يشكل المسلمون الآن ربع العالم، فهل تتوقع الدراسات أن هذه النسبة ستتغير؟ وكذلك أسفر إحصاء بريطانيا العام الماضي عن أن نسبة الأشخاص «بلا دين» زادت، فهل سيستمر ذلك النسق في المستقبل؟
جاءت بعض الإجابات من مؤسسة «بيو» البحثية في إصدارها «النتائج الرئيسة من مشروع المستقبل الديني العالمي: 2010 – 2050م»، المنشور في ديسمبر 2022م، عن طريق التعدادات واستطلاعات الرأي لـ200 ألف شخص في 95 دولة.
وتم أخذ معدلات الخصوبة المختلفة والبيانات الديموغرافية الأخرى في الاعتبار في توقعات النمو السكاني، التي تتنبأ بأن نسبة سكان العالم غير المنتمين إلى أي دين سوف تتقلص في العقود المقبلة، على عكس الاتجاه المشهود الآن في أمريكا وأوروبا.
ومن المتوقع أن الغالبية العظمى من سكان العالم سيستمرون في الارتباط بدين، بما في ذلك حوالي 6 من كل 10 سيكونون إما مسيحيين (31%)، أو مسلمين (30%)، في عام 2050م، ومن المتوقع أن يكون 13% فقط لا دين لهم.
نمو هنا وتقلُّص هناك
أفريقيا جنوب الصحراء والشرق الأوسط هي المناطق ذات النمو السكاني الأسرع، ويعد ذلك عاملاً رئيساً في زيادة حجم السكان المسيحيين والمسلمين في العالم، ومن المتوقع أن ينمو المسلمون بشكل أسرع من أي مجموعة أخرى، فينافسون ثم يتفوقون على المسيحيين كأكبر جماعة دينية في العالم قبل نهاية هذا القرن.
وهذا النمو السريع -إلى جانب الانخفاضات في أوروبا وأمريكا الشمالية- سيغير المركز الجغرافي للمسيحية، فبحلول عام 2060، من المتوقع أن يعيش أكثر من 4 من كل 10 مسيحيين في العالم في أفريقيا جنوب الصحراء، بينما سيعيش أقل من ربعهم في أوروبا وأمريكا الشمالية مجتمعين، ومعدلات المواليد المنخفضة تشمل أيضاً الصين، حيث تعيش غالبية سكان العالم غير المنتمين إلى ديانات (فرضت الحكومة «سياسة الطفل الواحد» من عام 1980 إلى 2016م).
وتخوفاً من تقلص الذرية المسيحية، اعتبر بابا الفاتيكان «فرانسيس» أن الأشخاص الذين يختارون رعاية الحيوانات الأليفة، بدلاً من إنجاب أطفال، هم أشخاص يتصرفون بأنانية، وقال: «إنهم ينجبون طفلاً واحداً، ويكتفون بذلك، ثم يقتنون الكلاب والقطط، التي تحل محل الأطفال»، وروى كيف فتحت امرأة حقيبتها وطلبت منه «أن يبارك طفلها»، إلا أنه لم يكن طفلاً، بل كلباً صغيراً، وأضاف: «فقدت صبري وقلت: هناك الكثير من الأطفال الجياع وأنت تحضرين لي كلباً!».
من المعلوم انتشار اقتناء ورعاية الحيوانات الأليفة في أوروبا؛ فيوجد 88 مليون بيت يملكون حيواناً أليفاً أو أكثر، منها 110 ملايين قطة، و90 مليون كلب، بالإضافة إلى ملايين الطيور والثدييات الصغيرة، والزواحف والأسماك.
واعتبر البابا أن هذا التصرف «رفض لممارسة الأبوة والأمومة، ويؤدي لتناقصنا، ونزع إنسانيتنا»، وتحدث عن «الشتاء الديمغرافي»، مشيراً إلى الدول الأوروبية التي يتراجع منسوب المواليد فيها، وتتباطأ معدلات المواليد في العديد من الدول، مثل اليابان وكوريا الجنوبية والبرتغال، أما في إيطاليا فالمشكلة حادة، حيث يمكن أن تفقد خُمس سكانها بحلول عام 2050م.
كونوا مثل الأرانب
وبدأت بعض الدول بتشجيع مواطنيها على الإنجاب، ففي فنلندا توجد حوافز «منحة المولود»، فتمنح 10 آلاف يورو عن كل مولود جديد، وفي المجر في حال زيادة الإنجاب يتم إلغاء الضرائب عن الأسر، وفي الدنمارك والسويد والنرويج يُشجَّع الزوجان على إنجاب المزيد بمنح عطلة مدفوعة الأجر لهما عقب الإنجاب، وتوفير حضانات ومدارس عمومية ذات جودة عالية.
وتحت شعار «كونوا مثل الأرانب»، أطلقت بولندا حملة في عام 2017م للحث على زيادة الإنجاب، وفي عام 2019م شجعت إيطاليا المواطنين بمنحهم قطعة أرض مجانية كهدية عند إنجاب طفل، تحت شعار «الأرض مقابل الأطفال»!
في المقال اللاحق، إن شاء الله تعالى، سنشير إلى توقعات مستقبل الإسلام.