رصدت مقابلات أجريت مع 700 طالب مسلم في مدارس ولاية كاليفورنيا الأمريكية مستويات عالية من التنمر والمضايقات والتمييز المعاد للإسلام من قبل أقرانهم والبالغين، ومن المعلمين.
وتعتبر ظاهرة “الإسلاموفوبيا” في المدارس الحكومية الأمريكية مشكلة سائدة ومستمرة، وفقًا لتقرير صدر مؤخرًا عن مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير).
قال عمرو شبيك، المحامي المسؤول عن الحقوق المدنية في فرع (كير) في كاليفورنيا: لقد تم نبذ الطلاب المسلمين من جميع الأعمار وإساءة معاملتهم في الماضي بسبب عقيدتهم وارتباطهم المفترض بأحداث 11 سبتمبر وأعمال إرهابية أخرى، حسب الدراسة.
غالبًا ما تظهر مثل هذه الأحداث في شكل تنمر من قبل الطلاب الآخرين، ونقص التدابير الوقائية والإبلاغ من قبل مسؤولي المدرسة، وعدم كفاية التدريب للمعلمين حول كيفية التوسط أو وقف تصعيد التنمر الديني والعرقي، يضيف شبيك.
وذكر التقرير أن ما يقرب من نصف الطلاب (47.1%) أفادوا بأنهم تعرضوا للتنمر لكونهم مسلمين، هذا هو أكثر من ضعف المعدل الوطني المبلغ عنه والبالغ 20%.
قالت طالبة تبلغ من العمر 18 عامًا من برينتوود تمت مقابلتها في الاستطلاع: إنها اتهمت بأنها زعيمة العصابة التي نفذت هجمات 11 سبتمبر الإرهابية.
وأفاد أكثر من نصف المشاركين (55.73%) بأنهم شعروا بعدم الأمان أو عدم الترحيب أو عدم الارتياح في المدرسة بسبب هويتهم الإسلامية، وهو أعلى مستوى تم الإبلاغ عنه منذ أن بدأت “كير” بإجراء المسح في عام 2013.
مضايقات وتنمر من قبل المعلمين
يمضي التقرير لتوثيق أن ما يقرب من واحد من كل ثلاثة طلاب (30.12%) ممن يرتدون الحجاب أفادوا أنه تم جره أو سحبه أو لمسه بشكل عدواني.
وقالت شابة تبلغ من العمر 18 عاماً من ريدوود سيتي للمسح: لقد أساء إلى الناس لفظيا لكوني مسلمة، لقد سخروا مني ومن الإسلام وقد خلع زميل لي حجابي من دون سبب.
ووجد التقرير أيضًا أن ما يقرب من ثلث الطلاب قد تعرضوا أو شهدوا شكلاً من أشكال التنمر عبر الإنترنت.
وتشير إحدى النتائج الأكثر إثارة للقلق إلى أن ما يقرب من واحد من كل أربعة مشاركين (23.50%) ذكر أن مدرسًا أو إداريًا أو شخصًا بالغًا آخر في مدرسته أدلى بتعليقات مسيئة عن الإسلام أو المسلمين.
قالت شبيك: ذكرت طالبة في مدرسة حكومية تبلغ من العمر 16 عامًا من مقاطعة أورانج أن معلمتها هاجمتها أمام فصلها الدراسي، بقول أشياء مثل “إرهابي”، و”أنت لا تنتمين إلى أمريكا”.
تبلور “الإسلاموفوبيا” في أعقاب 11 سبتمبر
قالت زهرة جمال، المديرة المساعدة لمعهد بونيوك للتسامح الديني في جامعة رايس: إن “الإسلاموفوبيا” موجودة منذ قرون، وإن التمييز ضد المسلمين ارتفع إلى مستويات أكثر تطرفًا بعد هجمات عام 2001 في الولايات المتحدة.
وأضافت: بعد 11 سبتمبر وصعود صناعة “الإسلاموفوبيا”، أصبحت الصور السلبية للإسلام والمسلمين أكثر انتشارًا وتقنينًا في وسائل الإعلام والقانون والسياسة والتعليم والثقافة الشعبية، وقد أدى هذا بلا شك دورًا في حياة الطلاب المسلمين إضافة إلى التحيز والتمييز.
