لازالت أوضاع المسلمين في أوروبا خاصة بأسبانيا مثار تخوفات تستوجب التحذير المستمر، وفق مرصد الأزهر الشريف لمكافحة التطرف، في ظل أوضاع متناقضة بين محاولة حكماء إصلاح الأوضاع مع المسلمين وإصرار المتطرفين على ارتكاب جرائم تمييز ضد مسلمي أسبانيا، وسط محاولات من مشيخة الأزهر لتأكيد حقوق المسلمين في أوروبا خلال اللقاءات الأخيرة لشيخ الأزهر أحمد الطيب مع مسؤولين غربيين بارزين.
مسيرة غاضبة
وثمن مرصد الأزهر الشريف في متابعة جديدة اليوم الثلاثاء تنظيم جمعية مناهضة العنصرية في العاصمة الإسبانية “مدريد”، مسيرةً تحت شعار: “خطاب الكراهية في المؤسسات.. جرائم كراهية في الشارع”؛ احتجاجًا على قانون الهجرة الإسباني.
وقال المرصد في بيان وصل مراسل “المجتمع” أن هذه المسيرات تسهم في التوعية بخطورة العنصرية على استقرار المجتمعات ووحدتها، وتدل في الوقت ذاته على أن أوروبا -وإن كانت تنتشر بها بعض الأصوات الداعية للكراهية والتفرقة العنصرية- فإنها لا تعدم بعض المنصفين الذين يدعون إلى إحياء العدل والمساواة بين الجميع في الحقوق، بغضِّ النظر عن العرق أو الدين.
ونقل المرصد شهادة موثقة لأكاديمي أسباني أكد ممارسة بعض الأطياف السياسية لـ”الإسلاموفوبيا” على غرار اليمين المتطرف.
أكاديمي أسباني: الإسلاموفوبيا تمارس بحماية سياسية
شهادة موثقة
ونقل المرصد شهادة أدلى بها دانيال خيل بن أمية، أستاذ الدراسات العربية والإسلامية بجامعة كومبلوتنسي في مدريد، والتي أكد فيها أن أغلب الأطياف السياسية باتت تمارس شكلًا من أشكال “الإسلاموفوبيا” عبر البروتوكولات التي توضع لمواجهة التطرف، والتي قد تنتهك بعض حقوق المسلمين.
كما أوضح “بن أمية” أن هناك تمييزًا دينيًا ضد المسلمين من الناحية العملية، وضرب مثالًا على ذلك بإشكالية دفن المسلمين في إسبانيا وفقًا للشعائر الإسلامية، وبناء المساجد، وتدريس مادة التربية الدينية الإسلامية.
واعتبر المرصد أنه رغم الجهود التي تبذلها الحكومة الإسبانية لسنّ قوانين ولوائح من شأنها منح الجالية المسلمة حقوقها، إلا أنه يجب تفعيل تلك القوانين على أرض الواقع؛ ليسهم المسلمون بشكلٍ فعالٍ في مجتمعاتهم الغربية.
وطالب المرصد بمراعاة حقوق المسلمين في التنعم بحياة آمنة وهادئة دون تضييق، إثر الإجراءات التي تم اتخاذها لمكافحة التطرف والإرهاب.
وفي هذا الإطار ثمن المرصد الأزهري المشروع الذي قدمته مجلس الخدمات الاجتماعية في بلدية “قَرْطاجَنَّة” الإسبانية، والذي يهدف إلى تعزيز المعرفة بالتنوع الديني والتعايش ولغة الحوار بين الأديان من خلال تنظيم بعض المؤتمرات وورش العمل.
ووفق ما ذكره موقع راديو “مرسيه” الإقليمي الإسباني، فإن مشروع “الأديان: من الثقافة إلى التضامن” يتضمن برنامجاً توعوية للمواطنين من مختلف الطوائف الموجودة في البلدية، مع التركيز بشكل خاص على إسهاماتهم التاريخية، وإظهار رؤية مختلفة للدور الذي يلعبونه في مجالات التضامن والاندماج المجتمعي في الوقت الحالي.
مفوضة الاتحاد الأوروبي: التمييز ضد المسلمين مشكلة لدينا
لقاء مفوضة الاتحاد الأوروبي
وفي سياق متصل، اعترفت إيلفا يوهانسون، مفوضة الاتحاد الأوروبي للهجرة والشئون الداخلية، بأن “أوروبا تواجه الكثير من التحديات مثل الإسلاموفوبيا واليمين المتطرف والعنصرية المتزايدة وغيرها من المشكلات التي تهدد أمن المجتمعات الأوروبية واستقرارها، وتحتاج إلى تضافر كل الجهود في مواجهتها والقضاء عليها”.
جاء ذلك خلال لقاءها أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، أمس، في مقر مشيخة الأزهر.
وأعربت مفوضة الاتحاد الأوروبي للهجرة والشؤون الداخلية عن تقديرها للدور الذي يقوم به الأزهر الشريف في إرساء السلام وتعزيز الحوار ومواجهة التطرف محليًا وعالميًا.
من جانبه أكد الشيخ أحمد الطيب أن الأزهر يواصل التقريب بين أتباع الأديان المختلفة، أو بين مدارس الفكر الإسلامي، ومكافحة التشدد وإرساء السلام على المستويين المحلي والعالمي.
شيخ الأزهر: الصراعات المفتعلة هدفها ترويج سوق الأسلحة
وشدد على أن الأزهر كان أول من تبنى إرساء مفهوم “المواطنة” وإلغاء مفهوم “الأقليات” في مؤتمر انعقد لهذا الغرض، إيمانا منه بأن المواطنين جميعا سواء في الحقوق والواجبات بجانب الكثير من الجهود الخارجية الهادفة إلى تعزيز الحوار وإرساء السلام العالمي.
وشدد شيخ الأزهر على أن الأديان مرشحة الآن لنشر رسالة السلام، شريطة أن يتم فهمها فهمًا صحيحًا وأن يتلاقى قادتها على تلك الغاية بصدق وإخلاص، مشيرًا إلى أن السياسات العالمية التي تنتهجها الدول الكبرى هي المسؤولة عن ما نعانيه من تطرف و صراعات مفتعلة لا يخفى على أحد هدفها المتمثل في ترويج سوق الأسلحة.
الحوار بين الأديان
وفي محاولة لتعزيز قيم التعايش في الغرب، أعلن شيخ الأزهر في لقاءه فرانك هارتمان، السفير الألماني لدى القاهرة، أول أمس، أن الأزهر على استعداد كامل لتدريب الأئمة الألمان ضمن برنامج تدريب الأئمة والوعاظ بأكاديمية الأزهر العالمية لتدريب الأئمة.
وأكد الطيب أهمية تفنيد الأفكار المتطرفة، ودعم قيم الاندماج الإيجابي والتعايش بين المسلمين وغيرهم من أتباع الديانات المختلفة.
السفير الألماني بالقاهرة: ملتزمون بالتعايش وقيم السلام
من جانبه، شدد السفير الألماني على التزام بلاده بدعم الحوار بين الأديان والمضي قُدمًا في ترسيخ قيم السلام العالمي والتعايش بين الجميع.