ندّد زعماء فرنسا وإنجلترا والولايات المتحدة بمحاولة اغتيال الكاتب البريطاني من أصل هندي سلمان رشدي، وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أسبق من أدان الحادث ومساندة المذكور، وزعم أنه “منذ 33 عاماً يجسد سلمان رشدي الحرية ومحاربة الظلامية”، وأضاف: “إن نضاله هو نضالنا نقف إلى جانبه أكثر من أي وقت مضى”، متجاهلاً ما قام به رشدي من طعن في الإسلام وعرض النبي صلى الله عليه وسلم، لأن هذا الطعن يتفق مع السياسة الفرنسية التي لا تكف عن الإساءة إلى الإسلام والمسلمين، وهي السياسة التي يتبناها بعض أتباع الغرب من كتَّابنا ومثقفينا العرب، ومنهم الطبيب خالد منتصر الذي اتهم المسلمين بالتصفيق لذبح رشدي، ومواجهة النقد بالقتل، والقلم بالسكين، حسب ادعاءاته، ولكن الطبيب المذكور لا ينزعج لقتل 40 مسلماً بريئاً في غزة، وإصابة المئات، وتدمير البيوت في أقل من يومين، ولا يندّد زعماء الغرب بالمعتدين القتلة، ولا يوجهون إليهم كلمة عتاب واحدة!
معروف أن الإسلام لا يقر الاغتيالات، ولا يقبل بالقتل دون محاكمة عادلة، وقد تخلت إيران منذ عقود عن فتوى الخميني بملاحقة الكاتب المعادي للإسلام الموالي للغرب، ومع أن سلمان رشدي أساء إلى الدين الحنيف ورموزه، فقد استنكر المسلمون محاولة اغتياله.
وبهذه المناسبة، استعاد الصحفي الأديب محمود القاعود رأي نجيب محفوظ في سلمان رشدي وروايته الشيطانية الذي نشر منذ عقود، ونشر صورة لما صرح به محفوظ، على صفحته الشخصية بـ”فيسبوك”، وردّ محفوظ على المطابقة بين “الآيات الشيطانية”، و”أولاد حارتنا”: “إنه من الظلم الفادح أن تكون هناك هذه المقارنة، فروايتي تدعو في النهاية إلى الإيمان، وتنحاز إلى جانب الخير، وإن كان قد حدث في قراءتها سوء فهم، بسبب سلوك بعض أبطالها في الحارة، أما رواية سلمان رشدي، فهي غير ذلك تماماً”.
وأجاب محفوظ عن سؤال حول عدم اتخاذه موقفاً حاسماً من “الآيات الشيطانية” عندما صدرت فتوى الخميني، مكتفياً بالقول: إن الفكر لا يقابل إلا بالفكر، مضيفاً: “تغيّر رأيي بعد أن تعرفت على أبعاد هذه الرواية المسماة “آيات شيطانية”، إنها كذلك فعلاً، وهي لا تحتاج إلى مناقشة، ولكن إلى محاكمة، في البداية لم أكن قد قرأتها، وظننتها مثل كتب المستشرقين التي تسيء فهم الإسلام وتهاجمه، ولذلك قلت عندما سألني التلفزيون البريطاني عنها: إن الفكر لا يقابل إلا بالفكر، واعترفت بأنني لم أقرأ الرواية، أما بعد أن قرأت هذه الرواية، فقد تغير رأيي تماماً، لقد وجدت أنها لا تمت للفكر بأي صلة، بل إنها مجموعة من السباب والشتائم المرفوضة بكل المقاييس”.
وأضاف محفوظ، في مقال له بـ”الأهرام”: “وإني أدرك الآن أنه إذا كان رشدي قد انحرف بخياله، فإن المسلمين أساؤوا التصرف بالمظاهرات وحرق الكتاب وإهدار الدم، مما قلب الوضع، فجعل من المجرم ضحية، ومن الضحية متهماً”.
ولوحظ أن الشيوعيين والعلمانيين في مصر يسمّون الغضب من أجل الدين ثقافة إسلاموية ظلامية، ويقفون إلى جانب من يعتدون على الإسلام، ويباركون مواقفهم باسم حرية الرأي والفكر، ولا يسمحون للمسلمين بالرد على أكاذيبهم وترهاتهم!