أعادت الأزمة الحادة التي أثارها الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان العراق بين حكومتي أربيل وبغداد ملف الأراضي المتنازع عليها بين الطرفين إلى الواجهة، وتعد محافظة كركوك الغنية بالنفط من أبرز هذه المناطق.
وأعلنت القوات العراقية، أمس الإثنين، استعادة السيطرة على حقول نفطية ومطار عسكري وأكبر قاعدة عسكرية في محافظة كركوك، وكلها تقع ضمن المواقع المتنازع عليها، وأعلنت أيضاً السيطرة على مبنى محافظة كركوك بعد انسحاب قوات البيشمركة من المدينة.
وتشكل المناطق المتنازع عليها شريطاً يبلغ طوله أكثر من ألف كلم يمتد من الحدود مع سورية حتى الحدود الإيرانية، وتبلغ مساحتها نحو 37 ألف كلم مربع.
ويمر هذا الشريط إلى جنوب محافظات الإقليم الثلاث، أربيل والسليمانية ودهوك التي تتمتع بحكم ذاتي، ويشمل أراضي في محافظات نينوى وأربيل وصلاح الدين وديالى، إلى جانب محافظة كركوك.
ووفقاً للجغرافي الفرنسي المختص بإقليم كردستان سيريل روسل، فإن “المناطق المتنازع عليها تعد المعالم الرئيسة للخلاف بين السلطة المركزية والإقليم الكردي”.
وتم تشكيل إقليم كردستان الذي يتمتع بحكم ذاتي ويبلغ عدد سكانه 5,5 مليون نسمة، بعد حرب الخليج الأولى عام 1990، وتبلغ مساحته 75 ألف كلم مربع، وتم ترسيخ ذلك دستورياً عام 2005.
لكن هذا الإقليم لا يعكس الحقيقة التاريخية بالنسبة للأكراد الذي يؤكدون أن ثلث الشعب الكردي مستبعد من الإقليم، كما حقول النفط الواقعة في محافظة كركوك والتي يفترض برأيهم ضمها إلى الإقليم.
وسيطرت قوات البيشمركة تدريجياً على المناطق المتنازع عليها مستغلة ضعف القوات المسلحة التي كانت تعيد تشكيل وحداتها إثر قيام الحاكم المدني الأمريكي بول بريمر بحل الجيش بعد اجتياح العراق عام 2003، ثم في أعقاب الفوضى التي سادت إثر اجتياح تنظيم “الدولة الإسلامية” في عام 2014.
وينتشر المقاتلون الأكراد ضمن مساحة 23 ألف كلم مربع من الأراضي، 9 آلاف منها في محافظة نينوى و6 آلاف و500 في محافظة كركوك و1500 في محافظة صلاح الدين و3500 في ديالى و2500 أخرى في منطقة مخمور التي يعتبرها الأكراد جزءاً من محافظة أربيل وكانت ملحقة بمحافظة نينوى في تسعينيات القرن الماضي.
ويشير روسل إلى أن قوات البيشمركة كانت بالفعل موجودة قبل عام 2014 في المناطق المتنازع عليها بشكل مختلط مع قوات بغداد.
لكن في يونيو 2014، انسحبت قوات من الجيش والشرطة العراقية أمام الهجوم الشرس للجهاديين الذين سيطروا على نحو ثلث مساحة البلاد.
ويضيف روسل أن “انسحاب الجيش العراقي آنذاك سمح للأكراد بالاستفراد بالسيطرة على المناطق التي كانوا فيها”.