ولد الشيخ/ نادر عبد العزيز النوري عام 1954 في أسرة محافظة، اتخذت من منطقة كيفان سكنا لها، وكان ترتيبه بين إخوته السابع، وتلقى تعليمه في العديد من المدارس، حيث درس مرحلة الطفولة في روضة دمشق، ثم انتقل إلى مدرسة الخليل بن أحمد في منطقة كيفان ليتلقى تعليمه الابتدائي، ولم تخل طفولته من الشقاوة اللطيفة، التي كان يتمتع ويتميز بها.
لم يكن التزام الشيخ/ نادر النوري وسيره على طريق الاستقامة بالشيء المستغرب؛ كونه محافظا على صلاته منذ صغره، وزاد حبه للالتزام وصية عمه عبد الله النوري عندما علم بالتزامه، حيث كان لذلك الموقف بالغ الأثر في حياة الشيخ/ نادر النوري.
كان حب الشيخ/ نادر النوري للعمل الخيري وانخراطه فيه متأصلا من جذوره؛ فقد كان جده محمد النوري من رجالات الخير الأوائل في الكويت، وكذلك عمه عبد الله النوري، والذي يعتبره الشيخ نادر معلمه الأول في العمل الخيري.
كانت رحلات الشيخ/ نادر النوري في سبيل العمل الخيري فيها طابع القساوة؛ فلم يكن سفره سياحة أو متعة في تلك البلاد الكثيرة التي زارها؛ لذلك كان يمر بالعديد من المواقف الغريبة التي لا تحدث إلا في الأفلام أو في قصص الخيال. تلك الرحلات الكثيرة لم تخل من المقتنيات الغريبة والهوايات والممارسات الجميلة، منها ركوب البحر، والصيد، والرماية، وجمع المقتنيات التراثية.
هذه الثقافة التي امتلكها الشيخ نادر لم تكن وليدة اللحظة، بل قراءة سنين في تلك المكتبة التي اقتناها بنفسه منذ ريعان شبابه، فلكل زاوية له فيها عبرة، ولكل كتاب له معه قصة.
على الرغم من كثرة التزامات الشيخ نادر، وعلى كثرة انشغالاته، لم يلهه ذلك عن الاهتمام بأهم لبنة في المجتمع، ألا وهي أسرته، اتباعا لقول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته».
لقد صال الشيخ نادر وجال في كثير من البلدان، حيث طالت يده الحانية كثيرا من الأفئدة والعيون الباكية، ومنها: الصين، واليابان، والهند، وإندونيسيا، وباكستان، والفلبين، وكذلك ماليزيا، وأستراليا، وروسيا، وألبانيا، والبوسنة والهرسك، واليمن، وأثيوبيا، ونيجيريا، والصومال، والسودان، وأرتيريا، والمكسيك… والكثير الكثير من البلدان.
مواقفه الإنسانية:
وعن أكثر المواقف تأثرا ذكر أنه رأى في أفريقيا منظر عجوز تريد أن تشرب الماء، والناس مزدحمون يملأون، وهي لا تستطيع زحامهم، وتذكرت الآية القرآنية في قوله تعالى: (فسقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير * فجاءته إحداهما تمشي على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا فلما جاءه وقصّ عليه القصص قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين). ” فقد كانت العجوز هذه، والتي لا أنساها أبدا ـ كما يقول النوري ـ واقفة وتريد الماء، فذهبت وملأت لها الماء وسقيتها”.
أمنياته الخيرية:
وعن أمنياته للعمل الخيري الكويتي بصفة خاصة، والعمل الخيري الإسلامي بصفة عامة، أن يهتم هذا العمل بدلا من إطعام الجوعى وكساء العاري بأن يصنع الإنسان المسلم الذي يستطيع أن يقود نفسه ويقود مجتمعه، أما إطعام الجوعى فسيظل الفقير جوعان, حيث يقول: “لا بد أن أمهد للإنسان أن يتعلم ويتربى، وليس أطعمه فقط، أوفر له حرفة، أعلمه حرفة يتقنها، أدخله المدارس، أعلمه كيف يعتمد على نفسه، ويكون إنسانا فعالا يخدم أسرته ومجتمعه، وليس الطعام فقط”.
