في قرية الخضر، قرب مدينة بيت لحم، في الضفة الغربية، انطلق “قطار العودة”، نادى على اللاجئين الفلسطينيين الصعود إليه، ومعهم أوراق ملكية أرضهم ومفاتيح بيوتهم.. المشاركون في الرحلة أنشدوا “راجعين ع بلادي”، لكن حواجز الاحتلال “الإسرائيلي” منعتهم من استكمال رحلتهم.
في نابلس، صنع الفلسطينيون “سفينة العودة”، يجرّها حصان، سمّوها “حلم يافا”، تلك المدينة الفلسطينية الساحلية على البحر المتوسط، التي اضطر آلاف الفلسطينيين إلى الهروب إليها لركوب السفن متجهين نحو لبنان أو مصر، هرباً من العنف الصهيوني عام 1948م.
في جنوب لبنان، نظّم الفلسطينيون رحلات بالباصات إلى الحدود مع فلسطين، على نفس الطريق الذي هاجر عليه أهلهم عام 1948م سيراً على الأقدام، بفعل سياسة التشريد والتهجير والمجازر التي ارتكبتها الجماعات الصهيونية.
ذكرى النكبة في 15 مايو من كل عام، هي ذكرى الألم والجرح والعذاب، ذكرى تحمل في نفوس الفلسطينيين جرح الرحيل عن الوطن، والخروج من صفة مواطن إلى صفة لاجئ.
الاحتلال الصهيوني راهن على النسيان ومحو الذاكرة، اعتقد أن إجراءات الطرد والتهجير، وإجراءات تغيير الهوية وأسماء المدن والشوارع، وإجراءات قوانين ضمّ ملكية الأراضي، وإجراءات القتل والاعتقال، ستدفع الفلسطينيين للنسيان، نسيان الوطن، نسيان الحق، نسيان العودة.. ستدفع الفلسطينيين للذوبان في المحيط، والدول التي سينتقلون إليها.
بعد 68 عاماً من النكبة، فشل الاحتلال في كل خياراته.. الفلسطينيون تمسّكوا بحقّهم، بأرضهم، قاوموا بكل الوسائل، صمدوا داخل وخارج أرضهم، تحملوا القتل والعذاب والتشريد، لكنهم تمسكوا بهويتهم.
الوضع الفلسطيني يعاني من مشكلات سياسية وخلافات داخلية كثيرة.. هذه مسألة واضحة، لكن الفلسطينيين أطلقوا مقاومة قوية في فلسطين غزة باتت اليوم قادرة على ضرب عمق المجتمع “الإسرائيلي” من قلب فلسطين وليس من خارجها.
والفلسطينيون أطلقوا في القدس والأراضي المحتلة عام 1948م والضفة الغربية انتفاضات متلاحقة ضد الاحتلال، ونفّذوا عمليات تفجير وطعن ودهس وإلقاء زجاجات حارقة، واشتبكوا مع الاحتلال في كل نقطة.
والفلسطينيون في الخارج تحمّلوا الضغوط السياسية والأزمات الاجتماعية من أجل العودة إلى فلسطين.. وهذا ما عبّروا عنه هذا الأسبوع عند إحياء ذكرى النكبة.
العودة لفلسطين هي حقّ قانوني، ومشروع سياسي، وبرنامج يوحّد الفلسطينيين.