شكّل قيام مجموعة من المستوطنين الصهاينة، مدعومين بقوات من الشرطة، باقتحام المسجد الأقصى المبارك صباح الأحد 13 أيلول علامة فارقة في مسلسل الاعتداءات الصهيونية، أو بالأصح مخطط تهويد المسجد الأقصى المبارك.
ذلك أن ما حصل يوم الأحد الماضي هو عبارة عن مخطط واسع، وهو أكبر من اعتداء، وهو تنفيذ جدي لمخطط صهيوني يهدف إلى تقسيم الأقصى، وفرض واقع هيمنة الاحتلال ومستوطنيه على كل مرافقه.
فما حصل صباح الأحد يُعتبر خطوة “إسرائيلية” أقل ما يقال فيها: إنها تطبيق متسارع للسيطرة على المسجد الأقصى، وهيمنة بلا حدود، وضرب عرض الحائط بكل أصوات الاستنكار.
إن أصوات الفلسطينيين من مؤسسات وشخصيات وهيئات إسلامية ومقدسية ترفع الصوت كل يوم، وتحذّر مما يجري للمسجد الأقصى المبارك، من عمليات حفر واقتحام وبناء في أهم ساحات المسجد، ومن عمليات قمع وملاحقة واعتقال، ومنع لكل من يدافع عن المسجد.
وقبل عملية الاعتداء صباح الأحد الماضي، اتخذ وزير الحرب الصهيوني موشيه يعلون قراراً باعتبار المرابطين من الشباب والفتيات المدافعين عن المسجد الأقصى المبارك عناصر إرهابية يجب محاسبتهم ومعاقبتهم.
وشكّل الاعتداء الصهيوني الواسع على المسجد الأقصى صباح 13 أيلول سابقة خطرة، نظراً لعدد المهاجمين، وللأماكن التي دخلوا منها، وللدمار والخراب الذي لحق بالمسجد الأقصى، إذ تمّ تدمير 30 نافذة خشبية وزجاجية، وتدمير أحد الأبواب بالكامل، وإحراق 12 موقعاً للسجاد، وإلقاء مئات القنابل الدخانية، وعمليات الاعتداء المباشر على موظفي هيئة الأوقاف، وحرّاس المسجد الأقصى، والمصلين.
وأعلن رئيس حكومة الكيان الصهيوني أهداف هذا الاعتداء بكل وضوح، وهو ما سمّاه الإبقاء على حالة المسجد الأقصى “كما هي”، أي تقسيم أوقات الزيارة بين المسلمين والزيارة، بحيث يدخل اليهود يومياً للمسجد من الساعة 7:00 صباحاً إلى الساعة 11:00 قبل صلاة الظهر، ويعني كلام نتنياهو الانتقال إلى المرحلة الثانية الأخطر، وهي التقسيم المكاني، أي سيطرة واقعية للاحتلال على أقسام من المسجد ومحيطه، ومنع المسلمين من التعبّد فيها.
في هذه الفترة، كان من الملاحظ أن الدفاع عن المسجد الأقصى المبارك يتولاه النساء والفتيات وعدد قليل من الشبان بسبب منع الاحتلال وصولهم إلى المسجد، وتعرّض هؤلاء لحملة قاسية من الإرهاب والعنف “الإسرائيلي”، لكنهم سجّلوا مقاومة متميزة وأصيب منهم العشرات، وقاوموا باللحم الحي الشرطة وقوى الأمن الصهيونية والمستوطنين المدعومين من دولة الاحتلال.
في الجانب الرسمي، اقتصرت ردود الفعل العربية والإسلامية على إصدار بيانات الاستنكار والرفض للممارسات الصهيونية ضدّ المسجد الأقصى، لكن هذه المواقف ليس لها أي أثر في منع الاحتلال والمستوطنين من تكرار اعتداءاتهم على المسجد، رغم أن خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس”، وجّه قبل أسبوع دعوة لكل من الأردن ومصر وتركيا وقطر والمغرب والسعودية للقيام بخطوات عملية من أجل منع اقتحام المسجد الأقصى.
عملياً.. ليس هناك إلا خطوتان لمنع الاعتداءات “الإسرائيلية”؛ تفعيل عمل المقاومة الشعبية والمسلحة في الضفة الغربية ضدّ الاحتلال، وصدور موقف عربي – إسلامي جدي على أعلى المستويات يوقف المخطط الصهيوني.
وحتى يتحقق ذلك، فإن النساء والفتيات والشباب في المسجد الأقصى سيقومون بواجبهم في الدفاع نيابة عن الأمّة.