انتهت، أمس الأربعاء 16 أكتوبر 2019، مدة 25 عامًا من تأجير الأردن منطقتي “الباقورة” و”الغمر” الواقعتين داخل الحدود الأردنية لـ”إسرائيل”، وسط دعوات شعبية وحزبية ورسمية باستعادة هذه الأراضي ورفض تمديد التأجير.
وزعمت وسائل إعلام عبرية أن الأردن مدد لهم استئجار أراضي منطقتي “الباقورة” و”الغمر”، اللتين سبق تأجيرهما 25 عاماً بموجب اتفاق “وادي عربة”، وتنتهي هذه المدة اليوم 16 أكتوبر، وذلك لمدة عام آخر، وهو ما نفاه الأردن رسمياً.
ماذا قال الإعلام العبري؟
ذكرت “القناة 13″، وصحيفة “معاريف”، أن “إسرائيل” والأردن يبحثان عن “حيلة” جديدة لاستمرار تأجير أراضي الباقورة والغمر، رغم قرار الملك باسترجاع الأراضي، وأن مفاوضات سرية تجري على مستويات أمنية عالية، رافقتها زيارات متبادلة.
ونقلت “القناة 13″، والإذاعة الإسرائيلية “مكان”، عن مسؤولين في وزارة خارجية الاحتلال قولهم: إن الأردن وافق على تأجير المنطقة موسمًا زراعيًا آخر بين 5 و7 أشهر، قبل أن يستعيد سيادته على تلك المنطقة.
وذكرت أن تأجيل إعادة “جيب تسوفاره” يهدف إلى السماح للأردن و”إسرائيل” بمواصلة مناقشة “الأعمال المستقبلية” للمنطقة والبحث عن حل ما للانتفاع مجدداً من هذه الأراضي.
وقررت عمّان، في 21 من أكتوبر 2018، إلغاء تمديد ملحقي منطقتي “الباقورة” و”الغمر” الأردنيتين المؤجرتين لـ”إسرائيل” لمدة 25 عامًا، بموجب اتفاقية السلام.
و”الباقورة” منطقة حدودية أردنية تقع شرق نهر الأردن في محافظة إربد (شمال) تقدر مساحتها الإجمالية بحوالي 6 آلاف دونم، أما “الغمر” فهي منطقة حدودية أردنية تقع ضمن محافظة العقبة (جنوب) وتبلغ مساحتها حوالي 4 كيلومترات مربعة.
ومنطقتي الغمر والباقورة كانتا فيما مضى بادرة حسن نية لبوادر إيجابية بين عمَّان و”تل أبيب” قبل ربع قرن، رغبة من الطرفين بالوصول إلى حل جذري للصراع، ولكنهما أصبحتا اليوم مثار خلافٍ وتصعيدٍ أردني – إسرائيلي.
الخارجية الأردنية تنفي
ردت الخارجية الأردنية بنفي صحة ما نشرته وسائل الإعلام، وأكدت أن قرار المملكة الذي اتخذ بتاريخ 12/ 10/ 2018 بإنهاء العمل بالملحقين الخاصين بالباقورة والغمر “نهائي وقطعي”.
ونفى سفيان القضاة، المتحدث الرسمي باسم الخارجية الأردنية، أن تكون المشاورات الجارية من أجل “تجديد التأجير”، ولكنها من أجل “الإنهاء”.
ونقلت مواقع أردنية عن القضاة أنه بانتهاء النظامين الخاصين بتاريخ 10/ 11/ 2019 (حسب ما نصت عليه اتفاقية سلام “وادي عربة”) لن يكون هناك أي تجديد أو تمديد.
وبين القضاة أن الجانب “الإسرائيلي” طلب التشاور وفقاً لما نصت عليه المعاهدة، “ودخلنا مشاورات حول الإنهاء ولم تكن حول التجديد، بل للانتقال من المرحلة السابقة والترتيبات السابقة إلى المرحلة المقبلة”.
