ظهر تيار الرواية الواقعية في مصر مبكرًا، لكنه بلغ مرحلة النضوج في أعمال أمين يوسف غراب ومحمد عبد الحليم عبد الله وإحسان عبد القدوس ويوسف السباعي وعبد الرحمن الشرقاوي ويوسف عز الدين عيسى.
والدكتور حلمي محمد القاعود أستاذ الأدب العربي يعد امتداداً لهذا الجيل الذي أخذ على عاتقه تغيير الواقع الذي يتحدث عنه من خلال مضمون رواية “محضر غش”، لخدمة المجتمع وإصلاحه.
تعالج الرواية ظاهرة طرأت على المجتمع التعليمي وهي انتشار الغش بين الطلاب، وتأثيرها على مستقبل الوطن.
لم تحظ هذه الظاهرة من قبل بتناول روائي يحذر من خطورتها، ويكشف أبعادها المؤذية على مختلف مجالات الحياة.
بطلة الرواية شهيرة عصام، ابنة منطقة عشوائية، ولدت قبل عقدين أو ثلاثة. تنجح بتفوق حقيقي في التعليم العام، ولكنها حين تنتقل إلى الجامعة تنغمس في تيار الغش، وتحصل على أعلى الدرجات دون أن يكتشفها أحد إلا في الفصل الأخير من السنة الأخيرة.
كانت تطمح وفقًا لرغبة أبيها أن تكون أستاذة جامعية، وزوجة لأستاذ جامعي. ولأنها كانت تنجح بامتياز فقد كانت مشهورة لدى الأساتذة والموظفين، وكانوا يمرون عليها في أثناء الملاحظة أيام الامتحانات دون أن يتوقفوا عندها، لثقتهم في تفوقها، ونجاحها بجهدها الذاتي، ولكن ملاحظا من خارج الكلية يراها تغش فيضبطها، وتقدم إلى مجلس تأديب يقضي بحرمانها من مادتين، وتتعقد الأحداث، وتنتهي بحرمانها من تحقيق الحلم الذي سعت من أجله، وهو العمل بالتدريس في الجامعة. ولا يبقى لها من مجال العمل إلا الدروس الخصوصية.
تحفر الرواية في سيرة البطلة وتربيتها، وعلاقتها بأبيها الذي يحب المال حبا جما ولا يعبا بالقيم الروحية، فيتسبب في إخفاق خطبتها مرتين، من شابين ناجحين، الأول كان معيدا بالكلية، تركته حين تبرع لأبيه بجزء من كبده، فاعتقدت أنه سيموت، وفسخت الخطبة بأمر أبيها، والآخر كان موظفا، يسعى للحصول على شهادة جامعية أخرى تعزز مركزه العلمي وتتيح له فرصة الدراسات العليا.
في آخر المطاف تتزوج شابا متوسط التعليم يبحث عن مشروع تجاري ويحمل دبلومًا بعد الثانوية بسنتين. ومع ذلك تتعقد علاقتها به بسب تدخل أبيها في حياتها الزوجية.
الرواية بناء لغوي شاعري يسوح في الأعماق النفسية للشخصيات التي تضمها الرواية، ويبحث في أسباب الخلل الذي يؤدي إلى المتاعب الاجتماعية والإنسانية في سياق أدبي راق يحقق الجمال الفني والسردي.
إن المنجز السردي عند حلمي القاعود جدير بالتأمل والدراسة.