بدأ الاتحاد العام التونسي للشغل الذي يضم نحو مليون عضو، اليوم الخميس، إضراباً عاماً احتجاجاً على تردي الأوضاع الاقتصادية، ورفض الحكومة مطالبه بزيادة رواتب العمال والموظفين، وتنديداً بالإجراءات التي اقترحتها الحكومة بهدف الخروج من الأزمة المالية.
ودعا الاتحاد، في بيان أصدره، إلى وقف العمل في كامل مؤسسات البلاد بمعظم القطاعات الاقتصادية التي تشغّل حوالي 3 ملايين موظف.
مطالب اجتماعية واقتصادية
وأوضح البيان أن إضراب العمال من أجل الدفاع عن حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية، بعد أن ماطلت الحكومة في الاستجابة إلى مطالبهم المشروعة واستهانت ببرقية التنبيه بالإضراب الصادرة منذ 31 مايو.
ومن المفترض أن يلتزم بالإضراب العاملون في قطاعات النقل والمواصلات والاتصالات وخدمات البريد والمؤسسات التعليمية، بما فيها المدارس والجامعات، كما ستتوقف حركة الملاحة في سائر مطارات البلاد وحركة النقل البحري، في وقت تستعد فيه تونس لموسم سياحي.
وقال وجيه الزيدي، الكاتب العام لجامعة النقل باتحاد الشغل: كل الرحلات الدولية والمحلية أيضاً ستتوقف ابتداء من الساعة صفر هذه الليلة (الأربعاء)، الإضراب سيشمل كل الرحلات البحرية أيضاً.
ورداً على إصرار الاتحاد على المضي قدماً بالإضراب، قال المتحدث باسم الحكومة وزير النقل نصر الدين النصيبي، أمس الأربعاء: إنه سيتم تسخير عدد من الموظفين من أجل تأمين الحد الأدنى من الخدمات للمواطنين.
وعلى الرغم من أن قيادات الاتحاد تؤكد أن قرار الإضراب “غير سياسي”، فإن هذه الخطوة تتزامن مع انتقادات شديدة توجه للرئيس التونسي قيس سعيّد الذي احتكر السلطات في البلاد منذ 25 يوليو الماضي، وأقصى معارضين من حوار وطني يفترض أن يفضي إلى تعديل دستور 2014، وإقرار هذا التعديل في استفتاء شعبي خلال شهر.
ورفض اتحاد الشغل، بدوره، المشاركة في هذا الحوار، معللاً قراره بأن هدف هذا الحوار هو فرض سياسة الأمر الواقع، وإقرار نتائج تم إعدادها من طرف الرئيس.
غير أن الاتحاد كان مسانداً صريحاً لقرار سعيّد احتكار السلطات وإقالة رئيس الحكومة السابق وتجميد أعمال البرلمان ثم حله.
وظهر التوتر بين الاتحاد والحكومة على السطح في الآونة الأخيرة، فرئيس اتحاد الشغل قال هذا الشهر: إن السلطات تستهدفه بعدما رفض الاتحاد المشاركة في محادثات بشأن دستور جديد لإدراج تعديلات أدخلها سعيد على نظام الحكم في تونس.
دستور جديد
ويعزز سعيد تدريجياً قبضته على السلطة منذ يوليو الماضي، فحل البرلمان وأقال الحكومة وبات يحكم بمراسيم، ويقول أنصاره: إنه تحرك لإنقاذ تونس من طبقة سياسية فاسدة وتراجع اقتصادي.
وأجرى سعيد مشاورات متعددة الخيارات عبر الإنترنت بشأن دستور جديد، لكنها لم تحظ بمشاركة كبيرة، ووصف منتقدون الاستطلاع بأنه يميل لتحقيق النتائج التي يصبو إليها سعيد.
وعقدت الأزمة السياسية الجهود الرامية للتصدي للأزمة المالية في تونس، وفي ظل ذلك تسعى الحكومة للظفر بقرض من صندوق النقد الدولي لتجنب الإفلاس، ولضمان الحصول على أموال خارجية أخرى، إذ يدلل قرض من الصندوق على الجدارة الائتمانية لبلد من البلدان.
وحذر محافظ البنك المركزي من أنه إذا لم تتمكن تونس من الحصول على الأموال فستواجه وضعاً كالذي يعصف بلبنان وفنزويلا، حيث انهارت المالية العامة.
ويمثل اتحاد الشغل طرفاً فاعلاً ومهماً جداً في الحياة السياسية في البلاد منذ تأسيسه في عام 1946، وحصل هذا التجمع النقابي على جائزة نوبل للسلام للعام 2015 مكافأة له على دوره في حل أزمة سياسية حادة مرت بها تونس، مهد ما سمي بثورات “الربيع العربي” في عام 2011.
_____________________________
المصدر: “فرانس برس”، رويترز”، “الأناضول”.