عندما تتحد القلوب على العطاء، وتتعاضد الأيدي لبناء مستقبل مشرق، يكون الوطن هو الرائد، والمبادرة هي المنارة.
في أرض الكويت، حيث الإنسانية ليست مجرد شعار، بل مسيرة عطاء لا تنقطع، اجتمع نخبة من القادة والخبراء الإنسانيين من أكثر من 16 دولة تحت مظلة ملتقى «أيتامنا عهد وميثاق»؛ ليعلنوا معاً بداية حقبة جديدة في رعاية الأيتام، حقبة تتوجها الكويت بإطلاق الميثاق العالمي لرعاية الأيتام، هذا الميثاق الذي ستمتد آثاره إلى شتى أنحاء العالم، ليصبح لكل يتيم نصيب من الكرامة، والرعاية، والأمل.
أكد مراقب إدارة المبرات والجمعيات الخيرية في وزارة الشؤون الاجتماعية عاصم الفيلكاوي أن الكويت أصبحت نموذجاً عالمياً يُحتذى به في تقديم الدعم والإغاثة للمحتاجين في مختلف أنحاء العالم، مشيراً إلى أن دولة الكويت، بقيادتها الرشيدة، قد أظهرت إيماناً راسخاً برسالة العمل الإنساني؛ ما جعلها تتصدر المشهد الدولي في حوكمة العمل الخيري وتعزيز قيم الإنسانية.
جاء ذلك خلال كلمة ألقاها الفيلكاوي نيابة عن وزيرة الشؤون الاجتماعية والأسرة والطفولة د. أمثال الحويلة، وذلك في افتتاح ملتقى «أيتامنا عهد وميثاق»، الذي عُقد أمس الإثنين في فندق راديسون بلو، بتنظيم من اتحاد الجمعيات والمبرات الخيرية الكويتية، بحضور منظمات إنسانية من أكثر من 16 دولة، اختاروا الكويت مقرًا لهذا الحدث الإنساني المتميز، اعترافًا بدورها الريادي في الساحة الدولية.
وأشار الفيلكاوي إلى أن اختيار الكويت لاستضافة هذا الملتقى يمثل شهادة عالمية مستحقة على الجهود الإنسانية الرائدة التي تبذلها الكويت؛ قيادة وحكومةً وشعباً، في دعم العمل الإنساني وترسيخ القيم الخيرية المتأصلة في ثقافة البلاد.
وأضاف: منذ أن منحت الأمم المتحدة الكويت لقب «مركز العمل الإنساني»، وسمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد يرحمه الله لقب «قائد العمل الإنساني»، أصبحت الكويت حاضنة لكل مشروع يعزز قيم الإنسانية ويحقق الرفاه للأيتام والفئات الأكثر احتياجاً حول العالم.
وأوضح الفيلكاوي أن الملتقى يمثل منصة عالمية لتبادل الأفكار والرؤى التي من شأنها تطوير منظومة العمل الإنساني والخيري، مع التركيز على قطاع الأيتام باعتباره أحد أهم القطاعات التي تحظى بالاهتمام والرعاية.
وأكد أن الكويت تؤمن اليوم أكثر من أي وقت مضى، أن العمل الإنساني لا يمكن أن ينجح بمعزل عن التعاون المشترك، داعياً إلى تضافر الجهود بين المؤسسات الإنسانية، والمجتمع والدولة، لمواجهة التحديات المتزايدة على الساحة الإنسانية الدولية.
وفي سياق أهداف الملتقى، أشار الفيلكاوي إلى أن «الميثاق العالمي لرعاية الأيتام» يُعد من أبرز مخرجات هذا الحدث، وهو مشروع رائد يتم وضع حجر أساسه في دولة الكويت، على أن يُطلق لاحقًا إلى العالم أجمع ليكون مرجعًا دوليًا في رعاية الأيتام وتحسين أوضاعهم في مختلف المجتمعات.
من جانبه، أكد رئيس اتحاد الجمعيات والمبرات الخيرية سعد العتيبي، في كلمته، أن رعاية الأيتام ليست مجرد مسؤولية خيرية تُلقى على عاتق المؤسسات، بل هي واجب إنساني عظيم، ورسالة نبيلة تتطلب تكاتف الجميع للعمل بروح الفريق الواحد، بهدف تحقيق حياة كريمة ومستقبل مشرق للأيتام في مختلف أنحاء العالم.
