إبراز النموذج الكرواتي في العيش المشترك وتنظيم العلاقة بين الطوائف الدينية والدولة والمجتمع
تكريس مبدأ المجتمع الأوروبي متعدد الثقافات والأعراق والأديان
تشجيع مبادرات الحوار والعيش المشترك وتصحيح الصورة النمطية عن الإسلام والمسلمين
قلق إزاء تمادي أصوات أحزاب اليمين المتطرف والتيارات الشعبوية في أوروبا
قلق بسبب الدعوة غير المسؤولة من ظاهرة تفسير القران الكريم والإسلام بطريقة خاطئة
أشاد المشاركون في مؤتمر المجتمعات المسلمة بأوروبا الشرقية بنموذج الإطار القانوني الكرواتي في تنظيمه للعلاقة بين الدين والدولة وإدارته للتنوع الثقافي والتعددية الدينية.
جاء ذلك في اختتام فعاليات المؤتمر الذي نظمه المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة بالتعاون مع المشيخة الإسلامية بجمهورية كرواتيا وبمشاركة بعض الدول الأوروبية يومي 15-16 يناير الجاري بالمركز الثقافي الإسلامي بزاغرب عاصمة كرواتيا بمشاركة المشيخات والجمعيات الإسلامية من: كرواتيا، البوسنة والهرسك، سلوفينيا، مقدونيا، كوسوفو، صربيا، الجبل الأسود، التشيك، بولندا، بلغاريا، أستونيا، رومانيا، أوكرانيا، ليتوانيا، سلوفاكيا، ألبانيا، المجر، اليونان، ألمانيا، فرنسا، بلجيكا، إيطاليا، ومن السويد.
وأكد المشاركون في المؤتمر على تحقيق العيش السليم المشترك المبني على التفاهم والحوار وذلك بإطلاق مبادرات توصل لمبادئ التسامح والانفتاح والمشاركة الإيجابية واحترام مقتضيات المواطنة، والسعي إلى تقوية دور الحوار بين الشرائج المتعددة في المجتمع وتقوية التعاون مع الجمعيات الدينية في المجتمع الأوروبي.
ودعوا إلى العمل على إقامة دورات تأهيلية للأئمة والخطباء والمفتين حول مقاصد الشريعة الإسلامية، وفقه الحوار والتواصل مع الأديان والثقافات والتنسيق وتبادل الخبرات حول التعليم الديني بين الجمعيات الإسلامية الرسمية، وتجنب الصراعات الحزبية والمذهبية والطائفية.
وأشادوا بالخطوات التي تقوم بها بعض دول المنطقة في إعطاء مساحة كبيرة للحريات خصوصاً الدينية والعناية بالأوقاف الإسلامية من مساجد ومدارس تاريخية.
وحثوا المؤتمر دول المنطقة على زيادة سياسات إدماج التعليم الإسلامي في المنظومات التربوية ومساقات الدراسات الإسلامية وتكوين الأئمة والخطباء في جامعاتها، والعمل على مبدأ التوافق والتعاون لتحقيق العيش المشترك بين أتباع الديانات والثقافات والأيدولوجيات وذلك بتكريس مبدأ المجتمع الأوروبي متعدد الثقافات والأعراق والأديان.
وطالبوا قيادات المؤسسات الإسلامية في دول البلقان وأوروبا الشرقية بالعمل أكثر على تحصين أبناء المسلمين من تيارات التطرف والعنف من خلال تفعيل رسالة المسجد الحضارية الداعية للاعتدال والسلم والتسامح.
ودعوا المؤتمر المراكز الإسلامية الثقافية في أوروبا إلى إطلاق مبادرات المسجد المفتوح والعمل على الاندماج الإيجابي في المجتمع والتواصل مع وسائل الإعلام لتصحيح الصورة النمطية عن الإسلام والمسلمين.
كما طالبوا المؤتمر المجلس الأوروبي والمجتمع الدولي بتجريم التطرف والإرهاب والتصدي له فكرياً وثقافياً وأمنياً والسعي إلى حماية الأوطان والعباد من شر التطرف والتشدد الديني.
وعبروا عن قلقه للتأثيرات السلبية الناجمة عن الأزمة الاقتصادية في بعض دول أوروبا مثل تصاعد البطالة والفقر والهجرة التي تؤدي إلى احتجاجات شعبية غير منظمة تساهم في إتلاف مقومات البلاد.
