«لن نتوقف عند الدعم والمساندة، وسنقف بكل ما نملك لنكون صوتاً لكل الصحفيين الفلسطينيين، وسيتواصل التنسيق مع نقابة الصحفيين الفلسطينيين والاتحاد الدولي للصحفيين لملاحقة مجرمي الحرب الصهاينة»، كان هذا تعهداً واضحاً وصريحاً من نقيب الصحفيين المصريين خالد البلشي في أحد مؤتمراته النقابية الأخيرة، التي حضرتها «المجتمع».
لكن البعض يتحدث عن موقف النقابات الصحفية على امتداد أوطاننا العربية، ويطرح أسئلة عما قدمته في دعم فرسان الصحافة في قطاع غزة الذين ارتقى منهم، حتى وقت الكتابة، 110 صحفيين فلسطينيين، وتصورات المساندة المستقبلية.
الرزيقي: اتحاد الصحفيين العرب يتابع القضية.. وطرح صندوق دعم وإعمار
في البداية، قال الصادق إبراهيم الرزيقي، رئيس الاتحاد العام للصحفيين السودانيين، رئيس الفيدرالية الأفريقية للصحفيين، نائب رئيس اتحاد الصحفيين العرب، في حديث لـ«المجتمع»: منذ انطلاق معركة «طوفان الأقصى» المباركة، تحرك ضمير الصحفيين العرب عبر نقاباتهم واتحاداتهم لفضح العدوان الصهيوني، وبادرت الاتحادات والنقابات العربية والهيئات والجمعيات الصحفية العربية إلى إعلان مواقفها المتضامنة مع الشعب الفلسطيني وصحفييه، وأصدرت بياناتها المنددة بقوة بالعدوان الصهيوني الغاشم.
وأوضح نائب رئيس اتحاد الصحفيين العرب أنه سبق ذلك بيان تبعه اجتماع طارئ وعاجل للأمانة العامة للاتحاد، في 23 أكتوبر 2023م، بالقاهرة، لمناقشة مواجهة العدوان، تم الاتفاق فيه على اتخاذ قرارات وإجراءات فورية للتضامن مع الصحفيين في غزة، ومنها المساهمة الفاعلة والعمل المشترك مع نقابة الصحفيين الفلسطينيين والاتحاد الدولي للصحفيين لتحريك الملف أمام القضاء الدولي والفضاء الحقوقي العالمي.
وأضاف الرزيقي أن الاتحاد في انعقاد مستمر منذ اللحظة الأولى، ودعا إلى تفعيل الملاحقة الجنائية، وتأسيس منصة إعلامية لكشف زيف الرواية الصهيونية، والتضامن الفوري مع الصحفيين الفلسطينيين في غزة، وطرح مشروع صندوق عاجل لدعمهم وإعادة إعمار وبناء منازلهم التي تعرضت للقصف، بالتزامن مع قيام النقابات الصحفية العربية كل على حدة بالتحرك الفوري في إطار القضاء الدولي ومساندة للنقابة الفلسطينية بجانب البيانات التي تصدر من حين لآخر.
حسين: لا بد من ضجة كبرى.. فالصحفيون عيون الأمة وناقلو الحقيقة
ضجة كبرى
من جانبه، قال الكاتب الصحفي مجدي حسين، أحد شيوخ الصحافة بمصر، عضو مجلس نقابة الصحفيين المصريين الأسبق، في حديثه لـ«المجتمع»: أرى نقابات الصحفيين العربية، في حدود متابعتي، مقصرة في حق صحفيي غزة وما يجرى فيها عموماً، رغم تقديري لكل ما فعلته نقابة الصحفيين المصريين، ولكن لا بد من عمل ضجة كبرى على قتل أكثر من 110 صحفيين حتى الآن في غزة، وهذا رقم قياسي عالمي في الإجرام بالنسبة لأنه حدث خلال 100 يوم فقط؛ بمعنى قتل صحفي كل يوم تقريباً، بالإضافة لقتل قرابة 4 أو 5 صحفيين في لبنان.
وأضاف حسين أنه لا بد أن تستهدف جميع الأنشطة الصحفية إحداث الضجيج الكافي على المستوى العالمي وإحراج وسائل الإعلام الغربية التي لا تحضر مناسبات التضامن، موضحاً أن هذه ليست مسألة تخص الصحفيين، فالصحفيون هم عيون وألسنة الأمة وناقلو الحقيقة، وما حدث ضدهم في غزة يتطلب إحداث الضجة التي تتناسب مع تلك الجريمة الكبرى وغير المسبوقة.
