أكد نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، إبراهيم منير، أن تغيير الأوضاع السياسية في المنطقة العربية هو رهن بوعي الشعوب ولا يعول فيه على الإدارة الأمريكية أو غيرها، معربا عن أمله في “أن ترفع الإدارة الأمريكية الجديدة الدعم المادي والمعنوي عن ديكتاتوريات المنطقة، انحيازا للقيم الأمريكية في المقام الأول، ولصالح شعوب المنطقة التي تحرمها الأنظمة الدكتاتورية من حريتها وحقوقها”.
وأشار، في حوار نشرته وكالة أنباء “الأناضول”، إلى أن دوافع الحملة (التي تقودها بعض الدول العربية) ضد الإخوان هي دوافع سياسية بالدرجة الأولى، وليست فكرية كما يدعون، فهم يدركون جيدا حقيقة الإخوان”.
وتابع: “نحن نطور أجندة إعلامية وسياسية للتعامل مع ذكرى ثورة يناير ونحاول إيجاد تحالف موسع بمشروع متفق عليه، مع تلافي أخطاء ما ظهر من كيانات في السابق”، موضحا أن “خبرات السنوات السابقة تؤكد أن أي حراك في الشارع المصري لا بد أن يكون حراكا جماعيا شعبيا، وليس نخبويا أو فئويا”.
وأضاف: “نحن من جانبنا نعمل على رفع الوعي الشعبي، ونعلن دائما أننا مع أي اصطفاف وطني يقود إلى تغيير هذا الواقع المرير في مصر”.
وأكد منير على خطوط عامة لا بد أن تتوافر في أي تحالف قادم تتمثل “عدم الاعتراف بالنظام الانقلابي القائم، والحفاظ على سلمية الثورة، واحترام التنوع السياسي والإيديولوجي، واحترام الإرادة الشعبية”
واستبعد منير وضع الجماعة على قوائم الإرهاب حاليا في الولايات المتحدة الأمريكية، قائلا: “هو أمر لا نرجوه ولا نخشاه، إلا أننا نري أن هذه الخطوة مستبعدة حاليا وربما مستقبلا فقد رفضتها إدارة أوباما، وكل ما بذله بعض السياسيين في سنوات حكم الرئيس ترمب بضغط من دول الثورات العربية المضادة لم ينته إلى نتيجة”.
وحول ما قاله السيسي في فرنسا من أن محاربة الإسلام السياسي وجماعة الإخوان المنتشرة في دول العالم من أهم أولوياته، قال منير: “هي محاولة فقط لكسب الوقت لا أكثر، لأن التغيير قادم في المنطقة رغما عنه وعن مناصريه”، على حد قوله، مؤكداً أن الشعوب العربية ما زالت رغبتها في التغيير عارمة وما زالت تعلق آمالها -في غالبيتها- على “الإسلام السياسي”، وهو ما تعلمه أجهزة المخابرات جيدا، حسب رؤيته.
وأضاف أن “السيسي استنفد كل ما لديه من أسباب وبات مكشوفا تماما أمام شعب مصر وأمام العالم كله، فبعد فشل مشروعه الاستئصالي ضد الإخوان المسلمين، وبعد إخفاقه الشديد في تحقيق أي مصلحة معتبرة للشعب المصري وتراجع شعبيته، يحاول البحث عن دعم -ولو إعلامي- من أنظمة تتطابق أهدافها مع أهدافه في محاربة الإسلام السياسي”.
وأكد أن “عوامل الثورة ما زالت قائمة في مصر، بل زادت حدة عما كانت عليه أيام مبارك، وهو ما يمكن أن يفتح الطريق أمام عدم استقرار المنطقة .
وقال إن الحديث عن مصالحة أو “هدنة” يتعلق بإرادة الانقلاب أولا، موضحا أن السيسي حاول التواصل مع الإخوان، عبر وسيط، بين عامي 2015 م و2016 م لكنه كان يطلب اعترافا بشرعيته.
وأشار إلى أن “الإخوان أعلنوا مرارا أنهم مستعدون لأي حوار بعد الإفراج عن المعتقلين، ورد المظالم كلها، وعودة الجيش لدوره الطبيعي في حماية حدود الدولة وعدم تدخله في السياسة، ومحاسبة كل من أجرم في حق الشعب، وتمكين الشعب من اختيار من يحكمه بطريقة ديمقراطية”.
وأكد منير أن وجود التنظيم يمثل ضرورة لحماية فكرة الإخوان وإبقائها “حية متقدة”، حسب قوله- مشددا على أنه “إذا تفكك التنظيم ستنتهي الفكرة أو ستبقى فقط خيالا يداعب العقول وأملا يراود النفوس ولن تجد لها صدى في المجتمع”.
ونفى ما يتردد بشأن استغلال الإخوان لفكرة التعايش مع المظلومية، موضحا أن ما يتردد بهذا الشأن “تصوير خاطئ لموقف مبدئي”، مبينا أن “الإخوان هم أحرص الناس على سلامة مجتمعاتهم وأفرادهم وأمن قومهم، وهم يرفضون استخدام العنف في العمل الوطني، والعدوان دائما يأتي من الأنظمة”.
وقال: “لا يمكن للإخوان -فقهيا- علاج المفسدة بمفسدة أكبر؛ لذلك يتحملون صنوف الأذى بكل صبر وثبات، ليس حبا في المظلومية ولا تلذذا بالظلم وإنما استشعارا منهم بالمسئولية وبخطورة ما يمكن أن يؤدي إليه استخدام القوة والعنف، وهذا أمر يحمد للجماعة”.
ونفى عقد الإخوان صفقات مع الأنظمة المصرية السابقة رغم عدائها للجماعة، وقال: “لم تكن صفقات على الإطلاق، إنما مواءمات سياسية مبنية على ما هو متاح من أدوات للمشاركة المجتمعية والسياسية”.
وفيما يخص التغيير داخل جماعة الإخوان بعد توليه مسئولية القيادة، قال منير إن “لدينا لوائح تنظم العمل نسير عليها ولا نتجاوزها”، رافضا الكشف عن تفاصيل العلاقات الداخلية بالجماعة والموقف ممن يخالفون القيادة الرأي، مشددا على أن “هذه أمور داخلية خاصة بالجماعة، وعندما يحين وقتها سيتم الإعلان عنها”.