وتتفق زهرة جمال مع نتائج استطلاع على مستوى البلاد أُجري في عام 2020 وجد أن 51% من الطلاب المسلمين في رياض الأطفال حتى الصف الثاني عشر المدارس العامة يواجهون التنمر الديني.
وتقول: الأطفال يواجهون الإساءة اللفظية والشتائم، مثل أن يطلق عليهم اسم “الإرهابي”، أو “حفيد بن لادن”، البعض يتعامل مع الإهانات الموجهة إلى الدين الإسلامي التي غالبًا ما تكون مرتبطة بأحداث 11 سبتمبر، أو “داعش”، ويخضعون لشائعات بأنهم صانعو القنابل.
ندوب نفسية
توضح زهرة جمال أن التنمر والعنصرية لهما آثار بعيدة المدى تشمل عواقب عاطفية وجسدية وحتى اجتماعية.
وتقول، نقلاً عن الاستطلاع: إن بعض الشباب المسلمين يعانون من القلق والاكتئاب والأرق وتدني التقدير الذاتي، بينما يشعر آخرون أنه يجب عليهم الاختيار بين أن يكونوا أمريكيين أو مسلمين في المدرسة، للأسف، 55% يشعرون بعدم الأمان في المدرسة بسبب عقيدتهم، و32% يخفون هويتهم الإسلامية، و20% يتغيبون عن المدرسة لأنهم يشعرون بعدم الأمان وعدم الترحيب في المدرسة.
ولعكس الاتجاه السلبي لـ”الإسلاموفوبيا” في المدارس، تشدد زهرة جمال على أن ثقافة تصوير المسلمين على أنهم إرهابيون بحاجة إلى التغيير.
وتقول: هذا خطأ من الناحية الواقعية والأخلاقية؛ لأنه يديم صراع الجهل بين المجتمعات الإسلامية والغربية، وبدلاً من التعلم من الاختلافات التي منحها الله لنا واحترامها والتفاعل معها، ينقسم الناس بشكل متزايد حولها، نحن بحاجة ماسة إلى سد هذا النقص في المعرفة.
وتعتقد زهرة جمال أن الطريقة الوحيدة لتغيير الصور النمطية التي عفى عليها الزمن يمكن أن تتم من خلال التعليم، الذي يبدأ في المدارس، حيث من المفترض أن يتعلم الأطفال قبول التنوع الثقافي.
وتقول: كعالم، نحن متنوعون، نحن بحاجة إلى الاعتراف بأن التمييز ضد أطفال المدارس المسلمين هو جزء من الاتجاهات الوطنية والعالمية الأوسع.
نحن نعلم أن تعليم التعددية يعزز السلام والازدهار والتقدم والابتكار، نحن نعلم أيضًا أن تعليم التعددية الجيد يكون أكثر فاعلية على كل مؤشر فردي ومجتمعي عندما يتم تقديمه في سنوات تنمية الطفولة المبكرة من الحمل حتى سن 6 سنوات.
في عالم مثالي، لن يكون هناك تمييز، ولا تنمر، ولا كراهية، والطريقة الوحيدة للتحرك في الاتجاه الصحيح هي أن تعمل جميع جوانب المجتمع معًا لمحاولة تحقيق هذا الهدف.
سيكون من المدهش أن تعمل الحكومات والشركات وفاعلو الخير والمنظمات الشعبية والجماعات المدنية بشكل جماعي نحو استثمارات ضخمة في تعليم الطفولة المبكرة الجيد وبرامج التنمية الشاملة التي تركز على تعليم التعددية والتفكير الأخلاقي والأخلاق العالمية التي تكرم الهويات الفردية والتعاون الجماعي، تضيف زهرة جمال
إذا احتاج الأمر إلى قرية لتربية طفل، فإن الأمر يتطلب قرية عالمية لإنقاذ جميع أطفالنا، وأجيالنا القادمة.
____________________
المصدر: “ديلي أوبزيرفر”.