تُواصل الإدارة الأمريكية إصدار قرارات تنتهك الحقوق الوطنية الفلسطينية، وتُشكل خطراً حقيقياً على القضية الفلسطينية، لمساسها بالملفات الأساسية كـ”القدس” و”اللاجئين”.
وتنقسم هذه القرارات، وعددها عشرة، لنوعين، الأول يهدف إلى فرض وقائع على الأرض لصالح “إسرائيل”، كالاعتراف بالقدس عاصمة لها، ونقل السفارة للمدينة، والعمل على تصفية وكالة “أونروا” الأممية، أما الثاني، فهي قرارات عقابية لرفضهم خطة التسوية المرتقبة، المعروفة باسم “صفقة القرن”.
وكان آخر هذه القرارات طرد السفير الفلسطيني حسام زملط وعائلته، في واشنطن، واقتطاع 10 ملايين دولار من تمويل برامج شبابية، وإغلاق الحسابات المصرفية لمنظمة التحرير الفلسطينية بواشنطن.
ورغم عدم إعلان واشنطن حتى الآن لخطتها للتسوية “صفقة القرن”، لكن تسريبات متواترة، (إسرائيلية وأمريكية وفلسطينية) أكدت أنها تتضمن انتقاصاً خطيراً للحقوق الفلسطينية، وبخاصة فيما يتعلق بمدينة القدس، وملف اللاجئين، والاستيطان.
وبحسب العديد من المصادر، فإن الخطة تقوم على منح الفلسطينيين حكماً ذاتياً في الضفة الغربية، مع الاعتراف بشرعية الاستيطان الإسرائيلي فيها.
كما تسعى الخطة لإنهاء حق العودة للفلسطينيين، وشطب قضية اللاجئين.
وتدعو الخطة أيضاً إلى الاعتراف بالقدس عاصمة لـ”إسرائيل” فقط، ومنح الفلسطينيين عاصمة في ضاحية “أبو ديس”، القريبة من المدينة.
ويتوقع مراقبون فلسطينيون مواصلة الإدارة الأمريكية فرض القرارات العقابية حتّى قبول القيادة السياسية الفلسطينية بـ”الخطة الأمريكية للسلام”.
وفيما يلي رصد للقرارات التي اتخذتها إدارة ترمب، ضد القضية الفلسطينية:
1- الاعتراف بالقدس عاصمة لـ”إسرائيل”:
في 6 ديسمبر 2017، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب رسمياً اعتراف إدارته بالقدس المحتلة عاصمة لـ”إسرائيل”، ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، في خطوة لاقت إدانات وانتقادات عربية ودولية وإسلامية.
ووجّه ترمب في خطابه وزارة الخارجية إلى البدء بعملية نقل السفارة إلى القدس، لتكون أول سفارة بالمدينة المحتلة.
وأثار قرار ترمب غضباً فلسطينياً كبيراً، حيث اندلعت احتجاجات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أسفرت عن استشهاد وجرح العديد من الفلسطينيين.
ومنذ إقرار الكونجرس الأمريكي عام 1995 قانوناً بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، دأب الرؤساء الأمريكيون على تأجيل المصادقة على هذه الخطوة لمدة ستة أشهر، وهو التقليد الذي أنهاه ترمب.
2- تقليص المساعدات لـ”أونروا”:
في 16 من يناير الماضي، بدأت واشنطن في تقليص مساعداتها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، حيث جمّدت نحو 300 مليون دولار من أصل مساعدتها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين والبالغة حوالي 365 مليون دولار.
وتسبب ذلك الإجراء بمفاقمة الأزمة المالية التي كانت تعاني منها وكالة “أونروا” أصلاً؛ ما تسبب باتخاذ إدارة الوكالة عدة قرارات أدت إلى تقليص خدماتها في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين.
واعتبرت “أونروا” هذه الأزمة المالية بفعل تقليصات واشنطن لدعمها هي “الأكبر في تاريخها”.
وتأسست “أونروا” بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949، لتقديم المساعدة والحماية لحوالي 5 ملايين لاجئ فلسطيني في مناطق عملياتها الخمس، وهي: الأردن، سورية، لبنان، الضفة الغربية وقطاع غزة.
3- نقل السفارة للقدس:
بعد نحو 5 شهور من قرار واشنطن الأول، بالاعتراف بالقدس عاصمة لـ”إسرائيل”، نقلت سفارتها فعلياً من تل أبيب إلى المدينة في 14 من مايو الماضي.
وقال ترمب في خطابٍ لاحق: إن نقل سفارة بلاده إلى القدس “يُزيح ملف القدس من أي مفاوضات (فلسطينية-إسرائيلية).
وأثار ذلك القرار غضب الحكومات العربية والإسلامية والأجنبية، كما تسبب بموجة احتجاجات في قطاع غزة ارتكبت “إسرائيل” خلال مواجهتها مجزرة راح ضحيتها 62 فلسطينياً في يوم واحد.
