لم تكن الانتخابات الرئاسية التونسية في بلاد ثورة الياسمين فقط، بل امتد الاهتمام بها إلى قلب العاصمة القاهرة، وباتت رقماً مهماً في تعليقات المصريين على مواقع التواصل الاجتماعي بمصر والخارج، ما بين تثمين للعرس الديمقراطي ومقارنة بأحوال القاهرة.
وانطلقت، الأحد 15 سبتمبر، انتخابات الرئاسة التونسية المبكرة بمشاركة 7 ملايين ناخب تونسي مسجل، في ثالث انتخابات رئاسية في تونس منذ ثورة الياسمين 2011، بعد تصويت الخارج.
عرس ديمقراطي
وثمن الأمين العام المساعد السابق للمجلس الأعلى للصحافة بمصر قطب العربي إجراءات الانتخابات في تونس وقارنها بسوء ما حدث في مصر.
ووصف في تدوينة له ما يحدث في تونس بأنه “عرس ديمقراطي شعبي”، بينما أكد أن “مصر تحيا في مهزلة مستمرة”، وفق رأيه.
ووصف لحظات الترقب لنتائج الانتخابات الرئاسية التونسية بأنها تذكر الجميع بانتخابات 2012 في مصر، موجهاً التحية لثورة الياسمين ولأبناء تونس.
وطالب النظام المصري بالرحيل لتكرار مثل تلك التجربة في القاهرة، وتضامناً مع حملة دشنها رجل الأعمال محمد علي في مواجهة فساد مسؤولين بارزين في الدولة.
واعتبر الكاتب الصحفي المعارض وائل قنديل ما يحدث في تونس بناء للديمقراطية الثانية.
وقال في تغريدة على “تويتر”: ثورة تونس تبني ديمقراطيتها الثانية، وثورة مصر مدفونة تحت قصور النظام.
وقال المفكر السياسي المعارض د. محمد الجوادي: لو أجريت انتخابات رئاسية في مصر في نفس اليوم الذي تجرى فيه انتخابات تونس، فإن محمد علي (يقصد رجل الأعمال) يفوز بـ99% .
وانتقد مدير تحرير صحيفة “الأهرام” الأسبق كارم يحيى الذي عمل على الشأن التونسي بعد ثورة الياسمين، تلقف صحف بمصر لأوصاف مسبقة لوصم الانتخابات الرئاسية بتونس على غرار التحدث عن المرشح المتقدم حسب المؤشرات الأولية قيس سعيد ووصفه بالسلفي.
وقال في تدوينة مطولة على صحفته على موقع “فيسبوك”: أتعجب من وصف الرجل اليوم بـ”السلفي”، وسرعان ما جرى تلقف هذا الوصف في مصر، ومرة أخرى في توظيف بائس من أجل كراهية الديمقراطية والتعددية والسخرية من ممارسة المواطنين لحق الانتخاب، وبزعم أن الانتخابات التعددية والديمقراطية تجلب الاختيار بين فاسد مالياً خارج على القانون وسلفي في جولة الإعادة.
وأضاف أن قيس سعيد كما عرفه عن قرب رجل قانون دستوري يحظى بالاحترام والمصداقية، ومعروف باستقلاليته عن الأحزاب والقوى السياسية، مشيراً إلى أنه قد يكون محافظاً في رأيه بالنسبة للمساواة في الميراث باعتبارها “ليست بأولوية” مع استدعاء للعروبة والإسلام.
وأكد أن قيس سعيد عروبي بلا انتماء أيديولوجي ضيق، ومواقفه من فلسطين وفي رفض التطبيع واضحة وقوية، ناهيك عن تمسكه بالحديث بالفصحى حتى في لقاءات عامة وجماهيرية ومع عموم المواطنين التونسيين، مضيفاً: بالطبع هو غير مريح أو مقبول للفرانكفونيين.
وأشار إلى أن سعيداً رجل محسوب على الثورة على الأقل في حقل السياسة وإعادة بناء مؤسسات الدولة، وينطبق عليه وصف أنه رجل من خارج النظام أو المنظومة.
من جانبه، وصف الحقوقي أحمد مفرح المؤشرات الانتخابية الأولية في تونس بأنها تعبير عن اختيار ديمقراطي نزيه لا خسارة فيه، ويجب على الجميع احترامه وتثمينه.
وتواترت تغريدات ساخرة على موقع “تويتر” تتحدث عن وجود وفد مصري لمراقبة الانتخابات في تونس، يؤكد وجود انتهاكات في الانتخابات، وأبرزها وجود أكثر من مرشح في ورقة الترشيح، في إشارة إلى عدم وجود عدد من المرشحين المتنافسين في مصر! حيث كانت آخر انتخابات بين مرشحين اثنين فقط تصدرها الرئيس الحالي.
اهتمام حكومي
صحف السلطة بمصر اهتمت بطريقتها بالانتخابات، وعالجت الانتخابات بطريقة حذرة لم تتخل فيها عن الدبلوماسية، عدا ما يخص حركة النهضة، في إطار سياساتها المعروفة ضد الأحزاب المدنية ذات المرجعيات الفكرية الإسلامية، وفق مراقبين.
ووصفت صحيفة “اليوم السابع”، المقربة من السلطة، المشهد بأنه “عرس ديمقراطي”، ولكنه دخل مرحلة “صراع الأشواط الإضافية في انتخابات تونس”، وتوقعت ما وصفته بـ”مباراة ساخنة بين قيس سعيد، ونبيل القروي”، مؤكدة أن المرشح المستقل رافض المساواة في الميراث تقدم بـ19.50%، بينما حصد مرشح حزب “قلب تونس” الحبيس في زنزانة بسجن المرناقية 15.5%.
ولم تنسَ الصحيفة الهجوم على مرشح حزب النهضة بتونس، عبدالفتاح مورو، حيث وصفت في تقريرها، الإثنين 16 سبتمبر، على موقعها الإلكتروني تراجع مرشح حركة النهضة بأنه “خسارة إخوانية تعكس انتهاء الحركات الاجتماعية التي تستند لمقولات دينية مستهلكة”، بحسب تعبيرها.
وسلطت بوابة صحيفة “أخبار اليوم” المملوكة للدولة الضوء كثيراً على المرشح لرئاسة تونس قيس سيعد وتصدره للجولة الأولى لانتخابات الرئاسة، واعتبرته مفاجأة الانتخابات، متوقعة أنه أصبح على بعد خطوة واحدة من قصر قرطاج.
وقالت الصحيفة: يمتلك قيس سعيد سيرة ذاتية كبيرة فهو الأستاذ الأكاديمي المتخصص في القانون، وهو الرجل الذي ساهم في وضع ميثاق الجامعة العربية، وكذلك هو الذي رفض خوض الانتخابات الرئاسية في عام 2014 بعدما وجد نفسه غير مستعد لإلهام الشعب التونسي.