أعلنت قيادات مؤسِّسة لـ”الحزب الدستوري الحر” في تونس، عن إلغائها قرارات إعفاء وطرد بحقهم صادرة عن رئيسة الحزب عبير موسى، داعين أنصارهم لمؤتمر انتخابي، بهدف “رد الاعتبار وتصحيح المسار“.
واعتبر كثيرون أن رفع هذه القيادات الفيتو بوجه رئيسة الحزب وحشد أنصارهم للمؤتمر الانتخابي في شهر أغسطس القادم، من شأنه أن يفتح الباب لمعركة داخلية؛ حيث تُتهم موسى بالاستيلاء على الحزب، وطرد كل من يخالفها الرأي داخله.
ويعود تأسيس النواة الأولى للحزب الدستوري الحر، للراحل حامد القروي، الوزير الأول في حقبة الرئيس زين العابدين بن علي، في 23 سبتمبر 2013 تحت مسمى “الحركة الدستورية”، ثم تسلمت موسى رئاسة الحزب في 2016 ضمن مؤتمر انتخابي توافقي.
وعقدت قيادات من الصف الأول للحزب الدستوري الحر، بينها الأمين العام والأمين العام المساعد ندوة صحفية بالعاصمة (تونس)، أعلنوا خلالها تمسكهم بالشرعية المنبثقة عن المؤتمر التأسيسي للحزب، وتثبيت العضو المؤسس حاتم العماري أمينا عاما له.
كما أعلنت القيادات ذاتها “تكوين لجنة وطنية تضم عددا من أعضاء الحزب للإشراف على الإعداد الجيد لإنجاح فعاليات المؤتمر الانتخابي القادم للحزب المقرر عقده في أغسطس 2021“.
وتمت خلال الندوة دعوة جميع “مناضلي ومناضلات العائلة الدستورية الموسعة الملتزمين بالخط السياسي للالتحاق بالحزب، وطيّ صفحة الماضي والنأي عن كل الخلافات“.
عودة الشرعية
ويقول الأمين العام للحزب الدستوري الحر حاتم العماري -للجزيرة نت- إن إعلان القيادات المؤسسة عن البدء في مسار تصحيحي وإصلاحي للحزب، هدفه إعادة الشرعية ورد الاعتبار للمطرودين بقرار شخصي جائر من رئيسة الحزب، بعد أن أنصفهم القضاء، على حد تعبيره.
وشدد على أن طريقة تسيير موسى للحزب وتفردها باتخاذ القرارات داخله، أضرت بصورته، معلنا أنه آن الأوان لعقد أول مؤتمر انتخابي ديمقراطي، بعد المؤتمر التوافقي للحزب في 2016، والذي أفضى لتعيين موسى رئيسة للحزب وحاتم العماري أمينا عاما له.
وعبر العماري عن مخاوفه من أن يلقى الحزب الدستوري الحر، الذي يحظى بشعبية واسعة، بحسب أرقام سبر الآراء، مصير أحزاب أخرى مثل نداء تونس وغيرها، بسبب طريقة التسيير وطرد كل صوت معارض.
موسى ترد
من جانبها، سارعت رئيسة الدستوري الحر لنشر بلاغ للرأي العام، اتهمت فيه القيادات المؤسسة والمغضوب عليهم في الحزب بـ”انتحال صفة قيادات بالديوان السياسي واستعمال وثائق مدلسة لمغالطة وسائل الإعلام“.
ودعت موسى -في بيان آخر- أنصارها لوقفة احتجاجية نهاية الأسبوع، متهمة قيادات الحزب المبعدين بتكوين “وفاق إجرامي”، وبدعم من “قادة تنظيم الإخوان” بهدف الضغط على الحزب وتغيير خطه السياسي.
ويرى الناشط والمحلل السياسي مهدي عبد الجواد -في تصريح للجزيرة نت- أن ما يحدث في الحزب الدستوري الحر من صراع داخلي، وتنازع على الزعامة، يعكس أزمة عامة وعميقة تعيشها غالبية الأحزاب التونسية بعد الثورة .
ولفت إلى أن هذا الحزب لا يملك برنامجا أو مشروعا سياسيا واضحا؛ لكنه بالمقابل يروج لنفسه كخصم أيديولوجي أول للإخوان المسلمين والأحزاب ذات المرجعية الإسلامية، وفي مقدمتها حركة النهضة.
وأشار إلى أن الحركة الدستورية، التي أسسها الوزير الأول القروي، والتي تعد النواة الأولى للحزب، كان هدفها ضرب حزب الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي ضمن معركة صراع على الإرث الدستوري.
وشدد على أن صراعات الزعامة والمعارك الداخلية في هذا الحزب أو غيره، لن تزيد المشهد السياسي في تونس إلا ترديا وسوءا، في وقت لم يعد صراع الشقوق بين الأحزاب الشغل الشاغل للتونسيين في ظل أزمة وبائية واقتصادية خانقة.
ويشير لوجود ظاهرة عامة باتت تشوه المسار الديمقراطي في تونس منذ الثورة، وتتمثل في افتقاد أغلب الأحزاب لثقافة الديمقراطية في طريقة تسيير شؤونها، وغياب آليات الحوار لفض النزاعات الداخلية، ما يسرع في تشتيت أو اندثار الأحزاب على غرار ما حصل مع حزب “نداء تونس“.