تأجل عرض فيلم The Lady Of Heaven أو “سيدة الجنة” –لمؤلفه الكويتي الهارب بسبب إساءته للصحابة وللسيدة عائشة ياسر الحبيب- الذي أثار الكثير من الجدل وردود الأفعال الغاضبة، من أول يناير الجاري 2021 لأجل غير مسمي، لرفض دول عربية وإسلامية عرضه، وتعطُّل دور السينما في أوروبا وبريطانيا -حيث أنتج الفيلم- بسبب وباء كورونا، بالإضافة إلى الانتقادات الحادة ضد الفيلم.
ويحكي فيلم سيدة الجنة قصة حياة السيدة فاطمة الزهراء ابنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى الرغم من قول منتجيه بأنه لا يجسد شخصيات من عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأنه يعتمد على تأثيرات الكاميرات والإضاءة، فإن دعاية الفيلم أظهرت عكس ذلك؛ وهو ما أدى إلى أن يرفضه علماء؛ فقد ظهرت لقطة في فيديو الترويج للفيلم (التريلر) تبدو كأنها للنبي محمد صلى الله عليه وسلم وصوته وهو يقبل ابنته فاطمة عليها السلام، بجانب الكثير من التجاوزات والمعلومات الخاطئة في الفيلم.
ويظهر في العرض الترويجي للفيلم تجسيد لأصوات كل من النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك ابنته السيدة فاطمة، لشرح أحداث ظهور الإسلام قبل 14 قرنا، كما تظهر الزهراء كـ “نور”.
وقد جسد العمل شخصيات أخرى من صحابة النبي منهم بلال مؤذن الرسول وطلحة بن عبيد الله، وسلمان الفارسي رضي الله عنهم.
مؤلف الفيلم مسيء للصحابة والسيدة عائشة
ومؤلف قصة الفيلم “ياسر الحبيب” هو رجل دين شيعي كويتي المولد، أسقطت جنسيته عام 2010 بسبب سبه الصحابة والإسلام، ويعيش في لندن منذ العام 2004 بعدما غادر الكويت هربا من حكمين صادرين بسجنه عشرة أعوام بتهمة الإساءة إلى أول الخلفاء الراشدين أبو بكر الصديق وثانيهما عمر بن الخطاب.
كما أساء “ياسر الحبيب” إلى زوجة الرسول السيدة عائشة –رضي الله عنها- في أحد أحاديثه، وزعم أنها “في النار”، ما أغضب السنة وبعض الشيعة، واتهمته قنوات وصحف شيعية بأنه عميل لاستخبارات أجنبية وتبرأت منه.
قصة الفيلم
تدور أحداث الفيلم حول أعمال العنف التي قام بها تنظيم داعش في العراق والتي يجري فيها قتل والدي طفل عراقي، ثم تروي له جدته التي انتقل للعيش معها قصة فاطمة الزهراء؛ ليعود الفيلم 1400 عام؛ ليروي قصة ابنة النبي لكن بطريقة مشوهة كأنها قُتلت أيضا بسبب الإرهاب، بينما توفيت رضي الله عنها بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وفاة طبيعية كما تروي كتب السير.
وأنتجت الفيلم شركة “إنلايتد كينجدوم”، وبرر منتج الفيلم “حسين أشمير” تجسيد حياة السيدة فاطمة الزهراء بدعوي أن هناك 250 فيلماً عن المسيح و120 فيلماً عن موسى و80 فيلماً عن الأنبياء الآخرين و40 فيلماً عن بوذا و9 أفلام عن مريم، ولا يوجد شيء عن حياة السيدة فاطمة ابنة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم).
وفريق عمل الفيلم أجانب يضم: راي فيرون ومارك أنتوني برايتون ودينيس بلاك وأوسكار جارلاند وطريس جارمان وأليكس لانيبيكون وأركان مانتيلا وهانا روز كاتون وأندرو هاريسون ومن إخراج جون ستيفنسون.
الأزهر وإيران يرفضان
وقد أصدر الأزهر الشريف بيانًا صحفيًا بتاريخ 27 ديسمبر الماضي 2020 على لسان الدكتور محمد مهنا عضو هيئة كبار علماء الأزهر، أكد فيه ثبات موقف الأزهر من تحريم تجسيد النبي محمد وجميع الأنبياء وأفراد أسرهم النبي (زوجات وبنات وأبناء).
وأكد البيان أن عرض هذا الفيلم يكرس استمرار ازدراء الغرب وبعض المتطرفين لمقدسات ومعتقدات المسلمين وعدم احترام مشاعر المسلمين، وشدد على رفض تجسيد كل الأنبياء والصحابة وآل بيت النبي، لكن الأزهر لم يعلن حتى الآن عن أي إجراءات لمحاولة منع عرض الفيلم، كما طالب نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي.
لكن “المجتمع” علمت أن هناك توصية أزهرية وجهت لـ”هيئة الرقابة على المصنفات الفنية” التابعة لوزارة الثقافة، التي تجيز عرض الأفلام الأجنبية بعدم عرض الفيلم في مصر لأنه مخالف للإسلام، وهي التوصية نفسها التي تم بسببها سابقا منع أفلام تجسد الأنبياء ومنها فيلم يجسد النبي عيسى عليه السلام.
وكانت هيئة الرقابة المصرية على الأعمال الفنية قد حظرت عرض فيلم “آلام المسيح” في عام 2004، و”نوح” و”الخروج.. آلهة وملوك” عام 2014، لأنهم يصورون شخصيات الأنبياء.
وردا على سؤال عن تجسيد شخصية السيدة فاطمة، أكدت دار الإفتاء المصرية حرمة تجسيد الأنبياء وأبنائهم والصحابة في الأعمال الفنية؛ مراعاة لعصمتهم ومكانتهم، فهم أفضل البشر على الإطلاق، ومن كان بهذه المنزلة فهو أعز من أن يمثل أو يتمثل به إنسان.
وأضافت “الإفتاء” في فتوى أن “الشرع نزه صورهم أن يتمثل بها حتى الشيطان في المنام، وأن تجسيدهم ينطوي على مجموعة من المفاسد مثل كونه ليس مطابقا لواقع حياة الأنبياء من أن أفعالهم تشريع، وأن التمثيل يعتمد على الحبكة الدرامية مما يدخل في سيرتهم ما ليس منها، والمقرر أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح”.
كما أكدت إيران منع عرض الفيلم فيها، وأفادت مواقع “اجتهاد وعلم” الإيرانية أن أربعة مراجع دينية شيعية حرمت دعم الفيلم أو الترويج له، وعرضه أو مشاهدته؛ “لأنه يعمق الخلاف في الأمة الإسلامية بين السنة والشيعة، ويصب في مصلحة أعداء الإسلام”.
وتقول صحف ومواقع شيعية إن “وراء فيلم سيدة الجنة أجهزة استخبارات لتأجيجِ الفتنِ المذهبيّة بين السنة والشيعة”، وإن الفيلم “ظاهره ديني وباطنه تحريضي”؛ لذا تم منع عرضه في إيران أيضا بجانب دول إسلامية وعربية عديدة، منها باكستان التي حظرته في 5 يناير الجاري 2021.