الفكر الصفوي الذي يدير إيران يقوم على أيديولوجية خطيرة، فهذه الأيديولوجية تعمل على تصدير الثورة الإيرانية إلى الشعوب خاصة العربية، وهذا التصدير خطير ومحرج حتى لـ”الأقليات الشيعية” التي تعيش في تلك الدول؛ إذ يجعلها تصطدم مع دولها! وتكمن خطورة الفكر الصفوي أنه يحاول أن يقدم إسلاماً آخر غير الإسلام الذي يدين به المسلمون، من خلال الطعن في القرآن، وكون مصادر الحديث النبوي مختلفة أيضاً، وأضف لذلك الطعن في بعض الصحابة وأمهات المؤمنين، مقابل الغلو في آخرين.
رجل الشارع العادي يدرك مدى تناقض السياسة الإيرانية وأيديولوجيتها، ففي حين أن إيران تدعي أنها دولة إسلامية تظهر الدفاع عن قضايا المسلمين وترفع شعاراتها، في المقابل هي تغتال المسلمين في سورية ولبنان، ودعمت التمرد “الحوثي” في اليمن ليتحول إلى “خنجر” مسموم يقتل اليمنيين!
اليوم إيران التي كانت تحرم الفنون في الماضي، ها هي تتبنى تقديم “فيلم محمد رسول الله” – عليه الصلاة والسلام – وقد كلف إنتاجه أكثر من 40 مليون دولار دفعته من خزينتها، وهو عبارة عن ثلاثة أجزاء، وهذا الفيلم هو الجزء الأول.
ما الهدف الذي تسعى إليه من خلال إنتاج عمل كهذا استغرق سبع سنوات؟
وما الرسالة التي يريد الإيرانيون إيصالها إلى العالم من خلال السيرة النبوية؟
إيران – رغم اختلافنا معها – لها حضور واضح في الإعلام والفن، وهو أمر يفتقده العرب، فلديها فضائيات بلغات عربية منوعة، وها هي حاضرة في السينما والدراما، وتبثها بلغات حية إلى العالم.. عند المقارنة معها في هذا السياق تكون المقارنة مخجلة، فلم يقدم العرب إعلاماً جماهيرياً راقياً يخاطب الآخر بكل اللغات، ولم ينتجوا أفلاماً مؤثرة تستقطب العالم الإسلامي، وتقدم الصورة الصحيحة عن إسلامنا وعقيدتنا.
فيلم “محمد رسول الله” يمثل سلسلة من الحضور الإيراني الفاعل على الساحة الدرامية، وهي الآن – شئنا أم أبينا – تقود العالم الإسلامي إعلامياً ودرامياً، بينما الدراما العربية في مجملها هابطة فكراً وأخلاقاً!
“الفيلم” أحدث ضجة ولا يزال، والغالبية ضد عرضه، خاصة البعد الديني المتمثل في تجسيد الرسول الكريم، فالأزهر في مصر، وهيئة كبار علماء السعودية، ورابطة العالم الإسلامي أدانوا هذه الخطوة والفكرة، ومع أن مخرج الفيلم “مجيد مجيدي” صرح أن وجه الرسول الكريم لن يظهر في الفيلم، لكن ماذا عن بقية أجزاء الفيلم؛ فالنصارى في الماضي لم يكونوا يقبلون بظهور عيسى عليه السلام في الأفلام، لكن مع مرور الوقت صار عيسى يظهر سينمائياً!
نعود للسؤال الذين طرحناه في ثنايا المقال، ما الهدف الذي ترمي إليه إيران من هذا الفيلم، الذي تقول: إن وجه الرسول لن يظهر في الفيلم وهو يجري في شوارع طهران على حد وصف بعض المصادر! فهل سيفاجئنا الإيرانيون بــ”أيرنة” السيرة النبوية التي تتقاطع في بعض تفاصيلها مع أيديولوجية الفكر الصفوي؟!