– أشهد أني لم أرَ رئيساً مثله في حياتي.. وأنا قاض ولا أنتمي إلى أي جماعة سياسية
– لم ينم حتى أُلغي حبس الصحفيين
– رفض إطلاق الرصاص على المتظاهرين
– الإعلان الدستوري وبقاء مرسي في الحكم
– لم يرفض انتخابات مبكرة
في الذكرى الأولى لوفاة أول رئيس مدني منتخب د. محمد مرسي، كشف وزير العدل المصري السابق، المستشار أحمد مكي، عن عدة وقائع مثيرة حصلت خلال حقبة الرئيس الراحل محمد مرسي، لخصها في رفضه حبس صحفي شتمه، ورفضه ضرب متظاهرين ضده اقتحموا القصر الرئاسي بالرصاص، ونزوله على رغبة القضاة المحتجين على الإعلان الدستوري، وعدم رفضه فكرة انتخابات رئاسية مبكرة.
وقال وزير العدل المصري السابق، المستشار أحمد مكي: “أشهد أني لم أرَ له مثيلاً في رئاسة مصر، وأظلم نفسي وأظلمه عندما أقوم بتقييمه، وهو ممن تنطبق عليهم الآية الكريمة: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ).
ونفى -ضاحكاً- اتهامات كثيرة وجهت للدكتور محمد مرسي قبل وفاته وبعدها وإلى الآن ضمن حملات تخوين منها أنه سيبيع الأرض المصرية، وأنه يتخابر مع “حماس” وما إلى ذلك من اتهامات، مؤكداً أن هذه الاتهامات وغيرها ليس لها أي أساس من الصحة.
وقال مكي: “أشهد أني لم أرَ رئيساً مثله في حياتي من بين الرؤساء المتعاقبين على مصر، وأنا قاض ولا أنتمي إلى أي جماعة سياسية”.
وأضاف: “لا أستطيع أن أقيّم الرئيس مرسي أو أحكم عليه لأني سأظلم نفسي وأظلمه، ولكني أعتقد أنه ممن تصدق فيهم الآية الكريمة “مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا”.
وفيما يلي 4 وقائع عايشها بنفسه خلال فترة توليه منصب وزير العدل، وهي:
1- لم ينم حتى ألغي حبس الصحفيين:
أولى هذه الوقائع، كما يروي مكي، هي إلغاء حبس الصحفيين حيث اتصل به د. مرسي وقال: إنه لن يستطيع النوم لأن المحكمة قضت بحبس الصحفي إسلام عفيفي من جريدة “الدستور”؛ لأنه شتم الرئيس في إحدى المقالات، وطلب د. مرسي من المستشار مكي الاتصال بالمحكمة، وقال له: ربما حبسوه مجاملة له، وقال له مرسي: “أنا مش هعرف أنام، قول لهم يسيبوه”.
وقد رد عليه مكي قائلاً: إنه لا يستطيع التكلم مع المحكمة سواء لصالح الرئيس أو لصالح الصحفي أو لصالح أي شخص، فسأله: ما العمل؟ قال له مكي: ألغِ قانون حبس الصحفيين، فأصدر مرسي على الفور قراراً بقانون يقضي بإلغاء حبس الصحفيين.
رفض إطلاق الرصاص على المتظاهرين
الواقعة الثانية التي يرويها المستشار أحمد مكي حضرها وزير الدفاع حينئذ عبدالفتاح السيسي، ووزير الدفاع الحالي محمد زكي وكان رئيس الحرس الجمهوري، واللواء أحمد جمال الدين، وزير الداخلية آنذاك، ومستشار الرئيس للشؤون الأمنية الآن.
يقول المستشار مكي: “دُعيت إلى القصر الجمهوري لاجتماع عاجل، فرأيت الرئيس محمد مرسي مجتمعاً بهؤلاء ويناقشون قضية اقتحام القصور الرئاسية، حيث كان المتظاهرون اقتحموا القصر، وأخرج الحرس الجمهوري الرئيس من باب خلفي، فكانوا يتكلمون في كيفية حماية القصر الجمهوري.
وسأل الرئيس مرسي قائد الحرس الجمهوري: “هو إنت متقدرش تمنعهم؟” رد عليه قائلاً: “أضربهم بالرصاص”، قال له مرسي: “لا رصاص لا”، وذكر الحديث الشريف: لَنْ يَزَالَ المُؤْمِنُ في فُسْحَةٍ مِن دِينِهِ، ما لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا.
وقال له السيسي: إنه مستعد لإمداد الحرس الجمهوري بما يشاء من جنود لتعزيز قوة الحرس، لكن الرئيس محمد مرسي صمّم أنه لا مساس بمن يقتحم القصر الجمهوري.
