تقع بوروندي في وسط أفريقيا بمنطقة البحيرات العظمى، يحدها من الشمال رواندا، ومن الغـرب الكونغـو، وتنزانيـا جنوباً وشرقاً، وهي دولة غير ساحلية، ويقدر عدد السكان بنحو 11.5 مليون نسمة، وتبلغ مساحتها 27.8 ألف كم2، وينتمي معظم السكان إلى قبائل هوتو بنسبة 80%، وقبائل توتسي بنسبة 15%، وأعراق أخرى، والعاصمة بوجمبورا (بوزنبورا)، واللغة الرسمية الكيروندية والفرنسية.
ويبلغ عدد المسلمين نحو 1.3 مليون، بنسبة 10%، ويتحدثون اللغة السواحلية، و60% من سكان بورندي مسيحيون، و30% ذوو معتقدات محلية، ويتواجد المسلمون في العاصمة بوجمبورا، كما ينتشرون في أماكن مختلفة بنسبة متقاربة بين قبيلتي هوتو وتوتسي.
تعرضت بوروندي للاحتلال الألماني (1894-1916م) ثم الاحتلال البلجيكي (1919- 1962م)، ونالت استقلالها عام 1962م، وقد وضع الاحتلال البلجيكي فتيل الحرب الأهلية بعد رحيله، فأعطى المناصب العليا في الدولة لأقلية توتسي؛ ما أدخل البلاد في حروب أهلية وصراع على السلطة بين أغلبية هوتو وأقلية توتسي حتى اليوم، ومنها حربان قاما عامي 1970، و1972م، أديتا إلى مقتل 100 ألف شخص، وفي أعوام 1990 و1993 و1996 و2015م حدثت انقلابات على الحكم واقتتال عنيف أدى إلى مقتل أكثر من نصف مليون، ونحو مليوني لاجئ.
وقد جعلت تلك الحروب بوروندي من أفقر 10 دول في العالم؛ حيث يعيش 82% من السكان تحت خط الفقر بـ1.25 دولار في اليوم، ولا تتوفر فيها الخدمات الأساسية؛ فمعظم الشعب يعيش بلا كهرباء، و50% من الأطفال يذهبون إلى المدرسة، والطرق غير ممهدة، ولا توجد بها خطوط سكك حديدية، وتدني مستوى الرعاية الصحية؛ فنصف مليون شخص مصابون بالإيدز بنسبة 2.3%، وترتفع معدلات الوفاة.
وتوجد علاقات بين بوروندي و«إسرائيل»؛ حيث يتم تبادل الزيارات الرسمية بين المسؤولين، وتقدم «تل أبيب» خبرتها في مجالات الزراعة والأمن والاستخبارات.
المسلمون ومشكلاتهم
بوروندي دولة علمانية تحترم الحريات الدينية وممارسة العبادات ولا تدعم أي نشاط ديني؛ فالمسلون يمارسون حياتهم وعبادتهم بحرية كسائر الشعب، وعيد الفطر عطلة رسمية في الدولة، وتوافق الحكومة على القرارات التي تتخذها الهيئات الإسلامية فيما يخص الأحوال الشخصية للمسلمين.
ويشارك المسلون في تولي المناصب العامة في الدولة، وينالهم ما ينال رجال السياسة من التعرض للاغتيال، فقد تعرض بعض القيادات السياسية من المسلمين للاغتيال؛ فتم اغتيال زيدي فيروزي، رئيس حزب سياسي، وحفصة موسى، نائبة في المجلس التشريعي عام 2015م.
ويعاني المسلمون مثل سائر شعب بوروندي من الفقر والجهل، وعدم توافر حياة كريمة، فضلاً عن أخطار التبشير التي خصصت لها إمكانات ضخمة.
لا يوجد تعليم ديني في المدارس الحكومية في بوروندي؛ لذا أنشأ المسلمون المدارس الإسلامية التي تهتم بتعليم اللغة العربية والقرآن الكريم والعلوم الشرعية، ومنها: مدرسة التوحيد الأهلية الابتدائية، ومدرسة الحسين الأهلية، ومدرسة الإرشاد، ومدرسة التهذيب والمدرسة السنية، ومدرسة الجمعية العربية الإسلامية، وغير ذلك، لكن هذه المدارس في حاجة إلى تطوير مناهجها ومدها بالمدرسين والكتب الإسلامية المترجمة.
وتوجد في بوروندي الجمعيات الإسلامية التي تهتم بشؤون المسلمين، ومنها: الجمعية الأفريقية (أسمابو)، والجمعية العربية الإسلامية (أمابو)، والرابطة الإسلامية، والمجلس الإسلامي الأعلى، وجمعية الدعوة الإسلامية العالمية التي تعتبر من أهم المنظمات في بورندي، ولها علاقات جيدة بالحكومة، وقد ساهمت في إنشاء الجامعة الإسلامية بويزا، والإعلام المرئي والمسموع، وتقدم القوافل الطبية والأنشطة الدعوية والثقافية وتنظيم برامج تعليم اللغة العربية، وتعمل على إنشاء مسجد ومدرسة في منطقة رومنقي.
ويعاني المسلمون من نقص كبير في المدارس الإسلامية والمساجد، فالدولة لا تمانع في إنشاء المدارس الإسلامية والمساجد بالجهود الذاتية، كما يعانون من عدم وجود دعاة يجيدون اللغات المحلية يعلمونهم أصول دينهم، ويحتاجون كتباً عن الإسلام باللغة السواحلية والفرنسية.
_____________________________________
1- د. أحمد محمود السيد: الأقلية المسلمة في بوروندي، مجلة البيان، 31 مارس2011م.
2- الشيخ شعبان علي سنجيورا نائب مفتي بوروندي: مسلمو بوروندي قابضون على دينهم في مواجهة إرساليات التبشير، حوار: أحمد فوزي، صحيفة الجريدة الكويتية، 22/6/2015م.
3- أسومبتا نانيوي: مؤسسة الباشينغانتاهي في بوروندي، ضمن كتاب: العدالة والمصالحة التقليديتان بعد الصراعات العنيفة، التعلم من التجارب الأفريقية، ترجمة: نايف الياسين، المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات، 2017م.