على الرغم من الجهود التي تبذل في العديد من المستويات لزيادة حصة المرأة في سوق العمل بالعالم العربي، فإن الأرقام تكشف أن هذه الحصة لم تصل النسبة المستهدفة من قبل الجهات الداعمة والحركات النسوية المروجة لعمل المرأة بعيداً عن الاهتمام بالزواج ورعاية أسرتها وأطفالها.
وتكشف بيانات صادرة مؤخراً عن منظمة العمل الدولية أن معدل مشاركة المرأة العربية في سوق العمل أو الأعمال المأجورة بلغت 18.4%، وهو المعدل الأدنى في العالم مقارنة بالمتوسط العالمي الذي يبلغ 48%.
وأظهرت الإحصاءات كذلك أن نسبة تواجد المرأة في المناصب الإدارية في الدول العربية محدودة، حيث بلغت نسبة من يشغلن منهن مناصب إدارية 11% فقط، مقارنة بالمتوسط العالمي الذي يبلغ 27.1%.
18.4 % معدل مشاركة المرأة العربية في سوق العمل
ووفقاً لهذه الأرقام والإحصاءات، فإن نسبة بطالة المرأة في الدول العربية بلغت 15.6%، وهي ثلاثة أضعاف المعدل العالمي.
وفي هذا السياق، أكدت مدونة البنك الدولي، في تقرير لها نشر في عام 2022م، أن نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل تتفاوت من دولة لأخرى، إلا أنها محدودة بشكل عام في الدول العربية.
وبحسب المدونة، فإن هذه النسبة في كل من العراق والأردن لا تتجاوز أكثر من 15%، بينما ترتفع في لبنان إلى 20% تقريباً، وهذه النسب ضمن أدنى معدلات انخراط المرأة في سوق العمل على مستوى العالم.
وتشير دراسة صادرة عن هيئة الأمم المتحدة للمرأة واللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (إسكوا)، إلى أن وباء فيروس كورونا تسبب في فقدان 1.7 مليون وظيفة في العالم العربي، من بينها نحو 700 ألف وظيفة كانت تشغلها سيدات.
ولا يقتصر الفارق في سوق العمل بين الرجال والنساء على المنطقة العربية، بل يمتد إلى سوق العمل على مستوى العالم وإن لم يكن بنفس النسبة.
فقد أظهر تقرير صادر عن الأمم المتحدة حول مشاركة المرأة في سوق العمل، أن أقل من 50% من النساء على مستوى العالم يعملن في سوق العمل، وهي فجوة بين الجنسين لم تتغير على مدار ربع القرن الماضي.
وكشف تقرير المرأة العالمي الخاص بعام 2020م، أن 47% من النساء في سن العمل لديهن وظيفة، مقارنة بـ74% من الرجال.
عدم المساواة
الباحثة الاجتماعية رنين حداد التي لها تجارب في العمل النسوي، ترى أن ارتفاع معدل البطالة في العالم العربي بشكل عام أحد أسباب تراجع حصة المرأة في سوق العمل.
وتشير حداد إلى أن هناك مجموعة من الأسباب والعوامل الأخرى إلى جانب مسألة البطالة، منها عدم المساواة في الأجور بين النساء والرجال، ودور المرأة الكبير داخل الأسرة، بالإضافة إلى القوانين التي ترى أنها لا تزال مجحفة بحق النساء في العالم العربي.
29 % من الرجال يفضلون تفرغ النساء لرعاية أسرهن
وتضيف: على الرغم من جميع برامج التمكين وجهود الحركات النسوية، فإنها لم تنجح في فرض أجور متساوية للمرأة في سوق العمل وبقيت المرأة تشعر أن خروجها من المنزل لا يعود عليها بنفس العائد.
وترى حداد أن ما يسمى ببرامج تمكين المرأة العربية التي من بين أهدافها زيادة حصة المرأة في سوق العمل قد فشلت؛ وذلك لأنها تستهدف النساء فقط وليس المجتمعات التي يعشن داخلها أيضاً، مشيرة إلى أن هذه المجتمعات ترفض عمل المرأة لأسباب اجتماعية ودينية.
الأعراف الاجتماعية
وكان تقرير لمؤسسة «موديز» قد تحدث عن مجموعة من التحديات التي تواجه جهود سد الفجوة في سوق العمل بين الرجال والنساء، على رأسها صعوبة تغيير الأعراف الاجتماعية، التي وصفها التقرير بكونها «عملية طويلة ومعقدة».
ويعكس انخفاض نسبة مشاركة المرأة العربية في سوق العمل تشابك العوامل الاقتصادية والثقافية والاجتماعية.
فقد أظهر تقرير لمنظمة العمل الدولية يستند لاستطلاع رأي عالمي أجرته مؤسسة «جالوب»، في 142 بلداً وإقليماً، أن 29% من الرجال يفضلون تفرغ النساء لرعاية أسرهن.
وينظر الكثير من أرباب العمل في الدول العربية إلى المرأة على أنها أقل إنتاجية، وأن توظيفها أكثر تكلفة، الأمر الذي يقلل فرص العمل المتاحة أمامها للتحرك واختيار الفرصة المناسبة.
التحرش الجنسي أخطر التحديات أمام النساء العاملات
وكشفت دراسات في عدة دول أن نسبة من النساء لا يرغبن أصلاً في اقتحام سوق العمل، بينما يجد عدد آخر صعوبة في العثور على العمل.
من جانبها، ترى عضو لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز ضد المرأة السفيرة نائلة جبر أن هناك عدداً من التحديات التي واجهتها المرأة في سوق العمل خلال السنوات الأخيرة.
وتشير إلى أنه من بين هذه التحديات تأثيرات جائحة كورونا الاقتصادية، ومن بعدها الحرب في أوكرانيا بشكل أساسي، التي أثرت على جميع اقتصادات العالم، وانعكست على وضع المرأة في سوق العمل.
كما أن المرأة العربية تواجه تحدياً آخر في أماكن العمل؛ وهو التحرش، بحسب البنك الدولي، الذي أشار إلى أن واحدة من بين كل 3 نساء عاملات في العراق والأردن ولبنان تعرضن لتحرش لفظي، وتعرضت واحدة من بين كل 5 سيدات في العراق ولبنان، وواحدة من كل 10 سيدات في الأردن لتحرش بدني.