لم يرحل الاحتلال الحديث عن بلادنا إلا وقد خلف خلفه كارثتان الأولى زراعة اليهود في فلسطين وثانيها ضاعت ما يسمى بالنخبة وقادة التنوير في عالمنا الإسلامي وعمل الاحتلال والحكومات التي خلفته علي الاستعانة بهؤلاء في كافة مرافق الدولة فكانت الكارثة التي تعا
لم يرحل الاحتلال الحديث عن بلادنا إلا وقد خلف خلفه كارثتان الأولى زراعة اليهود في فلسطين وثانيها ضاعت ما يسمى بالنخبة وقادة التنوير في عالمنا الإسلامي وعمل الاحتلال والحكومات التي خلفته علي الاستعانة بهؤلاء في كافة مرافق الدولة فكانت الكارثة التي تعاني منها بلادنا من شرعنة للاستبداد ونشر للفساد السياسي والمالي والإداري وكافة صور الفساد حتى أصبح من العسير جدا إزالة هذه الشبكات من الفساد فإذا حاولت التخلص منها جملة سقطت مؤسسات الدولة والحالة المصرية الآن اشد وضوحا في هذا وخلاصة هذا المحور أن هذه النخبة عملت لصالح الاستبداد وخدمة الغرب فنشرت ثقافته ونظمه وسياساته فتم الإلحاق الثقافي والاقتصادي والسياسي بالغرب إلا ما ندر فقد شارك في هذه الكارثة بعض المنتسبين للعلم الشرعي وبعض مؤسساته المعروفة فلم يقفوا في وجه المستبد ضد الأمة بل كانوا عونا له دائما فهؤلاء أعطوا الشرعية الدينية للاستبداد وأولئك أعطوه الشرعية السياسية .
هناك محاور خمس يمكن من خلالها رؤية هذه العلاقة المستمرة للصراع بين الشرق والغرب وعلي امتنا العربية والإسلامية فالثورات العربية ربما سمحت بالكشف عن العديد من صور هذا الصراع المستمر وعلى من يظن أن هذا الصراع قد انتهى وعليه أن يعيد حساباته ويقلب النظر، قد تختلف صوره لكنه لم ينته وقد صرح بهذا (جان بول رو) كما يذكر (سفر الحوالي) في كتابه العلمانية بأن الحروب الصليبية لم تنته منذ الحملة الأولى وللآن، الجديد فقط هو اختلاف أساليب إدارتها ولا ننسى تصريحات الكثير من قادة العرب وأمريكا بهذا الصدد.
فهذه المحاور الخمس تعطينا مفاتيح وزوايا ورؤى تبصرنا بحقيقة استمرار هذا الصراع وكل محور من المحاور يحقق جزءا من الخطة العامة لهذا الصراع الذي يهدف بالتجزئة والتقسيم والتفتيت للمنطقة ويعدوا بشكل واضح أن هذه المحاور أو الحلقات الخمس محكمة الخطة والهدف ونجاحها أو فشلها متوقف علي وعي شعوبنا بخطورتها أو عدم وعيها بها:
المحور الأول
الحروب الصليبية وخطورة هذه الحروب أنها قامت بعدة أمور الأول منها تحويل الصراع الأوروبي – الأوروبي باتجاه الشرق الإسلامي فيما يعرف بتصدير الأزمات فبمجرد أن أعلن (اربان الثاني) رأس الكاثوليكية الحرب المقدسة علي بلاد الإسلام لتحرير ما سمي الأماكن المقدسة من أيد المسلمين وتوافد الجيوش من كل بلاد أوروبا لحربنا فتم تحقيق الهدف الأول وهو تصدير الأزمات الأوروبية وحلها عن طريق إقامة الحروب بشعار ديني وبدعوة من رأس المسيحية في العالم.. وكانت فرصة للنبلاء لتحقيق طموحاتهم الاقتصادية والسياسية بدلا من الصراع عليها في الداخل الأوروبي.والهدف الثاني التخلص من مشكله الوجود اليهودي وزرعها في بلادنا وهذا سيأتي لاحقا…
والحروب الصليبية جسدت كذلك تحالف رجال الكهنوت مع الرأسمالية والإقطاع والذي سيؤدي لاحقا بعد استفحاله إلى بلورة العلمانية في الواقع الأوروبي نتيجة للكوارث التي تعرض لها المجتمع الأوروبي جراء هذا التحالف وكان شعار الثورة الفرنسية اشنقوا آخر إقطاعي بأمعاء آخر قسيس .
كما لفتت الحملات الصليبية عقلية الغرب إلى أهمية الشرق الإسلامي كموقع وخيرات اقتصادية وهي الأرض التي تفيض لبنا وعسلا على حد وصف القادة الدينيين والسياسيين الغربيين وتحول الأمر إلى تنافس على امتنا وخيراتها وتقلص الصراع بينهم إلى تنافس علي الغنائم في بلادنا والحال ما زال كما هو .
المحور الثاني
بعد فشل الحروب والحملات الصليبية عسكريا عمل الغرب علي الأخذ بنصيحة لويس التاسع باستبدال الحروب العسكرية المباشرة إلي وسائل أخرى منها الغزو الفكري وإفساد عقيدة وثقافة المسلمين .