ما قصة التمديد؟
قالت المتحدثة باسم الحكومة الأردنية جمانة غنيمات، يوم 4 نوفمبر 2018: إن الأردن تلقى طلبًا رسميًا من “إسرائيل” للبدء بمشاورات حول ملحقي الغمر والباقورة الذي أعلن الملك عبدالله الثاني إنهاء العمل بهما مع نهاية مدتهما القانونية بحلول أكتوبر2019.
قبل أيام، ذكرت صحيفة “ميكور ريشون” الإسرائيلية أن مجلس الأمن القومي في مكتب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يجري اتصالات مع الجانب الأردني بشأن أراضي الغمر والباقورة، التي تنتهي مدة استئجارها في 26 أكتوبر الجاري.
ونقل موقع “عرب 48” عن الصحيفة العبرية قولها: إن الحكومة تمتنع عن الإدلاء بأي معلومات عن الاتصالات، لكن مصادر أردنية قالت: إن عمّان عازمة على عدم تمديد فترة الاستئجار.
من المقرر أن تنتهي مدة استئجار هذه المنطقة لـ”إسرائيل” في 26 أكتوبر الجاري، بعد مرور 25 عامًا على تأجيرها لـ”تل أبيب”، وفقًا لاتفاقية “وادي عربة” الموقعة بين “إسرائيل” والأردن عام 1994.
ونصت اتفاقية “وادي عربة” على أن تؤجر المملكة الأردنية الهاشمية كلًا من منطقتي الغمر في جنوبي البحر الميت والباقورة الواقعة في منطقة بيسان، لـ”إسرائيل” مدة 25 عامًا، على أن تمدد هذه الفترة بصورة تلقائية في حال لم يطلب الأردن قبل انتهاء المدة بعام إلغاءها.
وطلب الأردن العام الماضي (2018)، أي قبل انقضاء فترة التأجير بعام كامل نيته بعدم تمديد تأجير هاتين المنطقتين لـ”إسرائيل”، وماطلت “تل أبيب” بدعاوى أن هاتين المنطقتين مصدر أرزاق المستوطنين، والتخلي عنهما يضيع الموسم الزراعي.
وكتب ملك الأردن العام الماضي تغريده على حسابه بموقع “تويتر” أكد فيها أنه لا تمديد، وأن “قرارنا هو إنهاء ملحقي الباقورة والغمر من اتفاقية السلام”.
{source}<blockquote class=”twitter-tweet”><p lang=”ar” dir=”rtl”>لطالما كانت الباقورة والغمر على رأس أولوياتنا، وقرارنا هو إنهاء ملحقي الباقورة والغمر من اتفاقية السلام انطلاقا من حرصنا على اتخاذ كل ما يلزم من أجل الأردن والأردنيين</p>— عبدالله بن الحسين (@KingAbdullahII) <a href=”https://twitter.com/KingAbdullahII/status/1053951170899836928?ref_src=twsrc%5Etfw”>October 21, 2018</a></blockquote> <script async src=”https://platform.twitter.com/widgets.js” charset=”utf-8″></script>
{/source}
وهدد البرلمان الأردني بإلغاء معاهدة وادي عربة الموقعة بين عمَّان و”تل أبيب”، أو على أقل تقدير إعادة النظر بالاتفاقية الموقعة في العام 1994، حال رفضت “إسرائيل” تسلميهما للأردن أو تراجعت الحكومة عن استعادتهما.
سر الإصرار الأردني
بحسب مصادر دبلوماسية أردنية، هناك فتور متزايد في العلاقات مع “تل أبيب”، وغضب ملكي وشعبي من ممارسات “تل أبيب” التي تستهدف كيان الأردن الرسمي، في ظل الحديث عن تضمن “صفقة القرن” تنازل الأردن عن أراضٍ لـ”إسرائيل”.
زاد الغضب الأردني والرفض لأي تفاوض حول تمديد التأجير “الإسرائيلي” للباقورة والغمر، تعهد رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بفرض السيادة “الإسرائيلية” على منطقة غور الأردن، وشمال البحر الميت، في تصريحاته الأخيرة.
