تصادف اليوم الثلاثاء الذكرى الـ42 عاماً على وفاة الشيخ عبدالله النوري أحد أبرز رجالات الكويت ومن الأسماء اللامعة في فضاء البذل الكويتي ترك بصمة كبيرة من الأعمال الخيرية والإحسان لا تزال ماثلة في وجدان أهل الكويت.
ويسجل للشيخ النوري إسهامه كعالم من علماء الكويت الذين أضاؤوا الطريق لمن جاؤوا بعدهم قولاً وعملاً، فكان ولم يزل قدوة حسنة في العالم العربي وخارج حدود العرب، وأصبح الشيخ عبدالله النوري بما قدمه من إحسان حياً في تاريخ الوطن العربي وفي قلوب الناس.
المولد والنشأة:
ولد الشيخ عبدالله محمد النوري في مدينة الزبير بالعراق، وذلك في 17 مايو 1905.
وتربى في بداية حياته على يد جدته وكانت تحبه حباً جماً لأنها لم ترزق بولد طوال حياتها إلا بالشيخ عبدالله، فكان أول ذكر في ذريتها، علمه والده القراءة والكتابة منذ صغره فختم القرآن وهو في الثامنة من عمره واحتفل به والده لختمه القرآن لأنه كان في زمانه ختم القرآن مرحله مهمة في حياة المسلم فاستقبل والده الأقارب والأصحاب للتهنئة.
كان رجلاً تقياً ورعاً محبوباً بين أهل الكويت لا يعرف شيئاً اسمه الفراغ، وكان مرجعاً دينياً موثوقاً في الدولة، إذ يرجع له أهل الكويت في مسائلهم الدينية، وكان شاعراً ومؤلفاً وأديباً محترماً وساهم في تطور التعليم في الكويت.
تعلم الشيخ عبدالله النوري على يد الشيخ عبدالله بن خلف الدحيان، وكان الشيخ النوري دائماً يذكره (الشيخ عبدالله الخلف) بالخير، وكان يتميز بدماثة الخلق وحسن الحديث والدعابة، والمرح في مجالسه الخاصة وعرف عنه سعة الصدر و«طول البال» وبشاشة الوجه إذ كان نادراً ما يغضب.
أعماله:
في عام 1926م عُين الشيخ عبدالله النوري كاتباً في المحكمة، ثم تدرج في وظائفها، إلى أن أصبح سكرتيراً عاماً، وقد أسندت إليه عدة مهمات وهو في المحكمة، منها التدريس في المعهد الديني أول إنشائه، وكان يضم أربعة فصول أحدها لطلبة الفقه الحنبلي، وقد عمل فيه متطوّعاً لمدة 3 سنوات ما بين عامي 1942 و1945م، وعُيِّن مفتشاً للأوقاف ومُرشداً لأئمة المساجد لمدة عام، ومديراً للإذاعة الكويتية الناشئة لمدة 4 أشهر.
وفي عام 1955م ترك عمله في المحاكم فاشتغل بالأعمال الحرة وافتتح مكتباً للمحاماة، كما كان يخطب الجمعة بالمسجد، ويلقي الأحاديث في الإذاعة والتلفزيون، ويشارك في المؤتمرات الإسلامية داخل الكويت وخارجها.
توّلى الشيخ عبدالله النوري في عام 1953 إدارة إذاعة الكويت فأدخل عليها برامج متنوعة منها برنامج “الدين النصيحة”، وبرامج صحية كان يُعدّها ويُقدّمها بنفسه وبرامج للأطفال يغرس فيهم مبادئ وقيماً إسلامية.
ثم تولّى إعداد وتنفيذ حلقات تلفزيونية أسبوعية كل خميس على شكل سؤال وجواب كانت ولادة لبرنامج عظيم تحت عنوان “مع الدين” الذي اكتسب شعبية واسعة داخل الكويت وخارجها.
وفي عام 1965 تشكلت لجنة للفتوى من وزارة الأوقاف وكان الشيخ عضواً فيها، وفي ثاني تشكيل لهذه اللجنة صار الشيخ يرأسها.
تولّى لأول مرّة إمامة المصلين في منتصف رمضان 1340هـ خلفاً لوالده في صلاة التراويح، وبما أنعم الله عليه من صدق الإيمان منذ نشأته، كان خطيباً مفوّهاً.