4- قطع كامل المساعدات عن “أونروا”:
بعد أشهر من قرار تقليص المساعدات، قررت الإدارة الأمريكية في 3 أغسطس الماضي، قطع كافة مساعداتها المالية لوكالة “أونروا”.
وفي بيان لها، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، هيذر ناورت: إن واشنطن قررت عدم تقديم المزيد من المساهمات لـ”الأونروا” بعد الآن.
وأضافت أن الولايات المتحدة حذرت سابقًا من أنها “لن تتحمل القسم الكبير من هذا العبء بمفردها”، بعد مساهمتها الأخيرة، بأكثر من 60 مليون دولار، في يناير الماضي.
واعتبر الفلسطينيون ذلك القرار “تصعيداً أمريكياً خطيراً ضد الفلسطينيين يهدف لشطب حق العودة، وإغلاق قضية اللاجئين”.
40 ألف لاجئ فلسطيني فقط!
وفي ذات السياق، كشفت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، في 4 من أغسطس الماضي، أن إدارة ترمب بدعم من صهره ومستشاره جاريد كوشنر، وأعضاء في الكونجرس، يعملون على إنهاء وضعية “لاجئ” لملايين الفلسطينيين من أجل وقف عمل وكالة غوث وتشغيل الفلسطينيين (أونروا).
ونقلت المجلة، عن مسؤولين أمريكيين وفلسطينيين (لم تكشف عنهم) أن تلك المساعي تهدف إلى “إزاحة هذه القضية عن الطاولة في أي مفاوضات محتملة بين الإسرائيليين والفلسطينيين”.
وأضافت أن هناك مشروعي قانون، على الأقل يتم طرحهما في الكونجرس حالياً من أجل دفع هذه المسألة.
وقالت المجلة: إنها حصلت على رسائل بريد إلكتروني تداولها كوشنر مع مسؤولين بالإدارة الأمريكية، دعا فيها صراحة إلى ضرورة وقف عمل “الأونروا”.
وسبق أن نقلت صحيفة “يسرائيل هيوم” في 30 من يوليو الماضي، عن عضو في الكونجرس الأمريكي قوله: إنه يسعى لسن قانون جديد يعتبر عدد اللاجئين الفلسطينيين 40 ألفاً فقط من أصل 5.9 مليون لاجئ مسجلين في وكالة “أونروا”.
ويهدف العضو في مجلس النواب “داغ لمبورن” عن الحزب الجمهوري إلى تخفيض الدعم الأمريكي لوكالة “أونروا”، عن طريق حصر تعريف اللاجئ الفلسطيني بمن تشردوا خلال النكبة فقط واستثناء نسلهم من الأجيال اللاحقة.
ويقول عضو الكونجرس: إن خلفية القانون الجديد مرتبطة بالاختلاف في تعريف الأمم المتحدة بين اللاجئ الفلسطيني، وبين باقي اللاجئين في العالم الذين تتولى رعايتهم منظمات أخرى تابعة للأمم المتحدة غير “أونروا”.
ويكمن الفرق حسب لمبورن في أن تعريف اللاجئ من غير الفلسطينيين ينحصر فقط في الجيل الأول، فيما تتوارث أجيال الفلسطينيين صفة اللجوء.
وتنسب الصحيفة لمصادر في الكونجرس أن العدد سينحصر فقط في 40 ألف لاجئ منذ حرب 1948، وهو رقم قليل جداً مقارنة بمعطيات “أونروا”.
5- قطع كامل المساعدات للسلطة الفلسطينية:
في 2 أغسطس الماضي، قال رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله، في تصريحات خلال مؤتمر صحفي بمدينة رام الله (وسط الضفة الغربية): إن الإدارة الأمريكية قررت وقف كل المساعدات المقدمة للفلسطينيين.
ويشمل ذلك القرار “المساعدات المباشرة للخزينة وغير المباشرة، التي تأتي لصالح مشاريع بنية تحتية ومشاريع تنموية”، وفق الحمد الله.
واستكمل قائلاً: “أخبرونا رسمياً أن المساعدات ستتوقف، المساعدات المباشرة توقفت أساساً ولم يدخل أي دولار أمريكي إلى الخزينة منذ شهور، فيما المساعدات الأخرى، إما أوقفت فورا أو يجري وقفها، وهناك مشاريع لن يتم تجديدها بمجرد انتهائها”.
وأصدر البيت الأبيض بياناً، جاء فيه أن واشنطن أعادت توجيه أكثر من 200 مليون دولار كانت مخصصة لمساعدات اقتصادية للضفة الغربية وغزة، إلى مشاريع في أماكن أخرى حول العالم.
وحتى عام 2012، كان متوسط الدعم الأمريكي للموازنة للفلسطينيين بين 250 – 300 مليون دولار، وفق بيانات الميزانية الفلسطينية.
