يقولون: إن الفنون تحارب التطرف والعنف، ويؤكدون أن “الفن” لو أدرج ضمن المناهج الدراسية لتجبنا كثيراً من مظاهر الغلو والعنف!
في البدء نعترف أن هناك “فنوناً” كثيرة ومتعددة وليست شيئاً واحداً، وبالتالي فالفنانون ليسوا سواء، ونعترف أن هناك “فناً” إيجابياً، يؤدي رسالة راقية ويحمل قيماً عليا للمستمع وللمشاهد، فكم من مشهد أثر، وكم من صورة عبرت بما لم يعبر عنه عشرات المقالات والمؤلفات، وفي الاتجاه الآخر هناك “فن” سلبي وسيئ يهدم ولا يبني، وأكثر الفنون انتشاراً في عصر السماوات المفتوحة؛ هما “الغناء” والتمثيل”.. فعن أي فن نتحدث فيهما؟ عن فيديو كليب راقص يظهر من الجسم أكثر مما يغطي، أم عن الطرب المبتذل الذي حول “المرأة” إلى صورة مقززة؟ هل نقصد تلك المسلسلات التي لا تسمن ولا تغني من جوع، حيث جل همها استعراض الحسناوات، وتشويه سمعة المجتمع، وتعليم التمرد على قوانين المجتمع!
هل سنواجه – مثلاً – إرهاب “داعش” “بكليبات” الفنانات العربيات؟ هل سننازل “الإلحاد” كفكر بمسلسلات “جنسية”؟!
وحتى الذين يقبعون في السجون بسبب تطرفهم السلوكي، هل يمكن لأغنية عربية انتشالهم من أوحال المعصية إلى سماء الطاعة؟ وهل يمكن مناصحة المسجونين بدراما هزلية؟!
اقترب أكثر..
“دواعش” أوروبا، أقصد الذين التحقوا بـ”داعش” من القارة العجوز، جاؤوا من بلادهم، وهي أكثر بلاد الدنيا غارقة بالفنون، لكن تلك الفنون لم تمنعهم من ركوب موجة الفكر “الداعشي”، والغربيون هم أكثر افتتاناً بالموسيقى، وأكثر انغماساً في الفنون، لكن دولهم أكثر ولوغاً في العنف والدماء.. وللتاريخ راجعوا حصيلة الحربين العالميتين الأولى والثانية، كم حصدت من الأرواح؟ من أول من ألقى قنبلة نووية على اليابان إبان الحرب العالمية الثانية؟ وكم عدد ضحاياها؟
نقّبوا عن عدد الجزائريين الذين قتلوا على يد الفرنسيين، والعراقيين الذين عذبوا على يد الأمريكيين، المؤكد أن فنون أوروبا وأمريكا لم تفلح في صرف أولئك عن سفك الدماء وتعذيب الأبرياء.
هل تعلم أن ستالين كان موسيقياً ومع ذلك قتل 23 مليوناً؟
وهل تعلم أن هتلر كان رساماً وقتل 17 مليون نسمة؟
التطرف لا علاقة له بأي مجال من مجالات الحياة، فقد تجد “فناناً” متطرفاً، وتلقى “فناناً” معتدلاً، ولربما وجدت “عالماً” في الدين أو الآداب أو الطب “متطرفاً”، وفي المقابل هناك غيرهم معتدلون!
وفي مجتمعنا نعاني من التطرف، والتطرف هنا يمثل انحرافاً عن الدين وسوء فهم له، والحل يكون بإعادة هذا المتطرف إلى الدين الصحيح الذي فقده ولم يستوعبه!
لنتذكر أن أول تطرف في تاريخ المسلمين كان عبر “الخوارج”، فكان لهم بالمرصاد مناصحة عبدالله بن عباس، وسيف ابن عمه علي بن أبي طالب، رضي الله عنهما، فحرب الإرهاب ومواجهة العنف تقتضي “المناصحة” ومجابهة الفكر بالفكر، و”السيف” لمن تعدى على أرواح الناس!