إنها أصعب أيام الموصل، فوسط لهيب المعارك لكل من عراقيي الموصل ونواحيها اليوم شأن يغنيه.
وفي السهول والسفوح والنجوع، أطلق كثيرون سيقانهم للريح حينما وقعوا بين فكي كماشة بين القوات العراقية والبيشمركة من جهة، و”تنظيم الدولة الإسلامية” من جهة أخرى، بعد نحو شهر من بدء معركة الموصل في 17 أكتوبر الماضي.
وهؤلاء 500 شخص أغلبهم نساء وأطفال فروا من قضاء الحويجة جنوب كركوك، التي تمثل واحدة من أهم مواقع “تنظيم الدولة الإسلامية” إلى منطقة مخمور جنوب شرق الموصل، والتي تسيطر عليها قوات البيشمركة، ومن هناك أخذوا إلى مخيم الجدعة جنوب القيارة الذي تسيطر عليه القوات العراقية.
لم يحمل هؤلاء أطفالهم فقط، بل أطفالاً مع أطفالهم وأثقالاً مع أثقالهم، أحضر هؤلاء معهم أربعة أطفال أمهاتهم ألقى “تنظيم الدولة” القبض عليهن بحجة كون أزواجهن مقاتلين في الجيش العراقي أو الشرطة.
واحد من الأطفال لم يتجاوز شهره الرابع عثر عليها فارون في الطريق وهو يكاد يهلك من البكاء، كما تحكي النسوة الفارات من محاولات لـ”تنظيم الدولة” لقنصهن حينما اقتربن مع فارين آخرين من الساتر الذي يفصل بين التنظيم ومقاتلي البيشمركة.
بعض العائلات تدفع 200 دولار عن كل فرد لمهربين عارفين بدروب المنطقة لتهريبهم، لكن آخرين لا يملكون شيئاً دفع بهم الجوع والإذلال كما يقولون على يد “تنظيم الدولة” إلى أن ينتحروا فراراً.
الكلمة التي تجمع بين كثيرين هنا هي “انهزمنا من ظلم داعش”، ويقول كثيرون: إن التنظيم يحكم بالنار والحديد المناطق التي تخضع له، فهو يمنع التدخين ويعاقب على حلق اللحى وسماع الموسيقى.
ويقول شيخ طاعن في السن نجح في الفرار على رجليه: إن التنظيم يمنع المدنيين من الخروج إلى مناطق واقعة تحت سيطرة الدولة العراقية بسبب كونها “مناطق كفر”.
وفي هذه الأثناء، تتواصل المعارك بشدة في المناطق الشرقية من مدينة الموصل كحي القادسية الثانية، ويتواصل معك ذلك الغموض الذي يكتنف مصير المدنيين هناك، حيث لم يسمح لهم التنظيم بالخروج، كما لم تنجح القوات العراقية في فتح ممرات آمنة لهم كما وعدت من قبل.