والعام الماضي 2017، بلغ الدعم الأمريكي للموازنة الفلسطينية 75 مليون دولار، و80 مليون دولار في عام 2016 وقرابة 100 مليون دولار في عام 2015.
ويبلغ متوسط الدعم السنوي الأمريكي لفلسطين خلال السنوات العشر الماضية منذ 2008، نحو 600 مليون دولار ووصل في بعض الأعوام إلى 800 مليون دولار، موزعة على الخزينة والأونروا ومؤسسات أهلية محلية.
6- وقف دعم مستشفيات القدس:
أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية في 7 سبتمبر الجاري عن حجبها 25 مليون دولار، كان من المقرر أن تقدمها كمساعدة للمستشفيات الفلسطينية في القدس، وعددها 6 مستشفيات.
وتُقدم المستشفيات العاملة في القدس الشرقية، خدمات طبية للفلسطينيين من سكان الضفة الغربية (بما فيها القدس الشرقية) وقطاع غزة.
وبعض الخدمات الطبية المتوافرة في مستشفيات القدس، غير متوافرة في الضفة الغربية وقطاع غزة مثل علاج الأورام والعيون.
ومستشفيات القدس الشرقية هي: مستشفى جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية، ومستشفى الهلال الأحمر، ومستشفى سانت جون للعيون، ومؤسسة الأميرة بسمة، ومستشفى مار يوسف (شهرته: الفرنسي) ومستشفى الأوغستا فكتوريا -المطلع.
وحذّر مسؤولون طبيّون في المستشفيات الفلسطينية من نتائج “كارثية جرّاء ذلك القرار الأمريكي”.
7- إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية بواشنطن:
أعلن أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، اليوم الإثنين (10 سبتمبر)، أن الإدارة الأمريكية، أبلغتهم رسمياً بقرارها إغلاق مكتب المنظمة في واشنطن.
وقال عريقات في بيان نشرته “وكالة الأنباء الفلسطينية” (وفا): تم إعلامنا رسمياً بأن الإدارة الأمريكية ستقوم بإغلاق سفارتنا في واشنطن عقاباً على مواصلة العمل مع المحكمة الجنائية الدولية ضد جرائم الحرب الإسرائيلية، وستقوم بإنزال علم فلسطين في واشنطن العاصمة.
وصباح اليوم كشفت الصحيفة الأمريكية “وول ستريت جورنال” أن إدارة ترمب تعتزم إغلاق مكتب بعثة منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن.
وقالت الصحيفة: إنها اطلعت على نص لمشروع قرار سيعلن عنه مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون اليوم (10 سبتمبر).
وجاء في مشروع القرار أن الولايات المتحدة ستقف دائماً مع صديقتها وحليفتها “إسرائيل”، وأن المكتب (بعثة منظمة التحرير) لن يبقى مفتوحا طالما يواصل الفلسطينيون رفض البدء بمفاوضات مباشرة مع “إسرائيل”.
8- إغلاق الحسابات المصرفية للمنظمة بواشنطن:
أغلقت الولايات المتحدة الأمريكية في 10 سبتمبر الجاري الحسابات المصرفية لمنظمة التحرير الفلسطينية.
وكشف أحمد مجدلاني، في تصريح لـ”الأناضول”، أن إغلاق تلك الحسابات جاءت في نفس اليوم الذي أصدرت فيه الإدارة الأمريكية قراراً بإغلاق مكتب المنظمة بواشنطن.
9- اقتطاع 10 ملايين دولار من تمويل برامج شبابي:
في 15 سبتمبر الجاري قررت الإدارة الأمريكية وقف تمويل برامج شبابية فلسطينية- إسرائيلية مشتركة بقيمة 10 ملايين دولار.
وأعلن جيسون غرينبلات، مساعد الرئيس الأمريكي، في 15 سبتمبر الجاري، عن وقف واشنطن تمويل برامج بقيمة 10 ملايين دولار، لبناء العلاقة بين الشبان الفلسطينيين والإسرائيليين.
وألمح غرينبلات في تغريدة على حسابه في “تويتر” آنذاك “أن القرار يأتي في سياق الضغط على الفلسطينيين”.
10- طرد السفير الفلسطيني من واشنطن:
قررت الإدارة الأمريكية الأحد (16 سبتمبر الجاري)، طرد السفير الفلسطيني لديها، حسام زملط وعائلته.
وفي ذلك الصدد، قال عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة، أحمد مجدلاني، لـ”الأناضول”: إن قرار إلغاء الإقامات شمل أيضاً أفراد أسرة السفير، وبينهم أطفاله.
ووصفت المنظمة ذلك القرار بـ”السلوك الانتقامي الذي يعكس ما وصلت إليه الإدارة الأمريكية من حقد على فلسطين قيادة وشعباً”.
واعتبرت المنظمة، في بيان، الخطوة الأمريكية “سابقة خطيرة في العلاقات الدولية الفلسطينية -الأمريكية ومخالفة صريحة للأعراف الدبلوماسية”.