واقترح تخصيص صفحة في كل صحيفة أو موقع لصور كل هؤلاء الشهداء، وقيام النقابات الصحفية بوقفات احتجاجية أمام مقار الأمم المتحدة والسفارات الأمريكية باعتبار أمريكا شريكة كاملة في كل الجرائم الصهيونية، وعمل مؤتمرات وندوات دورية في مقار النقابات وخارجها.
البكري: تبني نقابات الصحافة القضية الفلسطينية والدفاع عنها دون حياد
لا حياد
ومن بلاد ثورة الياسمين، رأت الصحفية التونسية زينة البكري، أن نقابات الصحافة في العالم العربي يجب أن تكون بمثابة جناح للعدالة والحرية، وأن تتبنى القضية الفلسطينية وتدافع عنها دون حياد.
وقالت البكري، في حديث لـ«المجتمع»: في تونس دافعت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين بكل شراسة عن الصحفيين المضطهدين في غزة، ومنذ بدء حرب الإبادة الممنهجة بغزة نفذت نقابة الصحفيين في تونس تحركات ووقفات احتجاجية دعماً لغزة والشعب الفلسطيني وصحفييه.
وأضافت أن نقابة الصحفيين التونسيين انخرطت كذلك في اللجنة الوطنية لدعم المقاومة في فلسطين، وهي لجنة تضم منظمات حقوقية في تونس، التي عملت على التنديد المستمر بجرائم الاحتلال وفضحها، وإطلاق حملات عديدة للتضامن مع الصحفيين الفلسطينيين.
من جانبه، رأى عضو لجنة الحريات بنقابة الصحفيين بمصر حازم حسني أن نقابات الصحفيين العربية والاتحاد الدولي للصحفيين يمكنهم إبراز التضامن الإعلامي المستمر، مع شهداء الصحافة، أو إقامة دعاوى قضائية دولية بالتضامن مع المؤسسات المتضررة كقناة «الجزيرة»، أو دعاوى قضائية مستقلة عن المؤسسات الصحفية، خاصة مع تصاعد أعداد الشهداء.
حسني: يجب أن يخرج التضامن من القاعات والبيانات ودعم المقاطعة واجب
وأوضح حسني، في حديثه لـ«المجتمع»، أنه يجب ألا يكون تضامن النقابات الصحفية مع الصحفيين الفلسطينيين مقصوراً على البيانات، والندوات، وغيرها من الفعاليات التي تحدث في القاعات، لكن يجب أن يكون للصحفيين دور في تفعيل المقاطعة، وأن ينظموا أنفسهم في الدعاية للمقاطعة، وكشف الشركات والمؤسسات والهيئات التي تتعاون مع الاحتلال وتدعمه، في محاولة لقطع الإمداد الاقتصادي لليد التي تقتل الصحفيين والمدنيين في الأراضي المحتلة.
أنشطة مختلفة
ومنذ بداية العدوان الصهيوني، تنوعت وسائل التضامن، أبرزها في نقابة الصحفيين المصريين التي نظمت العشرات من الأنشطة النقابية، التي تضمنت أياماً تضامنية وحملة إغاثة، وفعاليات فنية، ومؤتمرات صحفية، ووقفات احتجاجية، فيما منحت الصحفي الفلسطيني وائل الدحدوح جائزة «الصحافة المصرية» تقديراً لصموده.
وأصدرت نقابة الصحفيين الكويتية بيان شجب واستنكار في 14 أكتوبر 2023م، يدين استهداف الصحفيين في غزة وجنوب لبنان، ونظمت النقابة حلقة نقاشية موسعة حول جرائم الاحتلال الصهيوني.
كما استنكرت جمعية الصحفيين البحرينية الاعتداءات ضد الصحفيين والمراسلين في غزة، وطالبت بتوفير الحماية لهم، وهو ما دعت إليه نقابة الصحفيين السودانيين، في نوفمبر وديسمبر 2023م، فيما طالب الاتحاد العام للصحفيين العرب، أكثر من مرة، بمحاكمة مرتكبي جرائم قتل الصحفيين.