ما الفارق بين ضحك وبكاء إنسان العصور السحيقة وإنسان العصر الحالي، أو بين سكان القطب الشمالي وسكان أحراش أفريقيا؟
لا فرق..
البشر جميعا منذ آدم وحتى الجيل الذي سيشهد مرور الجبال مر السحاب متشابهون في الضحك والبكاء، في مشاعر الفرح والحزن؛ ذلك لأن البشر -كل البشر- متشابهون في الجوهر.
قد تتفاوت الأجيال بحكم التطور في العلم والتكنولوجيا، ولكن تظل المشاعر واحدة بين البشر مهما امتد العمق الزماني والاتساع الجغرافي لتواجد الإنسان على الأرض.
أنت تشبهني، وأنا أشبهك، وكلانا يشبه آدم، وسكان الأكواخ في الأحراش يشبهون سكان القصور في أعالي الجبال، يفرقنا في الخِلقة المظهر والشكل واللون، والذكاء والقوة والقدرة، ولكن يجمعنا جميعاً في الشَّبَه، جوهر واحد.
وسبحان من أبان هذه الحقيقة في إيجاز مُعجِز في آية مفردة من سورة “النجم”: (وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى).
هذه المشاعر هي جوهر الإنسان وعنوانه الحقيقي.
وبرغم تجاهل عموم الناس لهذه الحقيقة فإنهم يبرزون تلك الحقيقة في آدابهم وأساطيرهم وخيالاتهم.
أبطال القصص والأساطير والأشعار هم أصحاب مشاعر الحب والعطاء والتضحية: روميو وجولييت، قيس وليلى، بروميثيوس، دونكيشوت، جان فالجان..
لم يُغَنِّ الناس للذكاء والفطنة والدهاء، لكنهم غنوا للحب والفرح والحزن والألم.
يبحث الناس في قصصهم وأساطيرهم وأغانيهم عن الجوهر الذي أهدروه في معاركهم اليومية في صراع الحياة.
البشر متشابهون تفصلهم جدران موهومة من المظاهر، والذي يكتفي بقراءة الكتاب من عنوانه دون الدخول في مضمونه، سيظل أسيراً لضلالته وجهالته بتقييم الإنسان بالمظهر.
وإذا كانت هذه خطيئة بشرية فالعدل الإلهي يضع الميزان: (إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) (الشعراء: 89).
وقال صلى الله عليه وسلم: “إنَّ الله لا ينْظُرُ إِلى أجْسَامِكُمْ، ولا إِلى صُوَرِكمْ، وَلَكن ينْظُرُ إلى قُلُوبِكمْ وأعمالكم” (رواه مسلم).