توافق اليوم الثلاثاء الموافق 17 أبريل الذكرى السنوية الرابعة عشرة لاغتيال أحد مؤسسي حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وقائدها في قطاع غزة عبد العزيز الرنتيسي الملقب بـ”أسد فلسطين” عبر استهداف سيارته من قبل طائرات الأباتشي “الإسرائيلية” في مدينة غزة.
وكانت طائرة “إسرائيلية” تابعة لجيش الاحتلال أطلقت مساء يوم 17 أبريل 2004 صاروخًا على سيارة الرنتيسي أثناء سيرها في مدينة غزة، فاستشهد مرافقه ثم لحقه وهو على سرير المستشفى في غرفة الطوارئ، ومن وقتها امتنعت حركة “حماس” من إعلان خليفة الرنتيسي خوفًا من اغتياله.
ويأتي ذكرى استشهاد الرنتيسي مع ذكرى يوم الأسير الفلسطيني، الذي كان يشارك بأبرز فعالياته في يوم استشهاده.
وولد الرنتيسي في 23 أكتوبر 1947 في قرية يبنا (بين عسقلان ويافا)، وكان عمره ستة شهور عندما تم تهجير عائلته وآلاف العائلات الفلسطينية في نكبة عام 1948م، من مناطق سكناهم إلى الضفة الغربية والقطاع والقدس والشتات.
وتخرج في كلية الطب بجامعة الإسكندرية عام 1972، ونال منها لاحقًا درجة الماجستير في طب الأطفال، ثم عمل طبيبًا مقيمًا في مستشفى ناصر بخان يونس عام 1976، وشغل عدة مواقع في العمل العام، منها عضو في الهيئة الإدارية في المجمع الإسلامي والجمعية الطبية العربية بقطاع غزة والهلال الأحمر الفلسطيني.
وعمل في الجامعة الإسلامية بغزة منذ افتتاحها عام 1978 محاضرًا يدرس في العلوم وعلم الوراثة وعلم الطفيليات، وكتب عدة مقالات سياسية نشرتها له صحف عربية أردنية وقطرية كما كان أديبًا وشاعرًا ومثقفاً وخطيبًا شعبويًا.
وكان الرنتيسي أحد قياديي حركة الإخوان المسلمين السبعة في قطاع غزة عندما حدثت حادثة المقطورة، فاجتمع قادة الإخوان في غزة وعلى رأسهم الرنتيسي على إثر ذلك، وتدارسوا الأمر، واتخذوا قرارًا مهمًا يقضي بإشعال انتفاضة في قطاع غزة ضد الاحتلال .
والرنتيسي كان أول من اعتقل من قادة الحركة في 15 يناير 1988، حيث اعتقل لمدة 21 يومًا بعد إشعال الانتفاضة الفلسطينية الأولى في التاسع من ديسمبر 1987.
وجمع الرنتيسي بين الشخصية العسكرية والسياسية والدينية، وتمتع بالهيبة وحظي باحترام ومحبة أغلب شرائح الشعب الفلسطيني والعربي والإسلامي، كما اتصف من قبل من عايشوه بصاحب شخصية قوية وعنيدة وجرأته وتحديه لقادة الاحتلال ولجلاديه في سجون الاحتلال.
وتمكّن في المعتقل عام 1990 من إتمام حفظ كتاب الله بينما كان في زنزانة واحدة مع الشيخ المجاهد أحمد ياسين، كما له قصائد شعرية تعبّر عن انغراس الوطن والشعب الفلسطيني في أعماق فؤاده.
وبتاريخ 17/ 12/ 1992 أبعد الرنتيسي مع 416 من نشطاء وكوادر حركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي” إلى جنوب لبنان، حيث برز كناطقٍ رسمي باسم المبعدين الذين رابطوا في مخيم العودة في منطقة مرج الزهور لإرغام سلطات الاحتلال على إعادتهم وتعبيرًا عن رفضهم لقرار الإبعاد “الإسرائيلي”.
وفور عودته من مرج الزهور اعتقلته قوات الاحتلال وأصدرت محكمة عسكرية حكمًا عليه بالسجن، حيث ظل محتجزًا حتى أواسط عام 1997.
وبلغ مجموع فترات الاعتقال التي قضاها في السجون “الإسرائيلية” 7 سنوات، بالإضافة إلى السنة التي قضاها مبعدًا في مرج الزهور، كما اعتقل في سجون السلطة الفلسطينية 4 مرات معزولًا عن بقية المعتقلين.
وبعد استشهاد الشيخ أحمد ياسين بايعته الحركة خليفة لياسين في الداخل، وفي أول قيادة له أمر بتنفيذ عملية ميناء أشدود، فكانت هذه العملية هي الشرارة لعملية اغتياله واستشهاده في 17 أبريل 2004.
واشتهر من أقوال الرنتيسي: “أرض فلسطين جزء من الإيمان، وقد أعلنها الخليفة عمر بن الخطاب أرضًا للمسلمين قاطبة، ولهذا، لا يحق لفرد أو جماعة بيعها أو إهداؤها”، وقال ذات مرة في لقاء باللغة الإنجليزية “الموت آتٍ سواءً بالسكتة القلبية أو بالأباتشي وأنا أفضل الأباتشي”.
ومما تمناه الرنتيسي وسعى لتحقيقه هو تحرير جميع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال وكان يردد دومًا “لن يهدأ لي بال حتى يتم تحرير جميع الأسرى”.
ومن أبرز ما كان يميزه من صفات صرامته في معاملته مع الاحتلال، متواضعًا في عمله كطبيب أطفال ولم يقفل بابه أمام أي مريض أبدًا.
وفي عام 2004، صدر كتاب حمل عنوان “مذكرات الشهيد عبدالعزيز الرنتيسي” قام بجمعه وتوليفه عامر شماخ المتخصص بالدراسات الإسلامية، الذي صدر من توليفه أيضًا كتاب “أحمد ياسين أيقظ أمة”.
المصدر: وكالة “صفا.