سجون النظام السوري، المعروفة بـ«المسالخ البشرية»، لم تكن مجرد أماكن للاعتقال، بل مواقع للإبادة النفسية والجسدية، حيث كانت تمارس أبشع صور التعذيب والإذلال بحق الأبرياء من الرجال والنساء والأطفال، بين الجدران المظلمة، تُسحق الكرامة الإنسانية، وتتحول حياة المعتقلين إلى كابوس يومي، وسط صمت عالمي مريب لا يليق بحجم المأساة.
لا يمكن وصف معاناة المعتقلين في سجون النظام السوري بالكلمات، هذه السجون لم تكن كغيرها، بل هي أشبه بمسالخ يُقتل فيها البشر ببطء، فهناك كانت تُمارَس أبشع أساليب التعذيب النفسي والجسدي، بدءًا من الضرب المبرح، والحرمان من النوم، وصولًا إلى التعليق من الأطراف، والصعق بالكهرباء، والاعتداءات الجسدية.
وقد أشار د. علي السند، في تعليقه على موقع التدوين المصغر «إكس»، إلى أن السجون المظلمة للنظام البائد تُمارَس فيها الوحشية تحت الأرض، مشبّهًا إياها بالسجن الكبير في غزة، حيث تُرتكب الإبادة فوق الأرض، مؤكدًا أن الاستبداد والاحتلال وجهان لعملة واحدة، يغذي أحدهما الآخر.
ومن المشاهد التي تهتز لها القلوب، خروج النساء المعتقلات من سجون الأسد وهن يحملن آثار التعذيب على أجسادهن وأرواحهن، بعضهن خرجن برفقة أطفالهن، حيث عانوا معًا مرارة الجوع، والخوف، والإهانة، صور النساء الخارجات من المعتقل، وعلامات الصدمة تملأ وجوههن، تختزل القصة كلها.
وقد علق النائب السابق د. جمعان الحربش، في حسابه على «إكس»، على هذا المشهد بقوله: إخراج النساء المسلمات العفيفات من سجون طاغوت الشام ومعهم أطفال مشهد مروع ومؤثر، لعن الله من روّع نساء المسلمين، ونضّر الله وجوه أحفاد خالد بن الوليد المجاهدين الفاتحين.
هذه الكلمات تختصر المأساة في صورة واحدة، فالنساء في هذه السجون يتحملن ما لا يطيقه الرجال، من إهانة الكرامة إلى استهداف العرض؛ وهو ما يجعل هذه الجريمة مضاعفة في أثرها النفسي والاجتماعي.
دور المغردين والعلماء الكويتيين في استنكار ما يحدث، عبر «إكس»، كان حاضراً، حيث قال الشيخ محمد العوضي: سقوط الطغاة وأنظمتهم المجرمة المفسدة من أكثر الأخبار التي تبتهج بها النفوس.. نفوس المظلومين الذين طحنهم النظام المستبد فانتهك حرماتهم ودمر حياتهم.
هذه الكلمات جاءت لتؤكد أن زوال الطغاة كان حلم كل مظلوم، خاصة أولئك الذين مروا بتجربة الاعتقال في سجون الطاغية المستبد، وفق وصف العوضي.
وقد ربط الداعية د. يوسف السند بين عودة السوريين اللاجئين والنازحين إلى بيوتهم الذين هجروا منها بعد غياب طويل وظروف قاسية، وعودة الفلسطينيين إلى أرضهم يومًا ما، ليعمّروها بأيديهم، ويزرعوا فيها الأمل من جديد، فلا شيء يبقى على حاله، وكما التقى نبي الله يوسف عليه السلام بوالديه بعد غياب مؤلم، فإن اللقاء قادم لا محالة، مهما طال الانتظار، قال الله تعالى: (فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ) (يوسف: 99).
فيما قال الداعية عادل العازمي: في مشهد يختزل القهر والظلم: تتوالى الصور القادمة من سجن صيدنايا وبقية السجون السرية التابعة لنظام الأسد، لتكشف عن فظائع تفوق الوصف، وأهوال تفضح زيف الخطاب الذي يروّجه بعض السياسيين والمشايخ المتساهلين الذين يرددون: كان السوريون في حال أفضل قبل الثورة!
لكن هذه المشاهد المريرة، تثبت بما لا يدع مجالًا للشك أن الثورة لم تكن خيارًا عبثيًا، بل كانت ضرورة ملحّة فرضتها قسوة الاستبداد ووحشيته لم تكن المطالبة بالحرية والكرامة رفاهية، بل كانت صرخة نجاة أطلقها شعب عانى القهر في الزنازين المغلقة، حيث يتحوّل الإنسان إلى رقم بلا اسم، ويساق إلى أقبية التعذيب بلا ذنب سوى المطالبة بحقه في الحياة.