وقال العتيبي: هذا الملتقى بمثابة عهد وميثاق نجدد فيه التزامنا بمواصلة العمل والتطوير لتحقيق أهدافنا المشتركة، وضمان تمكين الأيتام عبر توفير التعليم النوعي، والرعاية النفسية والاجتماعية، والدعم الشامل الذي يساعدهم على مواجهة تحديات الحياة بشجاعة وثقة.
وأشار إلى أن الاتحاد سيواصل جهوده لتعزيز الشراكات مع الجهات المحلية والدولية المعنية برعاية الأيتام، بهدف تحقيق نقلة نوعية في مستوى الخدمات المقدمة لهم، وتمكينهم من أن يكونوا أفراداً فاعلين في مجتمعاتهم.
من جانبه، ألقى الأمين العام لاتحاد رعاية الأيتام صلاح الجارالله كلمة مؤثرة، قال فيها: إن المؤسسات القائمة على رعاية الأيتام، مثل أعضاء اتحاد رعاية الأيتام، وكافة الجهات العاملة في هذا القطاع، تمثل جسر العطاء الذي يربط بين المحسنين وأهل الخير والأيتام، الذين هم في أمسّ الحاجة إلى الرعاية والدعم.
وأوضح الجارالله أن رعاية الأيتام مسؤولية جماعية، وهي أمانة في أعناق الجميع، مشدداً على أن هذا الملتقى، بما يحتويه من جلسات نقاشية ومعرض مصاحب، يعكس الالتزام الراسخ من كل الحاضرين بخدمة الأيتام ودعمهم، داعياً إلى الاستمرار في هذا الطريق النبيل.
وختم الجارالله كلمته برسالة مؤثرة، قال فيها: قد يكون اليتيم بلا أب، لكنه ليس بلا وطن، في الكويت، نحن آباءٌ لكل الأيتام، ويدنا ممدودة لهم بالدعم والرعاية، لتكون الكويت حضناً دافئاً لكل من فقد معيله، وليجد اليتيم فينا الأسرة التي ترعاه، والتعليم الذي ينهض به، والدعم الذي يعزز طموحه.
ميثاق عالمي لرعاية الأيتام ينطلق من الكويت
يأتي ميثاق رعاية الأيتام العالمي كثمرة لهذا الملتقى، حيث يُنتظر أن يكون نقطة تحول في العمل الإنساني الموجه للأيتام، فبعد أن كان الدعم الموجه لهم يقتصر على توفير المأكل والملبس، جاء هذا الميثاق ليؤسس لمرحلة جديدة من الرعاية الشاملة، التي تشمل الجوانب التعليمية والنفسية والاجتماعية؛ بهدف إعداد أجيال واعية قادرة على مواجهة تحديات الحياة، ليكون الأيتام، بدورهم، قادة الغد وصناع المستقبل.
رسالة الكويت إلى العالم
يُختتم ملتقى «أيتامنا عهد وميثاق» برسالة بالغة الدلالة، وهي أن الكويت ستظل حاضنة للعمل الإنساني، ومنصة عالمية لإطلاق المبادرات الرائدة، من هنا، انطلق «الميثاق العالمي لرعاية الأيتام»، من أرض الكويت إلى العالم، ليكون شاهدًا على دور الكويت في تعزيز القيم الإنسانية، ورسالة ملهمة لكل من يسعى إلى خدمة اليتيم، ودعم مسيرته نحو حياة أفضل ومستقبل أكثر إشراقًا.
في كل مرة تثبت الكويت أنها ليست مجرد دولة صغيرة بحجمها، بل عظيمة بعطائها، وملتقى «أيتامنا عهد وميثاق» شهادة جديدة على هذا النهج، حيث تجتمع رؤى 16 دولة على أرض الكويت لتعزيز الجهود الإنسانية في رعاية الأيتام، من خلال هذا الملتقى، تؤكد الكويت أنها قلب الإنسانية النابض، وأن كل يتيم في العالم له في الكويت نصيب من العطاء والرعاية، وأن ميثاق الأيتام العالمي الذي انطلق من هذه الأرض الطيبة، هو شعاع أمل جديد سيضيء حياة الملايين من الأيتام في جميع أنحاء العالم.