذا الترتيب مع جميع الدول. وأضاف أن المسألة أثيرت في أكثر من مناسبة خلال المحادثات الثنائية بين تركيا وروسيا.
وقال النائب الأول لرئيس الوزراء الروسي وزير المالية أنطون سيلوانوف: إن بلاده ستقلص من تعاملاتها بالدولار الأميركي وستزيد اعتمادها على عملات دول أخرى في التبادلات التجارية.
وفي مارس الماضي أعلنت الصين شروعها بتداول عقود النفط الخام المقومة بالعملة الصينية اليوان في بورصة شنغهاي الدولية للطاقة.
ويعتقد مراقبون أن هذه الخطوة الصينية ستزيد الضغوط على الدولار الأميركي بأسواق النفط.
وقبل أيام قال أردوغان: “نتعرض لهجمات اقتصادية على الرغم من أنه لا توجد مشاكل في معطيات الاقتصاد الكلي ولا النظام المصرفي ولا الإنتاج ولا التوظيف في تركيا.
من الواضح أن سبب هذه الهجمات أمر آخر تمامًا. لا نخضع ولا يمكن أن نخضع لأي كان. شعب لم يخشَ الدبابات هل تخيفه مثل هذه الأمور؟ لا يمكن للدولار أن يقف عائقًا في طريقنا. لا تقلقوا أبدًا”.
المصدر: “ترك برس”.