الاستشارة:
السائلة: أم دانيا
أرجو مساعدتي في حل مشكلتي مع ابنتي وعمرها 17 سنة هي عنيدة جداً، وتمضي وقتاً طويلاً في مشاهدة التلفاز، ولها صفحة على “الفيسبوك” تراسل من خلالها شباباً وبنات طائشين، لا أراهم محل ثقة، وتكلم بعض الشباب أيضاً في الهاتف، وقد صادرنا منها الهاتف مراراً، ولكن كانت تلجأ إلى ابنة خالتها لتحضر لها جهازاً آخر وهي مراهقة مثلها، وأخفينا منها كثيراً جهاز اللابتوب حتى لا تدخل على هذه المواقع، ولكن هيهات؛ فهي تستغل عدم وجودنا في البيت لتفعل ما يحلو لها، خاصة أننا نعمل أنا ووالدها وجميع إخوتها وهم أصغر منها سناً في المدارس، وهي تدرس من البيت ومتعثرة جداً في الدراسة رغم ذكائها، ولكن بسبب تشتت أفكارها لا تولي الدراسة أي أهمية.
جربت كل الطرق معها وفشلت، وكذلك والدها، تحدثنا وحاورنا وحفزنا وناقشنا وضربنا وعاقبنا وخاصمنا، وكل ذلك لم يجدِ نفعاً.. فماذا نفعل ونحن نرى مستقبلها يضيع؟
المستشار: د. ماجد الزميع:
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:
أختي أم دانيا سلمها الله..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأعاننا الله جميعاً على هذا الأمر المهم والخطير، المتعلق بأهم أمور حياتنا، أولادنا وبناتنا الذين هم فلذات أكبادنا.
وإنني أقرأ في رسالتك ذلك الهم والألم الذي يشغل حيزاً واسعاً من مساحة عقلك وفكرك وهمك، وهو جدير بذلك وأكثر.
ولست أريد أن أطيل عليك بما سطّره أهل الاختصاص فيما يتعلق بأمر المراهقة، ولكني أشعر بأنه من الضروري أن تكوني على علم ومعرفة ولو بشيء يسير من ذلك، لتتمكني من التعامل بنفس طويل مع هذه المشكلة، وما قد يمر عليك من أمثالها مع أولادك أو بناتك.
فهذه الفترة العمرية (14 – 18) تعرف بالمراهقة الوسطى، وفيها يكتمل النمو الجسمي، وتبدأ الخصائص الجنسية بالاكتمال، ويصاحب ذلك جملة من التقلبات والتغيرات النفسية.
وهذه التحولات الهرمونية والتغيرات الجسدية في مرحلة المراهقة لها تأثير قوي على النفسية والمزاج والعلاقات الاجتماعية، ويمكن أن يكون لها رد فعل معقد، تكون عبارة عن مزيج من الشعور بالمفاجأة والخوف والانزعاج، بل والابتهاج أحياناً، وهناك أشكال مختلفة للمراهقة، منها:
– مراهقة سوية خالية من المشكلات والصعوبات.
– مراهقة انسحابية، حيث ينسحب المراهق من مجتمع الأسرة، ومن مجتمع الأقران، ويفضل الانعزال والانفراد بنفسه، حيث يتأمل ذاته ومشكلاته.
– مراهقة عدوانية، حيث يتسم سلوك المراهق فيها بالعدوان على نفسه وعلى غيره من الناس والأشياء.
ويؤكد بعض الباحثين أن هناك جملة من المشكلات تظهر في مرحلة المراهقة، كالانحرافات الجنسية، والشذوذ، والجنوح، وعدم التوافق مع البيئة، وكذلك الاعتداءات والسرقة، والهروب، وغيرها.
وهذه الانحرافات تحدث نتيجة شعور المراهق بالحرمان في المنزل أو المدرسة من العطف والحنان والرعاية والإشراف، وعدم إشباع رغباته، وأيضاً لضعف التوجيه الديني.
وهنا أوصيك أيتها الأخت بعدة أمور، ومن أهمها:
– الجلوس مع ابنتك، وفتح القلب لها، وكسر الحواجز النفسية الوهمية بينكما، والدور الأكبر هنا يقع عليك أنت أيتها الأم.
– إشعارها بأنها أصبحت كبيرة ومسؤولة عن تصرفاتها، وأنها دخلت مرحلة التكليف وأصبحت مسؤولة عن تصرفاتها أمام الله، ثم أمام الناس.
– استشارتها وإشراكها في المسؤوليات بأي شكل من الأشكال، لإيصال الرسالة بأنها لم تعد صغيرة، وأنها عضو مشارك وفعال في المنزل.
– ضرورة التعرف على صاحباتها، والتواصل معهم والترحيب بهم في المنزل، وعدم ترك علاقاتها بهم سرية تماماً.
– أهمية مشاركتها في نشاطات المنزل من إعداد الطعام والنزهة وأعمال المنزل واستقبال الضيوف، وإعطاؤها دوراً فاعلاً في ذلك.
– تشجيعها على ممارسة شيء نافع تتميز به، لأن هذه المرحلة تحب أن تتميز على الآخرين بشيء ما، دراسة لغة أو قراءة أو دورة نافعة أو غير ذلك، ومن أخطر الأمور بقاؤها بدون دراسة ولا عمل ولا شيء نافع يشغلها.
– من أهم الأمور أن نكون نحن قدوة صالحة لأبنائنا وبناتنا، وأن ترى البنت من أمها الصلاح والاستقامة، فمن غير المنطق أن تكون بعض سلوكياتنا مخالفة لأقوالنا وتوجيهاتنا.
– وأخيراً (وهو الأهم) الدعاء لها بظهر الغيب بأن يصلحها الله، والتضرع له بأن يحفظها من أسباب الغواية والضلال، وأن يقر العين بصلاحها، وعدم الملل والتعجل في انتظار الإجابة.
وإني لأجزم (ولا أتألى على الله تعالى) أنك أيتها الأخت المباركة إذا أخذت بهذه الخطوات فما أسرع أن تتحسن الأمور، وتتغير الحال إلى ما هو خير، وما ذلك على الله بعزيز.
أسأل الله تعالى أن يمن عليك بصلاحها، وأن يعينك على القيام بأمرها، وأن يجعلها حجاباً بينك وبين النار.