“خيرية عبد الله النوري”:
تميزت شخصيته منذ صغره بالالتزام والمحافظة على الصلاة، وقد زاد من التزامه وصية عمه الشيخ/ عبد الله النوري ـ مؤسس جمعية عبد الله النوري ـ عندما علم بالتزامه بأن يخلفه في تولي إدارة شؤون الجمعية, وكان ـ ولا زال ـ لجمعية النوري الدور الكبير في مجال العمل الخيري في دولة الكويت وخارجها, ومن أعمال “جمعية النوري” أنها:
– تكفل الجمعية 307 طلاب في 16 دولة.
– تكفل الجمعية المعلمين الشرعيين عن طريق صرف مبلغ شهري.
– تكفل الجمعية 115 معلما في 26 دولة.
– نفذت الجمعية مشروع إفطار الصائم في حوالي 37 دولة، واستفاد منه 30.000 شخص، بتكلفة 725. 268 دولارا.
– نفذت الجمعية مشروع الأضاحي في حوالي 50 دولة، واستفاد منه حوالي 189.600 مستفيد، بتكلفة 267 .289 دولارا.
– تم إنشاء 160 مسجدا بتكلفة 2.402.172 دولارا.
– تم إنشاء 14 مدرسة إسلامية تعليمية، وبتكلفة 326.697 دولارا.
– تم بناء 5 مستوصفات طبية، بتكلفة 226.056 دولارا.
– تم حفر 424 بئرا سطحية، بتكلفة 227.020 دولارا.
– تم حفر 58 بئرا ارتوازية، بتكلفة 131 . 199 دولارا.
– تم إنشاء 12 مركزا إسلاميا، بتكلفة 094 .812 دولارا.
– تم إنشاء العديد من بيوت الفقراء ودور الأيتام، وبناء مدارس، وكذلك مشروع طباعة المصاحف.
– تم صرف مبلغ 765 .42 دولارا من ريع وقفية بناء المساجد وترميمها.
– تم صرف مبلغ 780 .44 دولارا من ريع وقفية الأضاحي.
– تم صرف مبلغ 19.570 دولارا من ريع وقفية إفطار الصائم خلال شهر رمضان.
– تم صرف مبلغ 944 .161 دولارا من ريع وقفية رعاية الأيتام.
– تم صرف مبلغ 2.536 دولارا من ريع وقفية طباعة المصاحف.
– تم صرف مبلغ 16.149 دولارا من ريع وقفية التعليم والتأهيل لدعم دور العلم ومحاربة الجهل.
– تم صرف مبلغ 2.174 دولارا من ريع وقفية (من كسب يدي) لتوفير مستلزمات المحتاجين.
– تم صرف مبلغ 579 .191 دولارا من ريع وقفية الرعاية الأسرية لمساعدة الأسر المحتاجة.
– تم صرف مبلغ 809 .69 دولارات من ريع وقفية حفر الآبار للمساهمة في حفر الآبار للدول المحتاجة.
– تم صرف مبلغ 664 .18 دولارا من ريع وقفية الرعاية الطبية لبناء المستوصفات ومساعدة المرضى والمحتاجين.
– تم صرف مبلغ 48.526 دولارا من ريع الوقفية العامة لسد حاجة الكثير من المشاريع الخيرية.
وفاة الشيخ نادر النوري:
توفي الشيخ النوري، وهو أحد أبرز قادة العمل الخيري في الكويت، ورئيس مجلس إدارة جمعية عبد الله النوري الخيرية، في 16-4-2014، وقد تم تشييعه في اليوم التالي من مقابر الصليبخات بالكويت.
وقد شارك في تشيع الجنازة الآلاف من أبناء الكويت والجاليات العربية والإسلامية الموجودة على أرض الكويت، والذين اكتظ بهم مكان الصلاة على الفقيد.