فعمل لسنوات طويلة في إمامة كثير من مساجد الكويت متفرّغاً وغير متفرّغ، فكان إماماً لمسجد “الخالد” ومسجد “دسمان” مدة طويلة ثم في مسجد بن بحر، ومسجد القادسية لعدة سنوات، والذي أسسّته السيدة المرحومة والدة عبد الله العثمان، فكان يصلي فيه الفروض، ويلقي العظات.
إسهاماته الخيرية:
واستهل الراحل عام 1970 رحلاته في كثير من البلاد الإسلامية والبلدان التي توجد فيها أقليات مسلمة حيث كان مهتماً بأمور المسلمين وأحوالهم في الكويت وخارجها، وكان يقوم بجمع الأموال والتبرعات من المحسنين لتوظيفها في خدمة الإسلام والمسلمين.
وشملت رحلات تجواله في إندونيسيا عام 1977 حاملاً معه 117 ألف دولار لتوزيعها على المدارس والمستشفيات بالتعاون مع جمعية إسلامية معتمدة، ومن ثم إلى الهند، متبرعاً للمنظمات الإسلامية بما تيسّر له من المال، كما سافر إلى أستراليا ليجمع التبرعات اللازمة لإنشاء مدرسة إسلامية بمدينة سدني.
وقد توفّي الشيخ عبدالله النوري دون أن يكتمل هذا المشروع، ولكن رجال الخير الذين سلكوا مسلك الشيخ ونهجوا منهجه في جمعية الشيخ عبدالله النوري الخيرية تابعوا هذا المشروع الخيري إلى أن تم إنشاء مدرسة النوري في مدينة سدني تخليداً لذكراه وتحقيقاً لرغبته وقد أصبحت –فيما بعد– مدرسة نموذجية يؤمها أولاد المسلمين في أستراليا، وقد تم افتتاحها في عام 1989م، بجهود أهل الخير وجهود أبناء الشيخ عبدالله النوري رحمه الله.
من كتَّاب “المجتمع”
وكان الشيخ عبدالله النوري رحمه الله من كتاب مجلة “المجتمع”، فقد كتب مقالاً عن عبدالملك الصالح يرحمه الله بالعدد (31) بتاريخ 13 شعبان 1390هـ/ 13 أكتوبر 1970م.
مقال للشيخ الراحل عبدالله النوري في مجلة “المجتمع”
إرث من الثقافة والمعرفة
لقد ترك إرثاً ضخماً من المؤلفات في مختلف الموضوعات من الخطب والمواعظ والفتاوى والسير والتراجم والرحلات والأسفار والأشعار والتاريخ الشعبي، والمسامرات، والإصلاح الاجتماعي، والدعوة الإسلامية، ومن أهم هذه الكتب:
– من غريب ما سألوني.
– سألوني في العبادات والعقيدة.
– سألوني عن المرأة.
– سألوني في التفسير.
أحاديث:
– المحمديات.
– المعجزة الخالدة.
– قضية التعليم في الكويت.
– المرأة المسلمة.
– العروة الوثقى.
– البهائية سراب.
– قطف الأزاهر.
– خالدون في تاريخ الكويت.
– شهر في الحجاز.
– يوميات زائر في الشرق الأقصى.
أماكن باسمه:
– جمعية الشيخ عبدالله النوري الخيرية.
– شارع الشيخ عبدالله النوري في منطقة العديلية.
– مسجد الشيخ عبدالله النوري بمدينة جابر الأحمد.
وفاته:
توفي الشيخ عبدالله النوري يوم السبت 11 ربيع الأول 1401هــ الموافق 17 يناير 1981م، ولم يمنع وابل المطر في ذلك اليوم جموع المشيعين من المشاركة في الجنازة تعبيراً لحبهم وتقديرهم له، يتقدّمهم الأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح، يرحمه الله، (الذي كان ولياً للعهد ورئيساً لمجلس الوزراء آنذاك).
كما توافدت جموع المعزين في ديوان الراحل الكريم بمنطقة القادسية يتقدمهم صاحب السمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح، يرحمه الله، كما شارك في تقديم العزاء ممثلين للعديد من حكومات الدول الإسلامية تعبيراً عن امتنانهم وتقديرهم لما قام به المرحوم الشيخ عبد الله النوري.
طيب الله ثراه وأحسن مثواه، وجعل أعماله في ميزان حسناته، وأدخله فسيح جنّاته.
__________________
1- “وكالة الأنباء الكويتية” (كونا).
2- موقع جمعية الشيخ عبدالله النوري الخيرية.
3- أرشيف مجلة “المجتمع”.
4- جريدة “الراي” الكويتية.