تشهد الساحة الفلسطينية حالة غير مسبوقة من التوتر والاحتقان، وسط مخاوف متزايدة داخل المؤسسة الأمنية الصهيونية من انهيار السلطة الفلسطينية وتصاعد الغضب الشعبي والمقاومة في الضفة الغربية.
في ظل هذا المشهد، تتزايد التحذيرات الصهيونية من انتقال تأثيرات الأزمات الإقليمية إلى الداخل الفلسطيني، مع إشارات إلى أن ما يجري في سورية قد يكون دافعاً لتأجيج المواجهة مع الاحتلال.
في هذا السياق، تبرز تقارير إعلامية عبرية، تحذر من هشاشة الوضع الراهن في الضفة الغربية، وتشير إلى خشية لدى الكيان الصهيوني من فقدان السيطرة إذا تفككت السلطة الفلسطينية أو تبدلت ولاءات أجهزتها الأمنية.
ذكرت صحيفة «معاريف» العبرية أن نجاح المعارضة في سورية يثير مخاوف الكيان الصهيوني من انتقال عدوى القتال إلى الضفة الغربية.
وأوضحت الصحيفة، في تقرير ترجمته «المجتمع»، أن المسؤولين الأمنيين يخشون أن يلهم هذا النجاح المقاومين الفلسطينيين، ويؤدي إلى تصعيد خطير في المنطقة.
«معاريف»: زلزال في الضفة
وتحت عنوان «زلزال في الضفة: حماس تعلن الحرب على أبي مازن»، نشرت «معاريف» عبر موقعها الإلكتروني، اليوم الثلاثاء، بياناً لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ووصفته بـ«غير العادي».
البيان أكد أن استمرار أجهزة السلطة الفلسطينية في العملية الأمنية وملاحقة المقاومين والاشتباك معهم في مخيم جنين لليوم الثامن على التوالي، تعتبر جريمة وطنية مكتملة الأركان، وتتطلب مواصلة النفير الشعبي والفصائلي لكسر الحصار وحماية المقاومين.
وأشار البيان إلى أن تواصل العملية الأمنية للسلطة يشير إلى أنها تصم آذانها عن كافة الأصوات الفلسطينية المطالبة بتوقفها وحماية المقاومة، التي تمثل درعاً حصيناً للشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته أمام جرائم الاحتلال والمستوطنين.
ودعت «حماس» كافة الحراكات والفصائل والتجمعات العشائرية والحقوقية إلى الحشد بشكل كبير لصد هذه العملية الأمنية، التي لا تخدم إلا جيش الاحتلال وأحلامه الخائبة في إنهاء المقاومة في الضفة الغربية.
وأهابت باستمرار الدعم الشعبي والجماهيري المساند لمقاومينا الأحرار، وتوجيه السلاح والرصاص صوب الاحتلال، الذي تمادى كثيراً في إراقة دماء أبناء شعبنا، ووسع من حرب الإبادة الجماعية التي طالت الأطفال والنساء والشيوخ، أمام العجز غير المسبوق من قبل المجتمع الدولي.
ونقلت «معاريف» عن الرئيس السابق لجهاز التنسيق الأمني بين الاحتلال والسلطة الفلسطينية موشيه إلعاد، أن هناك تخوفاً من أن ينتفض الفلسطينيون ضد سلطة عباس.
وأشار إلعاد إلى أن السلطة الفلسطينية تدرك أنه إذا حدثت مشكلة، فإنها ستأتي من مناطق شمال الضفة، تحديداً من منطقة جنين.
تقديرات بانهيار السلطة الفلسطينية
صحيفة «يسرائيل هيوم» العبرية كشفت عن تقديرات لدى المؤسسة الأمنية الصهيونية تشير إلى أن انهيار السلطة الفلسطينية قد يحدث بشكل سريع، ووصفت الوضع في الضفة الغربية بأنه الأكثر هشاشة منذ سنوات.
وأعربت الصحيفة عن تخوفها من تبدل ولاءات رجال شرطة السلطة الفلسطينية، خاصة في ظل تسريبات تتعلق بطلب قائد جهاز الاستخبارات الفلسطينية نضال أبو دخان اللجوء السياسي في كندا.
من جانبها، نقلت «القناة السابعة» العبرية عن مراسلها العسكري دورون كادوش أن المؤسسة الأمنية الصهيونية تراقب عن كثب الأوضاع في الضفة الغربية، محذرة من أن انهيار السلطة سيؤدي إلى فقدان كامل للاستقرار في المنطقة.
كما أشارت إلى دور إيراني مزعوم في محاولة زعزعة الاستقرار، مؤكدة أن الضفة الغربية أصبحت الهدف التالي لإيران بعد ضعفها في مناطق أخرى من الشرق الأوسط.
وفي 14 ديسمبر الجاري، شهد مخيم جنين في شمال الضفة الغربية المحتلة مواجهات دامية بين عناصر للمقاومة وعلى رأسها «كتيبة جنين» التابعة لـ«سرايا القدس»، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، وأجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية.
هذه الاشتباكات أسفرت عن استشهاد القيادي في الكتيبة يزيد جعايصة، وهو أحد أبرز القادة المطلوبين لقوات الاحتلال منذ أكثر من 4 سنوات، إضافة إلى استشهاد الطفل محمد عامر (15 عامًا)، وجرح نحو 40 فلسطينيًا آخرين، حسبما أفادت مصادر محلية.
في الوقت نفسه، تواصل قوات الأمن الفلسطينية تنفيذ عمليات اقتحام واسعة النطاق للمخيم، وسط تأكيدات من السلطة الفلسطينية بأن هذه العمليات تهدف إلى استعادة النظام، وحفظ السلم الأهلي؛ وهو ما أثار موجة من الاستنكار والرفض على مختلف الأصعدة.