إن الاقتصاد، كما يراه ستيفن ليفيت في كتابه “الاقتصاد العجيب”، علم ذو أدوات ممتازة للحصول على إجابات، وقد لا يعترف كثير من الناس، بمن فيهم عدد من زملائه، بأن عمل ليفيت هو عمل في علم الاقتصاد مطلقاً، لكنه قام بتقطير ما يسمى بالعلم الكئيب للوصول إلى هدفه الأولي؛ وهو تفسير الكيفية التي يحصل بها الناس على ما يريدون، وخلافاً لمعظم الأكاديميين، إنه لا يخشى استخدام الملاحظات الشخصية أو الفضول الشخصي، ولا يخشى القصص وسردها أيضاً، لكنه يخشى التفاضل والتكامل، إنه شخص حدسي.
لقد ثبت أن فضول ليفيت الحاد جذاب بالنسبة لآلاف من قراء مجلة “نيويورك تايمز”، والذي جعل الجميع يستجيبون له هو قوة اعتقاد ليفيت الخفي: أن العالم الحديث، على الرغم من شدة الغموض والتعقيد والخداع، ممكن اختراقه ومعرفته ممكنة.
إن هدف كتاب ليفيت هو استكشاف الجانب الخفي من كل شيء، وقد يكون هذا عملاً مثبطاً أحياناً، وقد تشعر أحياناً وكأننا ننظر إلى العالم من خلال ثقب صغير جداً، ولكن الفكرة هي أن ننظر إلى أحوال عديدة ومتباينة ونفحصها بطريقة يندر أنها قد فحصت بها من قبل.
يقول ليفيت: لقد فكرت في إعداد كتاب يدور حول موضوع واحد النظرية والممارسة للاقتصاد التطبيقي الصغير، لكني فضلت عوضاً عن ذلك طريقة البحث عن كنز، نعم، تستخدم هذه الطريقة أفضل أدوات التحليل التي يمكن أن يقدمها علم الاقتصاد، لكنها تسمح لنا باتباع أي فضول عجيب قد يحدث معنا.
وهكذا، إن ميدان الكتاب الذي اختراه المؤلف: الاقتصاد العجيب، إن القصص التي يرويها هذا الكتاب لم تشمل عليها مادة الاقتصاد 101، ولكن هذا قد يتغير، وحيث إن علم الاقتصاد أولاً مجموعة أدوات، بمقابلته مع الموضوع، فإنه ما من موضوع، مهما كان صعباً، ينبغي أن يكون بعيداً إلى درجة بعيدة المنال.
يقول ليفيت: ليس في هذا الكتاب موضوع موحد فعلاً، ولكن إن لم يكن هناك موضوع موحد للاقتصاد العجيب، فهناك على الأقل خيط مشترك يسير خلال التطبيق اليومي للاقتصاد العجيب، فعليه أن يتعامل مع التفكير المعقول حول الكيفية التي يتصرف بها الناس في العالم الحقيقي، وكل ما يحتاجه هو طريقة جديدة بالنظر والتمييز والقياس، وهذه ليست مهمة صعبة بالضرورة، ولا تتطلب تفكيراً متحذلقاً عالياً.
حقيقة الأمر هي أن التفكير بأسلوب الاقتصاد العجيب لا يتعامل بالأخلاق، فإذا كانت الأخلاق تمثل العالم المثالي، فإن الاقتصاد يمثل العالم الحقيقي.
والنتيجة المحتملة بعد قراءة هذا الكتاب هي نتيجة بسيطة: فقد تجد نفسك تسأل أسئلة كثيرة، وكثير من هذه الأسئلة سيؤدي إلى لا شيء، ولكن بعضها سيأتي بإجابات مثيرة للاهتمام بل ومدهشة.
للتواصل: zrommany3@gmail.com