وشكل قتل مواطنين أردنيين بالقرب من سفارة “إسرائيل” في منطقة الرابية بعمَّان، وإصدار “تل أبيب” أمرًا باعتقال مواطنين أردنيين؛ عبدالرحمن مرعي، وهبة اللبدي، وتعرضهما للتنكيل من إدارة سجون الاحتلال علامة فارقةً في تدهور العلاقات.
وأشار مراقبون إلى أن الجانب “الإسرائيلي” تعمد إحراج الأردن أكثر من مرة، من خلال الحديث عن سحب الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية في المسجد الأقصى، ما دفع “خارجية” الأردن للاحتجاج رسمياً.
وأكد النائب صالح العرموطي أن العلاقات الأردنية “الإسرائيلية” تمر في هذه الأيام بـ”أسوء حالتها”، و”ما صدر عن الصهاينة تجاه الأردن خلال الفترة الأخيرة بمثابة إعلان حرب علينا، مثل تصريح نتنياهو بضم غور الأردن وشمال البحر الميت”.
وقال العرموطي لوكالة “قدس برس” أنه بصدد تقديم مشروع لمجلس النواب حول وجود 65 بندًا قام الاحتلال باختراقها في الاتفاقية، وقال: “نحن في الأردن لم نجنِ من اتفاقية “وادي عربة” أي خير”.
وعدد النائب العرموطي جملة ممارسات “إسرائيلية” أحادية الجانب، منها: “سحب الوصايا الأردنية على مقدسات القدس، وربط القدس بـ”إسرائيل”، واعتقال المرابطين والمرابطات وموظفي وزارة الأوقاف الأردنية بالقدس المحتلة، وغيرها”.
وصرّح إسحاق ليفانون، السفير “الإسرائيلي” الـسابق في مصر، بأن المشاريع “الإسرائيلية” الأردنية المشتركة متواضعة، والاتحادات المهنية الأردنية تمنع أي تواصل مع “إسرائيل”، والبرلمان الأردني يدعو لإلغاء الاتفاق، وطرد السفير من عمَّان، والإعلام الأردني دائم الانتقاد للاتفاق، ومستوى الثقة بين البلدين في الحضيض.
قصة احتلال “الباقورة” و”الغمر”
“الباقورة” هي أرض أردنية خالصة، تبلغ مساحتها 6 آلاف دونم، احتلتها “إسرائيل” عام 1950، من دون ضجيج، تقع شرق نهر الأردن، ضمن لواء الأغوار الشماليّة التابع لمحافظة إربد، وتبلغ مساحتها الإجماليّة حوالي 6000 دونم.
وفرضت “إسرائيل” سيطرتها على المنطقة الواقعة على الجانب الأردني عند ملتقى نهر اليرموك ونهر الأردن غرب الباقورة عام 1950 واحتلت هذه البقعة، لكنها ظلت محط نزاع مع الأردن.
عام 1994، اتفق الجانبان الأردني و”الإسرائيلي” في معاهدة السلام المعروفة باسم معاهدة “وادي عربة” على استرداد الأردن لجزء من الباقورة بمساحة تقارب 850 دونماً فقط، وتأجير “إسرائيل” المساحة المتبقية، التي يطلقون عليها اسم “نهاريم”.
وتقع منطقة الغمر قرب طريق البحر الميت القديم داخل الأراضي الأردنية، بمساحة 4000 دونم (1500 دونم بحسب روايات أخرى)، وجميعها مناطق زراعية خصبة.
وتعود بداية انتقال ملكية أرض الباقورة إلى “الإسرائيليين” إلى عام 1928 حين منحت الحكومة الأردنية عام 1928 عقد امتياز على كاملة المساحة إلى الصهيوني بنحاس روتنبرغ، لإقامة مشروع توليد كهرباء فلسطين، في مقابل حُدد حينها بثلاثة جنيهات فلسطينية لكل دونم.