على عكس الأعوام الماضية تبدو أسواق الأضاحي في قطاع غزة الفلسطيني شبه خالية هذا العام؛ جراء الأوضاع الاقتصادية والأزمات الإنسانية الحادة التي يشهدها القطاع المحاصر “إسرائيلياً” منذ أكثر من 10 سنوات.
وقال تاجر مواشي ومسؤول حكومي، لمراسل “الأناضول”: إن أسواق المواشي تعاني إقبالاً ضعيفاً للغاية من المواطنين على الشراء.
كما ألقت أزمة انقطاع التيار الكهربائي بظلالها على موسم الأضاحي، حيث يتخوف الكثيرون من عدم القدرة على تخزين اللحوم في الثلاجات.
ويقبل المقتدرون من المسلمين، خلال عيد الأضحى الذي يحل فلكياً مطلع سبتمبر المقبل، على تقديم الأضاحي، تطبيقاً لإحدى شعائر الإسلام، التي يتقرب بها المسلمون إلى الله، ويوزعون لحوم الأضاحي عل الفقراء.
مصدر رزق وحيد
داخل إحدى مزارع تربية وبيع الأبقار في مدينة بيت حانون، شمالي غزة، أعرب التاجر أمجد أبو عجينة عن استيائه وخيبة أمله بسبب ضعف الحركة الشرائية في القطاع، الذي يسكنه قرابة مليوني نسمة.
أبو عجينة قال لـ”الأناضول”: أنتظر موسم الأضاحي بفارغ الصبر كي أبيع المواشي التي تشكل لي ولعائلتي مصدر الرزق الوحيد.
وبنبرة أسى، تابع أن الحالة الاقتصادية الصعبة، التي يعيشها سكان غزة تسببت في عزوف الكثير من المواطنين عن شراء الأضاحي، ويكاد الإقبال يكون معدوماً هذا العام.
وأضاف التاجر الفلسطيني أن كثيراً من زبائني هم من فئة الموظفين، وقد عزفوا عن شراء أضاحي، جراء خصم الحكومة الفلسطينية جزءاً من رواتبهم.
ويعاني قطاع غزة أزمات معيشية وإنسانية حادة، جراء خطوات اتخذها الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، منها تقليص رواتب موظفي الحكومة في غزة، وإحالة الآلاف منهم إلى التقاعد المبكّر.
وبرر عباس هذه الإجراءات برغبته في دفع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تحكم غزة منذ عام 2007، إلى تسليم الحكم إلى الحكومة، والموافقة على إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية.
وبشكل كبير، كان اقتصاد غزة، يعتمد على رواتب الموظفين الشهرية، التي تدفعها الحكومة في الضفة الغربية.
ويعاني قطاع غزة ارتفاعاً كبيراً في معدلات البطالة، خاصة بين الشباب، حيث يعاني نحو 60% من هؤلاء الشباب من البطالة، و53% منهم خريجو جامعات، بحسب إحصاءات فلسطينية رسمية.
مشاركة مستبعدة
وقال الفلسطيني محمد أحمد، وهو موظف لدى السلطة الفلسطينية: إنه غير قادر على شراء أضحية هذا العام؛ بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية في غزة، إضافة إلى اقتطاع جزء كبير من راتبه.
أحمد أضاف لـ”الأناضول” أنه جرت العادة في كل عام أن أشترك مع 6 من أقربائي بحصة في بقرة، حيث يدفع الفرد ما يقارب من 400 دولار، لكن هذا العام من الصعب جداً “شراء أضحية” رغم انخفاض ثمنها بخلاف الأعوام السابقة.
وتفضل نسبة كبيرة من سكان غزة تقديم أضاحي الأبقار، بدلاً من الماعز والأغنام، كون الأبقار توفر كميات أكبر من اللحوم.
أسعار منخفضة
ووفق وزارة الزراعة في غزة (تديرها حركة “حماس”) فإن حركة شراء الأضاحي هذا العام ضعيفة، رغم انخفاض أسعار الأضاحي مقارنة بالعام الماضي.
وقال تحسين السقا، مدير دائرة التسويق بوزارة الزراعة: إن أسعار المواشي من فئة البقر والعجول هذا العام أقل من العام الماضي بحوالي 255 دولاراً للبقرة الواحدة، البالغ سعر الكيلوجرام (الحي) منها نحو 15 شيكل (4.2 دولاراً).
وأضاف السقا: أما أسعار الخراف فيتراوح سعر الكيلوجرام (الحي) منها بين 4 – 5 دنانير أردنية (5.6 – 7 دولارات) بفارق نصف دينار عن العام الماضي.
ولفت إلى أن وزارته أدخلت إلى القطاع، عن طريق معبر “كرم أبو سالم” التجاري الخاضع لسيطرة “إسرائيل”، 21 ألف رأس من الأبقار والعجول، و30 ألف رأس من الخراف منذ بداية العام الجاري، إضافة إلى وجود ثلاثة آلاف بقرة في المزارع المحلية بغزة.
ورغم توافر الأضاحي وانخفاض الأسعار، يشهد هذا العام، وفق الموظف الفلسطيني عزوفا من المواطنين عن شراء الأضاحي؛ جراء الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها أهالي القطاع، بسبب الحصار وانقطاع التيار الكهربائي، فضلا عن خصم رواتب موظفي السلطة الفلسطينية.