تظهر “إسرائيل” اليوم كدولة تعيش أوضاعاً مستقرة، مطمئنة، مرتاحة إلى التطورات في المحيط.
ألدّ أعداء “إسرائيل” يعيشون في أزمات وصراعات: “حماس” مأزومة، مصر مستنزفة، سورية في صراع، “حزب الله” متورط في سورية، إيران مقيّدة وتعاني أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية.
قدّمت “إسرائيل” نفسها للعالم في السنوات الأخيرة بأنها دولة في وضع إستراتيجي مريح، كل أعداء “إسرائيل” لا يستطيعون الوقوف على أقدامهم في السنوات العشر أو العشرين القادمة، وأرفق هذا التحليل بزيارات سياسية قامت بها الحكومة “الإسرائيلية”، ظهر بعضها كفتوحات سياسية مع روسيا ودول أفريقية، ورفض نتنياهو مبادرة فرنسا للتسوية، كل ذلك ينطلق من شعور القوة هذا.
إلا أن الحقيقة ليست كذلك، فبخلاف ما تحاول الحكومة “الإسرائيلية” الترويج له، فإن وضع “إسرائيل” ليس مريحاً إستراتيجياً كما يبدو.
فالتهديد الحقيقي للكيان الصهيوني يأتي من الداخل؛ فالمقاومة في فلسطين المحتلة تطوّر قدراتها العسكرية، وتستكمل بنيتها، والانتفاضة التي انطلقت في مناطق القدس والضفة الغربية ضربت الاحتلال في أماكن كثيرة: خلال الستة أشهر الأولى من هذا العام وقعت 25 عملية إطلاق نار، وستّ عمليات دهس، واكتشف الاحتلال 11 مخرطة تصنيع، ووضع يده على 170 قطعة سلاح.
الجو السياسي والإعلامي الشعبي الفلسطيني معارض جداً للكيان الصهيوني، ولكل مشاريع التسوية والاعتراف.
والسلطة الفلسطينية التي أصبحت تصنّف كأداة بيد الاحتلال تفقد دورها وشعبيتها، وهي مأزومة داخلياً وسياسياً.
أما حلفاء الكيان الصهيوني القدامى/ الجدد في المنطقة، فهم مأزومون سياسياً واقتصادياً وشعبياً للغاية، وبقاؤهم مهدّد.
ويدرك الكيان الصهيوني أن التمدد الإسلامي الذي حصل في السنوات الأخيرة وعاد وانحسر بفعل العنف الذي استُخدم ضدّه، هو تمدّد حيوي، قابل للعودة، وكل محاولات استئصاله لن تنفع.
وترى الحكومة الصهيونية أن المزاج الشعبي العربي ضدّ التطبيع يتزايد، وهذا ما برز من ردود فعل على زيارة عدة وفود عربية للكيان الصهيوني مؤخراً.
ويستشعر الاحتلال خطورة تحوّل الرأي العام العالمي ضدّ الحكومة “الإسرائيلية”، وهذا ما ظهر من خلال أعمال منظمات المقاطعة (BDS)، التي بدأت تكبّد الاحتلال خسائر مهمة.
صحيح أن الكيان الصهيوني حصل على مكاسب إستراتيجية مهمة في السنوات الماضية، لكنه أيضاً يتعرّض لتهديدات جوهرية تُظهر أن حاله ليست كما تصوّرها حكومة الاحتلال.