وكذلك تفتيت الوحدة الاسلامية الجامعة فكان التآمر وإسقاط الدولة العثمانية أهم عناصر المحور الثاني لأنها كانت تمثل المظلة الجامعة لكافة الوحدات الاسلامية مع وجود أخطاء وسلبيات للدولة العثمانية كان يمكن إصلاحها في فترة من الفترات لكن الغرب دعم وساند وخطط لإسقاطها على كافة المستويات بإنشاء جماعات سرية أهمها حركة (أتاتورك الماسونية) والتي قامت بالخطوة الأخيرة للإسقاط وساعد كذلك على السقوط وجود جماعات من بلاد الشام وغيرها نادت بالقومية وغيرها من أفكار غزها الغرب ومازال … وظهرت النعرات الطائفية والمذاهب والأفكار الهدامة فإحداث هذا كله إرباك داخل جسد الدولة العثمانية فكان من السهل أن يأتي أتاتورك ليكمل الخطوة الأخيرة .
المحور الثالث
أكمل الغرب الآن خطوتان نحو الهدف الأول الحروب الصليبية وما خرج به من نتائج فترة هذه الحروب وأهمها درس تصدير الأزمات وتحويل الصراع الأوروبي الأوروبي إلي صراع مع الأمة الاسلامية وثانيها استحداث أساليب غير عسكرية إلا للضرورة في إدارة الصراع .
ثم كانت الكارثة وهي زراعة الكيان الصهيوني واحتلال فلسطين لتمثل حاجزا جغرافيا بين دول العالم الإسلامي شرقا وغربا؛ ثم تكتمل مهمته بأن يكون الطليعة المتقدمة المستمرة للاحتلال الغربي فكل صور الاحتلال المعروفة انتهت من العالم إلا في فلسطين.
الأمر الآخر وهو أن الغرب تخلص من أعباء ومشكلات اليهود في الغرب لنكتوي نحن بنارها .
فالكيان الصهيوني ابن الغرب المدلل وطليعة الاحتلال الغربي في منطقتنا؛ ويجسد الكيان الصهيوني دور المرتزقة والخادم للغرب لكن في صورة دوله .
المحور الرابع
الاحتلال الحديث الذي أكمل الحلقة الرابعة وخطورة هذا الاحتلال انه استطاع أن يكمل النقص الذي وقعت فيه الحملات الصليبية من إعادة دراسة الواقع الاجتماعي بكل تفاصيله من عقائد وعادات وتقاليد؛ الجغرافية والعرقيا..الخ .
يقول ابن خلدون في مقولته الشهيرة :(إن المغلوب مولع بتقليد الغالب ) كانت الكارثة التي بدأها الاحتلال الفرنسي والانجليزي علي مصر والشمال الإفريقي واغلب بلادنا إضافة إلي ايطاليا الفاشية إلا وهو تبني الاحتلال لمجموعة من بلادنا ستسمى لاحقا بالنخبة قادة النهضة الحديثة وهم في الحقيقة عناصر هدم للأمة عملت على محو ذاكرتها وهويتها وعقيدتها بأفكار تافهة ووضعت كل إمكانياتها لخدمة أهداف الاحتلال وهنا يبرز المحور الخامس .
المحور الخامس
لم يرحل الاحتلال الحديث عن بلادنا إلا وقد خلف خلفه كارثتان الأولى زراعة اليهود في فلسطين وثانيها ضاعت ما يسمى بالنخبة وقادة التنوير في عالمنا الإسلامي وعمل الاحتلال والحكومات التي خلفته على الاستعانة بهؤلاء في كافة مرافق الدولة فكانت الكارثة التي تعاني منها بلادنا من شرعنة للاستبداد ونشر للفساد السياسي والمالي والإداري وكافة صور الفساد حتى أصبح من العسير جدا إزالة هذه الشبكات من الفساد فإذا حاولت التخلص منها جملة سقطت مؤسسات الدولة.
والحالة المصرية الآن اشد وضوحا في هذا وخلاصة هذا المحور أن هذه النخبة عملت لصالح الاستبداد وخدمة الغرب فنشرت ثقافته ونظمه وسياساته فتم الإلحاق الثقافي والاقتصادي والسياسي بالغرب إلا ما ندر، وقد شارك في هذه الكارثة بعض المنتسبين للعلم الشرعي وبعض مؤسساته المعروفة فلم يقفوا في وجه المستبد ضد الأمة بل كانوا عونا له دائما فهؤلاء أعطوا الشرعية الدينية للاستبداد وأولئك أعطوه الشرعية السياسية .
والعالم الإسلامي بالعربي لم ينل استقلاله الحقيقي حتى الآن في اغلبه إنما هو استقلال صوري أو تفويض بالحكم من قبل الاحتلال وإلا فأين الاستقلال في القرار السياسي والاقتصادي والتعليمي في بلادنا، لهذا فاغلب النظم العربية حاربت وما زالت تحارب كل من يدعوا للوحدة الاسلامية الجامعة وسهرت على خدمة أهداف الاحتلال.
المعركة الدائرة بين المشروع الإسلامي وبين غيره من رؤى وأفكار ومناهج تعمل علي إقصائه بأدوات تقودها النخبة السياسية والفكرية الموالية للغرب والتي تعمل على خدمة أهدافه ومشاريعه ويساعدها في ذلك أجهزة الإعلام والمال المتدفق من الغرب ورجال الأعمال المحليين الذين خدموا الاستبداد ونشروا الفساد وتغذوا علي دماء الشعوب.
ومن التضليل حصر المشروع الإسلامي في فصيل إسلامي هنا أو هناك ارتكب بعض الأخطاء السياسية فنحن نتكلم عن مشروع أمة لا جماعة من الجماعات فنحن مع مشروع الأمة وشريعتها ولسنا مع مشروع يخدم مصالح الغرب وأهدافه ويعمل بالنيابة عنه فكرا وسلوكا وسياسة وتشريعا.
أما في ليبيا واليمن وتونس تجري محاولات التقسيم والعرقيات……… لكن لن يكون النصر في النهاية إلا للحق بإذن الله .
المصدر: موقع “المركز العربي للدراسات والأبحاث”.