وأوضح المستشار مكي أن القضية التي دُعي بشأنها لهذا الاجتماع هي أن هؤلاء المسؤولين طلبوا منه أن يطلب من النائب العام توفير وكيل نيابة ليكون شاهداً على أن الشرطة لا تسيء معاملة المتظاهرين الملاصقين للقصر الجمهوري.
واستطرد مكي قائلاً: “واقعة التظاهر واقتحام المؤسسات كانت تشغلني كثيراً، وكلمت الرئيس محمد مرسي بخصوصها أكثر من مرة، وكان يقول: “اتركوا الناس تتظاهر وتتنفس”.
وأضاف أن وزراء العدل العرب قالوا له: إن تظاهر الناس بميدان التحرير يهز صورة النظام، فقال: “مصر فيها مليون كيلومتر مربع، وأنتم شاغلون بالكم بكيلومتر مربع؟ اتركوا الناس تتظاهر وتتنفس وتفعل ما تريد”.
الإعلان الدستوري وبقاء مرسي في الحكم
الواقعة الثالثة، عندما صدر الإعلان الدستوري، وتضمن بند يقول: إن قرارات رئيس الجمهورية محصنة من رقابة القضاء، اعترض المستشار مكي، ومساعديه وكتبوا بالصحف، واجتمع المجلس الأعلى للقضاء للاعتراض، وقالوا بالاجتماع نريد مقابلة رئيس الجمهورية، فاتصل به مكي فقال الرئيس مرسي: “يأتوا فوراً”.
ويروي المستشار مكي ما حدث قائلاً: “ذهبت أنا ومجلس القضاء للاجتماع مع الرئيس مرسي في قصر الرئاسة، وقال: إنه لا يقصد تحصين قرارات رئيس الجمهورية في عمومها، وإنما تحصين مجلس الشورى ولجنة الدستور لحين الانتهاء من الدستور”.
وذكر د. مرسي أن حلم حياته أن تكون بمصر دولة مؤسسات، وأنه باق في الحكم إلى حين بناء هذه المؤسسات فقط، وهذا كان تفسيره للإعلان الدستوري.
وقد طالب المجتمعون منه إصدار بيان بهذا الأمر، فقال اكتبوا ما تريدون في البيان، وسأكلف المتحدث باسم رئيس الجمهورية بإعلانه.
يقول المستشار مكي: “بالفعل ذهبنا إلى غرفة نائب رئيس الجمهورية وكتبنا بياناً بخط يد أحد أعضاء مجلس القضاء وسلمناه للمتحدث الرسمي، وهذه الورقة ما زالت معي”.
لم يرفض انتخابات مبكرة
الوقعة الرابعة هي اعتقاد المستشار أحمد مكي أن الرئيس محمد مرسي كان لا يمانع في إجراء انتخابات رئاسية مبكرة في حال اكتمال مؤسسات الدولة ووضع الدستور وانتخاب مجلس الشعب، بناء على ما فهمه من اجتماعه مع المجلس الأعلى للقضاء، وهم ما زالوا أحياء وشهداء على ما حدث في الاجتماع.
وأضاف مكي أن الرئيس محمد مرسي كان يستمع لكل الآراء، وأنه لم يعترض عندما قلت له: ينبغي تكريم الرئيس الأسبق حسني مبارك رغم أنه مدان بحكم محكمة؟
ومع أن البعض يرى أن هذه علامة ضعف وأنها أحد أسباب نجاح الانقلاب العسكري على حكمه، لكن المستشار مكي يعتقد أنها “علامة قوة والتزام بمعتقداته ومبادئه، فالرجل الذي تولى رئاسة مصر لم يترك منزله ولم يغير عيشته، فصار رمزاً”، حسبما قال.
وقال أحمد مكي: إنه حين خرج معارضون له من جماعة الإخوان ضدي وطالبوني بالرحيل، قال لي د. مرسي: “لا تقدم استقالتك”، ونفي مكي أن المرشد العام للجماعة هو من كان يحكم ولم يرَ وصفاً لدكتور مرسي عليه رحمة الله سوى قوله تعالى: “من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً”.
وقال المستشار أحمد مكي: إن الرئيس محمد مرسي حُرم من أبسط حقوقه في أن يكون صوته مسموعاً للمحكمة؛ لأنه كان معزولاً عن القضاة بزجاج، وأنه سيلقب “بطلاً” عقب انجلاء الغمة الحالية وإعادة الاعتبار له.
وقال: إن الرئيس محمد مرسي “كان حلماً”، وأتمني أن تعود أيامه، وأن يكون لدينا رئيس مثله.