بنصف جسد يتدحرج بخفة ككرة الثلج وصولاً لهدفه، إنه الشاب يوسف أبو عميرة (24 عامًا) ولد دون أطراف لكنه تخطى مراحل عدة كما الجميع حتى حصل على شهادة البكالوريوس في الشريعة والقانون، متحدياً كافة الصعوبات والمعيقات التي واجهته، وفي كل مرة يصر على المضي قدمًا لتحقيق كامل أحلامه.
مراسل “المجتمع” في غزة التقى أبو عميرة، وأجرى معه حواراً.
قال يوسف لـ”المجتمع”: إنه لم يدرس في رياض الأطفال بسبب وضعه الخاص الذي ولد به، لكنه أصر على الدراسة والعلم، قابله ترحيب من قبل والديه اللذين ساعداه في الالتحاق بالمدرسة، وتمكن من الدراسة في إحدى المدارس التابعة لـ”الأونروا” في معسكر الشاطئ غرب مدينة غزة.
يضيف يوسف: إنه عندما التحق بالمدرسة ووجد زملاءه يكتبون ويقرؤون وهو عاجز عن ذلك، عاد إلى البيت يبكي بحرقة قائلًا لوالدته: أريد أن أكتب مثل باقي الطلاب، فبكت والدته واحتضنته، وكان هذا دافعًا قويًا له نتيجة دعم عائلته له؛ فأكمل تعليمه الابتدائي والإعدادي والثانوي حتى التحق بالجامعة، وكان له ما أراد حتى نال شهادة البكالوريوس في الشريعة والقانون.
وأبرز المعيقات والصعوبات التي واجهت يوسف أثناء الدراسة هو السير نحو المدرسة، حيث كان يتعب ويكابد في الوصول إليها نتيجة عدم تعاون السائقين معه ويرفضون الوقوف له نتيجة وضعه؛ مما كان يضطره إلى الانتظار لساعات حتى يجد من يساعده في الوصول إلى المدرسة، مضيفاً أن الكرسي الكهربائي الذي كان يستخدمه بسبب انقطاع التيار الكهربائي باستمرار بغزة تكون البطارية فارغة وغير مشحونة وهو ما سبب له الكثير من المتاعب.
طموحات يوسف لم تتوقف على إنهاء مسيرته الجامعية، بل إصراره على الحياة وحبه لها جعله يمارس الرياضة، منها السباحة، إضافة إلى لعبة الكاراتيه؛ فأتقن السباحة والكاراتيه رغم صعوبتهما بالنسبة لحالته، لعدم وجود أطراف لديه خاصة أن هاتين الرياضتين تعتمدان على الأطراف، لكنه أبدع بفضل الله أولاً ثم بإصراره وعزيمته.
التحق أبو عميرة بأحد الأندية لممارسة لعبة الكاراتيه رغم صعوبتها وخطورتها، إلا أنه حقق نجاحات كثيرة بها، وشارك في بطولة الكويت العربية “أون لاين”، محققاً المركز الثاني في البطولة، طامحاً إلى الوصول للعالمية وتحقيق العديد من البطولات والإنجازات، وأن يشارك في بطولات دولية ويمثل فلسطين ويرفع علم بلاده في المحافل الدولية.
كما يطمح يوسف إلى إكمال دراسته الأكاديمية للحصول على درجة الدكتوراه، وأن يكون محاضرًا في إحدى الجامعات.
طموحات يوسف كثيرة، وهواياته وشغفه كبير أيضاً، حتى إنه واكب التكنولوجيا بطريقته الخاصة، ووظفها أيضاً بطريقة مميزة؛ فأنشأ قناة عبر “يوتيوب” يركز في المحتوى على إيصال رسائل تحدٍّ وحب لكل من يتابعه ويشاهده، معرباً عن أمنياته بأن يصل المشتركون فيها إلى 20 مليوناً.
لم تمنع إعاقة يوسف التي صاحبته منذ ولادته عن أن يرسم قصة تحدٍّ وتميز فريدة، مواصلاً حياته بكل حيوية ونشاط، مصراً على النجاح والتفوق في كل المجالات رغم صعوبة ومشقة الحياة.