كما عبروا عن قلقه إزاء تمادي أصوات أحزاب اليمين المتطرف والتيارات الشعبوية في أوروبا، مطالبا الدول ومؤسسات المجتمع المدني بالوقوف ضد محاولات زج أوربا في ظلاميات وصراعات القرن الماضي وتجريم ازدراء الأديان وفقاً للقرار الأممي الصادر يوم 11 أبريل 2001 رقم 65/224.
كما دعوا الهيئات والمؤسسات الدينية بالاهتمام بقضايا الأسرة والشباب والمرأة والطفولة ودعم اندماجهم وإعطائهم فرص الحياة من خلال التنمية المستدامة والتوعية الفكرية.
وعبروا عن قلقه الشديد بسبب الدعوة غير المسؤولة في أوروبا وهي ظاهرة تفسير القران الكريم والإسلام بطريقة خاطئة بما يسمى التفسير الأوروبي وبدون الرجوع إلى علماء الدين المسلمين.
كما رحبوا بالتنظيم المؤسسي العملي واستقلالية الجمعيات الإسلامية في أوروبا الشرقية كمؤسسات رسمية، والدعوة إلى دعمهم دون تأثير جانبي، وعدم زجهم في تحزبات وصراعات وجماعات لا تخدم مصالحهم ولا أوطانهم ولا دينهم.
ورحبوا بجهود بعض البرلمانات الأوروبية في سعيها للاعتراف الرسمي بالدين الإسلامي على غرار النموذج الكرواتي.
من جانبه، عبر عمدة زاغرب السيد ميلان بانديتش عن اعتزازه بالتعاون مع المشيخة الإسلامية، وقال: نحن لا نتعايش بل لدينا عيش مشترك بين جميع طوائف المجتمع، ونحن في كرواتيا لدينا الحل ولسنا المشكلة.
وقد ألقى كلمة المشاركين د. مصطفين تسريتش رئيس العلماء السابق في البوسنة والهرسك تقدم فيها بالشكر إلى المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة على دورها الريادي في خدمة الإسلام والمسلمين وتوجه بالشكر إلى المشيخة الإسلامية في كرواتيا على جهودها المتميزة.
وتناولت كلمة محمد بشاري أمين عام المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة أهداف وحيثيات تأسيس المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة كمنظمة عالمية غير حكومية تجمع تحتها أكثر من 600 مؤسسة إسلامية عن 140 دولة كفضاء تنسيقي لجهود المنظمات والمؤسسات العاملة على نشر ثقافة السلم والحوار والتسامح وتعزيزها في البرامج الدينية والثقافية والتوعوية.
أما وزير العدل الكرواتي السيد دراجن بوشناكوفيتش فقد أعرب عن سعادته بإقامة هذا المؤتمر بجمهورية كرواتيا وتمنى النجاح والتوفيق للمؤتمرين.
كما وجه د. علي النعيمي رئيس المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة كلمته مخاطبا قيادات المؤسسات الدينية التعليمية والثقافية لمسلمي أوروبا الشرقية بضرورة العمل على نهج مسلك الاعتدال في التعامل مع باقي المكونات الدينية والعرقية في المنطقة وأن ينطلقوا من منطلق الانتماء للوطن والولاء لدولهم والعمل على تعزيز قيم المواطنة في أوساط المجتمعات المسلمة لتحقيق منهج النبوة الشريفة الخالدة الداعية إلى الخير والتعاون عليه.
وجاء هذا المؤتمر لإبراز النموذج الكرواتي في العيش المشترك، وتنظيم العلاقة بين الطوائف الدينية والدولة والمجتمع، وتقوية التعاون مع الجمعيات الدينية في المجتمع والتنسيق فيما بينها وتبادل الخبرات في مجال التعليم، والعمل على تشجيع مبادرات الحوار والعيش المشترك وتصحيح الصورة النمطية عن الإسلام والمسلمين، وتحصين أبناء المسلمين من تيارات التطرف والعنف والتشدد الديني، وإبراز دور المراكز الاسلامية الثقافية في تحقيق الأمن الروحي للمسلمين والوئام الوطني مع باقي المكونات المجتمعية والعمل على تشجيع مبادرات الحوار والعيش المشترك في المجتمع، إضافة إلى دعوة جميع الدول التي يتواجد فيها أقليات إسلامية إلى الاعتراف بالدين الإسلامي كدين رسمي والذي سيؤدي إلى الاندماج الإيجابي في المجتمع.