هذه رسالة إلى أبناء الحركة الإسلامية المباركة «حماس» كتبتها لهم المربية الفاضلة الأستاذة زينب الغزالي، يرحمها الله، ونشرتها «المجتمع» في العدد (968) بتاريخ 29 مايو 1990م، ولأهميتها نعيد نشرها مرة أخرى.
رسالة إلى أبناء «حماس»
يا نبت أرض مقدسة بقدسها ثالث الحرمين كان الحزن يفت في عضدي عندما أشهد ركوناً إلى دجل الغرب والشرق الحاكمين للعالم بغير حق شرعي يتقاذفون الكرة في ملعب خاسر بقضيتنا قضية فلسطين الحبيبة، وكنت عقب سجداتي في الصلاة، أضرع إلى الله أن يبعث بعثاً يقاتل في سبيله، في أرض بيت المقدس الحبيب، وجئتم.. مواكب نور.. وأعلام هداية.. وثورة حق وهتافاً جديداً يوقظ نيام المسلمين الغافلين عن قدسهم اللاهين في دنياهم عن حق يجب أن يعيشوا له.
قمم تُعقد بغير نتائج، وحكام يعملون بسطور تقرأ في جرائد يومية أو أسبوعية أو شهرية بغير نتاج يحصد، ونحن أمة العمل الذي يعانقه الفعل، نحن الأمة المناداة بقوله تعالى: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) (التوبة: 105)، فأي عمل قامت به الأمم الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها لتعود فلسطين إلى أحضان الموحدين؟
وجئتم.. يا أبناء «حماس».. نور يهدي لا نار تحرق، وقلتم بقلوب مفتوحة وأرواح تتغنى بقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ۚ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (التوبة: 111)، فكونوا يا أبناء «حماس» (التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) (التوبة: 112).
كونوا شموعاً على مائدة التوحيد، تزدهر، فتصبح سرجاً، كونوا الشجرة المباركة صاحبة الأصل الثابت والفرع الواصل إلى السماء، كونوا بذوراً للتجديد، كونوا زرعاً أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ به الكفار..
أنتم يا أبناء «حماس» الأمل والرؤيا المباركة.. فمتى تفسر؟ يوم تدخلون بيت المقدس، موجاً هادراً يرفع راية «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، محمد صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله»، تقولون بأصوات ندية.. فرحة مستبشرة شاكرة لربها نعمه: القدس لنا، قلناها أملاً وكانت لنا حلماً، وأصبحت اليوم حقاً، ودخلنا القدس وهي لنا بحكم كتابنا، وسنعدل في أهل الكتاب، بكتابنا وبسُنَّة نبينا سننادي بها في العالمين، نحن أمة الإسلام، أمة حكمت فعدلت، ثم غابت، واليوم قد حضرت لتقيم القرآن حكماً والسُّنَّة طريقاً وبياناً ليسعد العالم من جديد.
فيا أبناء «حماس»، لا تخيفكم أسلحة الباطل، فالباطل لا مقام له، والبقاء للحق وإن هضم فسيأتي اليوم الذي يعود فيه، فيرفع أحلام العدالة.. والحق والإنصاف لكل إنسان ظلم أو هضم حقه.
أنتم أتباع رسول ناداه الحق بقوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) (الأنبياء: 107)، وأنتم اليوم علامة لعودة تلك الرحمة، فلا تيأسوا، وكونوا أعلام بذل وتضحية وفداء.