قالوا عنه
من جانبه قال أمين سر جمعية الإصلاح الاجتماعي، الدكتور عبدالله العتيقي: «يشهد الله أننا قضينا معك أحسن الأوقات، وسمعنا منك أحسن الدروس والعظات، وقرأنا لك في مجلة المجتمع سلسلتك «رسائل الإخاء» التي كنت تحرص على هذه الأخوة حرصا شديدا، بدليل قولك لي قبل شهر تقريبا من وفاتك بتاريخ 13/03/2014، حين عدتك في المستشفى، حين قلت لك إن إخوانك يسلمون عليك، وكانوا في رحلة للبر، فأجبتني كتابيا على سبورة صغيرة بيدك: «وأنا أحبكم، سامحوني وحللوني”.. «وكأنك تعلم بقرب موعد انتهاء أجلك».
مثال للداعية:
من جانبه، قال رئيس لجنة الإفتاء، الدكتور/ محمد الطبطبائي: “عرفته مثالا للداعية في خلقه وهمته العالية في نشر الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، وكان محل ثقتنا في توصيل الأموال لمستحقيها، ونسأل الله تعالى أن يتغمده بواسع رحمته، ويلهم أهله الصبر والسلوان”.
فقيد الكويت:
بدوره قال الأمين العام للرحمة العالمية، يحيى سليمان العقيلي” “إن الشيخ نادر النوري تعرف فضله ودوره مجاميع الدعاة والمراكز الإسلامية التي كان يجوب بلادها تأسيسا وتربية وتعليما للدعاة، فهو من الرجال الذين تتربى النفوس بالنظر لهم والاقتداء بهم”. مضيفاً: “أنه فقيد الكويت الذي رفع اسمها عاليا في أرجاء المعمورة”.
شعلة نشاط:
من جانبه، قال الشيخ يوسف الشطي: “لقد عملت معه منذ عام 1989 بوزارة الأوقاف، فكان شعلة من العمل والإخلاص والهمة والحماس، لا يفتر عن العمل الدعوي والنشاط الخيري داخل وخارج الكويت، وتشهد له كثرة استقبالاته للوفود من خارج الكويت وتيسير أمورهم وتقديم المساعدة اللازمة، ولا تفارقه الابتسامة، وكان يقول: “لا أحب السفر خارج الكويت”. وعندما عمل في مجال العلاقات الخارجية أصبح كثير الأسفار، وكالنحلة في تقديم الدعم الخيري لإخوانه المسلمين خارج الكويت”.
القدس:
بدوره، قال مدير عام الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية (السابق)، د. سليمان شمس الدين: “عرفته، وعملنا معاً منذ عام 2007 خلال عملي في الهيئة الخيرية، فكان ـ وسيظل ـ نادرا في تفانيه وتجرده لقضايا المسلمين في كل مكان، وقضية المسلمين الكبرى قضية فلسطين والقدس أخذت شغاف قلبه وفؤاده، وحسب علمي أنه زار البيت المقدس في صغره؛ فأنارت قلبه لقضيتها”.
خدمة المسلمين:
وفي السياق ذاته، قال عنه رئيس قطاع أفريقيا بالرحمة العالمية التابعة لجمعية الإصلاح الاجتماعي، سعد مرزوق العتيبي:” إن الراحل بذل نفسه وماله ووقته في خدمة الإسلام والمسلمين، وكانت الأمة الإسلامية هي همه الكبير”.
بدوره، قال عنه مدير النشاط الخارجي ببيت الزكاة، عبدالله أحمد عثمان الحيدر: “إن الشيخ نادر النوري كان نادراً في تفكيره، شجاعاً في كلمته، مبادراً في أعماله”. مردفاً بالقول: “زرت الهند، ووصلت إلى إحدى المدن، وأخذت السيارة مع المرافقين إلى مسافة أكثر من ساعتين، وحاولت أخذ المعلومات حتى يمكن أن نساهم، وإذا بي أعرف أن الشيخ نادر زارهم قبلنا”.
المصادر:
كتاب الوفاء الصراح لتراجم رجال الإصلاح
موقع مهارات الدعوة
جريدة الأنباء الكويتية