لم تكتمل بعد عملية تهجير عشرات آلاف المدنيين والمقاتلين المعارضين من شرق حلب، شمالي سورية، عقب حصار خانق وقصف مكثف بمختلف الأسلحة بما فيها المحرمة دولياً، حتى بدأت روسيا استغلال الوضع الجديد سياسياً، عبر الحديث عن استئناف العملية السياسية.
وتحدثت موسكو، اليوم الجمعة، عن استئناف العملية السياسية بالشراكة مع تركيا، الشريك الجديد لها، بعد ابتعادها عن الغرب والولايات المتحدة، عبر عملية تفاوضية في آستانة عاصمة كازاخستان، البعيدة جغرافياً عن جنيف مقرّ جولات التفاوض السابق بين المعارضة والنظام برعاية أممية.
واعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، في طوكيو، اليوم الجمعة، أنّ ما وصفه “تحرير حلب تطور مهم يسمح بإيجاد هدنة جديدة”.
وكشف أنّ عملية إخراج المسلحين التي تجري حالياً من شرق حلب، هي ما تم التوصل إليه خلال زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى بطرسبورغ، موضحاً أنّ موسكو اتفقت مع أنقرة على مساهمة تركيا في إخراج المسلحين الذين سيوافقون على إلقاء السلاح، “من أجل حماية المدنيين قبل كل شيء”.
وأكد بوتين أنّ موسكو تجري مباحثات مكثفة مع المعارضة السورية بوساطة تركية، مشيراً إلى إمكانية إجراء جولة جديدة من هذه المباحثات في آستانة عاصمة كازاخستان، إذا وافقت الأطراف المعنية على ذلك.
وأوضح أنّ مثل هذه المباحثات، في حال إجرائها، “ستكمل المباحثات الجارية في جنيف”، مضيفاً “أول أمس اتفقت مع الرئيس أردوغان هاتفياً على أن نطرح على الجانبين المتنازعين؛ من جهتنا لحكومة سورية، ورئيس تركيا لممثلي المعارضة المسلحة، مواصلة عملية مفاوضات السلام في منصة جديدة، قد تكون هي عاصمة كازاخستان مدينة آستانة”.
واعتبر أنّه “أينما كان مكان اجتماع الجانبين المتنازعين، فمن الصحيح عقد هذا الاجتماع والسعي إلى إيجاد تسوية سياسية”، على حد قوله.
في المقابل، اكتفى نائب رئيس الهيئة العليا للمفاوضات يحيى القضماني، في حديث مع “العربي الجديد”، بتأكيد وجود لهذه التحرّكات والمساعي، قائلاً “نعم… نعرف عن هذا الأمر من خلال المعلومات التي تردنا”.
ولفت القضماني إلى أنّ “روسيا تشجّع تجمّعات المعارضة التي تعرفها بما فيها هيئة التنسيق وشخصيات عديده لعقد مؤتمر”، وأضاف “لم يتم أي تواصل بيننا كهيئة وبين الروس”، مؤكداً معارضة الهيئة العليا للمفاوضات لأي مؤتمر من هذا النوع، “لقناعتنا أنّ عقد مؤتمر بهدف عقده، بدون مرجعية، هو خدمة كبيرة للنظام”.
ولفت إلى أنّ “رؤية موسكو للحل السياسي تقوم على بقاء النظام وحكومة موسعة، تشارك فيها شخصيات المعارضة المرضي عنها بشكل مؤثر”، مؤكداً في الوقت عينه “إذا وافق الروس على مرجعية جنيف واحد والقرارات الدولية، سيكون لنا موقف آخر”.