معركة الأمعاء الخاوية التي خاضها الأسرى المحررون المقطوعة رواتبهم بقرار من السلطة الفلسطينية بدعوى عدم التزامهم بالشرعية الفلسطينية لمدة ثمانية أيام، وانتصارهم بهذه المعركة بعد وعود تلقوها قبل البدء بمرحلة لبس الأكفان وكتابة الوصايا من قبل قيادة السلطة.
والد الشهيد المقدسي بهاء عليان الذي حضر للتضامن مع المضربين عن الطعام لاسترداد رواتبهم قال: نأسف أن نصل إلى هذه المرحلة بأن يضرب من تحرر من السجن من أجل استرداد راتبه المقطوع بقرار فلسطيني، فهذه الرواتب حق وليست منة من أحد، وعلى المسؤولين أن يراجعوا حساباتهم، فهذا الموقف معيب لهم، والراتب هنا كي يعيل أسرته ولا يطالب المحرر بأكثر من ذلك، ويجب ألا يكون هناك تمييز بين أسير وآخر، فوجع الأسر واحد، والأسرى قضيتهم توحد ولا تفرق.
وأضاف: أخجل أن أكون مع محررين يضربون عن الطعام لاسترداد حقهم من السلطة، فهذه الوقفة تليق أمام الاحتلال وليس أمام سلطة فلسطينية.
الإعلامي المحرر محمد القيق الذي تضامن مع المضربين عن الطعام في دوار المنارة وخاض إضراباً لمدة 94 يوماً في سجون الاحتلال وهو الأطول في تاريخ الحركة الأسيرة يقول: هذه الوقفة مع المحررين المضربين عن الطعام وقفة عز وشرف، والكل الفلسطيني يساندهم، ويجب أن تعاد الحقوق إلى أصحابها، فمن حق الأسير أن يعيش بكرامة وهو الذي دفع ضريبة وفاتورة العمر من أجل كرامة شعبة وقضية وطنه السليب المحتل وطهارة مقدساته.
أما المحرر الأديب وليد الهودلي الذي أمضى 15 عاماً في الأسر طرح عدة تساؤلات وقال: عملية قطع رواتب أسرى قد حرروا من سجون الاحتلال تعيد الموضوع إلى مربعات خطيرة وملغومة، منها على سبيل المثال: أن نجيب عن سؤال من هو الأسير؟ هل ندرك حجم الألم والتعذيب الذي مورس عليه فترة سجنه؟ هل كان في نزهة أم رحلة دراسية أو في مخيم صيفي ترفيهي أو جولة سياحية؟ لماذا سجن هذا الفلسطيني؟ هل لأنه مثلاً ارتكب جنحة يخالف عليها القانون؟ هل عوقب لأنه خرج عن الصف أو غرد خارج السرب؟ كان مشاغباً أو أخل بالأنظمة والقوانين التي من شأنها أن تحافظ على الهدوء والاستقرار؟ شاغب فاستحق السجن مثلاً.
وأضاف: فصرف راتب لهذا الأسير لا يعد تعويضاً ولا تخليصاً نفسياً ولا تكريماً مناسباً لما قدم من عمل وطني أو بما دفع ثمناً من سني زهرة شبابه، ولا رد اعتبار يوازي ما حققه من لم يناضل ولم يؤسر من امتيازات وظيفية ومعيشية، إنه أقل القليل، وما يأخذه الأسير حالة صرف راتب لا يقارن بما دفعه وبما فاته من حياته.
طلاب جامعة بيرزيت زاروا موقع إضراب المحررين واستمعوا إلى معاناتهم.
الطالب عمر سنة أولى إعلام قال: لم أكن أعرف سبب إضرابهم وما طبيعة الإضراب، وعندما علمت أن بعضهم قضى في السجن فترة هي أكبر من عمري أكثر من عشرين عاماً، أصابني الذهول والصدمة، فلا يمكن أن أتخيل أن القرار فلسطيني في قطع الرواتب ولا أحد يتدخل من أجلهم، وسوف أعود مع زملائي إلى الجامعة لإيصال رسالة هؤلاء المضربين عن الطعام الذين يفترشون الأرض ويلتحفون السماء ولا يسمح لهم بإقامة خيمة تقيهم حر الشمس وبرد الليل مع أطفالهم.