لو سقطت “درنة” المجاهدة الصابرة الآن لوجدتها تتصدر نشرات الأخبار والقنوات الفضائية “العربية” والغربية، ولطفق المعلقون العملاء والمأجورون يشرحون للناس أهميتها الإستراتيجية وموقعها المتميز، وكيف أنها كانت عقبة كأداء في طريق بسط القائد الضرورة والمشير الذي رقَّى نفسه ليرقِّي بعد ذلك بليبيا وينقذها من الثوار الإسلاميين المتأسلمين “الخونة” حتى لا تصبح ليبيا التي ظلت آمنة مستقرة حتى ظهر نجم شؤمه في سماء ليبيا الأبية الصامدة!
لو سقطت “درنة” لاستضافت إذاعات الفتنة التي مازالت تبث التبعية من عواصم الاستعمار القديم الذي مازال يرى نفسه وصياً على الدول التي سرقها ونهبها ومازال باحتلاله المباشر أو من خلال وكلائه.
لو سقطت “درنة” لاستضافت تلك الإذاعات الموجهة ما تسميهم محللين ومتخصصين يفلسفون الهزيمة ويبررون السقوط، ليسألوهم:
ماذا يعني سقوط درنة؟
ولماذا تأخر سقوطها؟
وماذا لو لم تسقط؟
وهل تسقط طرابلس كما سقطت درنة؟
ومتى ستسقط طرابلس؟
وكيف سيكون شكل ليبيا بعد سقوط طرابلس؟
وهل يستتب الأمر للمشير في ليبيا، كما استتب لمشيرين آخرين في بلاد أخرى، أم سيستغرق ذلك بعض الوقت؟
وكم من الليبيين وكم من المدن الليبية يجب أن يسقط قبل أن يستتب لنا (أقصد للمشير) الأمر؟
هذه هي لغتهم، وهذه مهمتهم.. لغة السقوط، ومهمة الإسقاط!
لغتهم لا تسعى إلا لتبرير كل أنواع السقوط.. السقوط لكل صوت حر ولكل معنى في صالح الشعوب.
ومهمتهم أن يقتلعوا كل نبت واعد، ويشوّهوا ويشيطنوا كل منتمٍ للأرض والعرض والدين.
وأنا أبشركم يا من تولولون أياماً وأسابيع لختان أنثى في أقصى صعيد مصر ولا تسمعون ولا تدرون أو بالأحرى تتجاهلون صرخات أطفال درنة الذين يموتون لأن حفتر يمنع عنهم الحليب في بلد يعيش على بحيرات من النفط! ولن تأتوا بأخبار موتهم إن ماتوا!
أبشركم بأن هؤلاء لهم من يسمعهم وعندهم من سيغيثهم، وأن ليبيا لن تركع.
ليبيا لن تركع لأن بها رجال.. رجال لم يستسلموا وعهدي بهم أنهم لا يستسلمون!
“ننتصر أو نموت”..
وأن المعركة ولو طالت ستحسم للمجاهدين الصادقين أحفاد المختار المجاهد المسلم الأبيّ الذي خلده التاريخ! ولم يذكر المنبطحين المستسلمين الذي رضوا بأن يكونوا مع المزابل!
وأنها ستحسم في ليبيا بأبناء ليبيا الذين يوقنون أنهم هم أهل الحسم.
وأن عاصمتهم طرابلس الأبية العصية الصامدة هي عاصمة الحسم، لا باريس ولا لندن ولا روما ولا واشنطن.
وأن رجالهم، غير الخونة، هم رجال الحسم في بلدهم لا ليون ولا كبلر ولا حتى اللبناني العربي غسان سلامة!
وأن ما ينفق من قبل أكابر مجرمي العالم ولصوص الأمم وذيولهم وتابعيهم من أجل إعادتهم لحظيرة التبعية سيكون حسرة عليهم وسيُغلبون!
أيها السادة، إنكم لا تعرفوننا.. لا تعرفون درنة ولا بنغازي ولا طرابلس ولا تعرفون ليبيا!
وسيأتي الوقت الذي ستعرفون فيه مَنْ نحن، ومَنْ هي درنة.
“وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيبًا”.