قالت مجلة “فورين أفيرز” الأمريكية: إن جماعة الإخوان المسلمين ليست منظمة إرهابية، وإن سعي إدارة ترمب لتصنيفها هكذا يضر، ويمكن أن يقوض مصداقية الولايات المتحدة.
وقالت المجلة: إن الإخوان المسلمون بعيدون عن العنف وأعلنوا أنهم لا يؤيدون العنف وقد حافظت الجماعة على هذا الالتزام، ولا يوجد ما يوحي أنها خالفت ذلك لهذا لن تصمد أي محاولة من جانب إدارة ترمب لتصنيفهم “إرهابية”، وحتى لو سعى رجال ترمب لتصنيفها بالمخالفة للتصنيف الأمريكي (FTO) فسيكون من السهل الطعن على هذا أمام المحاكم الأمريكية وإلغاء التصنيف.
وقال الكاتبان دانييل بنيامين، وجيسون بلازاكيس، في تقرير نشرها 17 مايو الجاري 2019: إن الإعلان عن سعي الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لجعل وزارة الخارجية تُصنف جماعة الإخوان المسلمين “منظمة إرهابية أجنبية”، جاء في أعقاب زيارة قام بها السيسي الذي وصفاه بأنه “أحد المستبدين المفضلين لدى ترمب وعدو الإخوان المسلمين”.
وأشارت المجلة أن الخارجية الأمريكية سبق أن قررت رفض تصنيف جماعة الإخوان المسلمين في عام 2017، وأكدت أن معايير انطباق صفات المنظمات الإرهابية الأجنبية على الإخوان، لا تفي بالمتطلبات المطلوبة رسمياً لذلك، لأنها جماعة منتشرة ومتغلغلة في العالم وليست منظمة وحدوية ولم يرتبط اسمها بالعنف.
وقال الكاتبان: إن جماعة الإخوان فضفاضة وتنضوي تحت لوائها العديد من القوي والأحزاب والجماعات، لكن لكل منها سياستها الخاصة بها المرتبطة بظروف بلادها ولكنهم يشتركون في المبادئ المتعلقة بخدمة الإسلام وتعليمه.
وإن المنظمات المتنوعة التي تقتبس من فكر الإخوان تتراوح بين حزب النهضة السياسي، أحد أعمدة المؤسسة المؤيدة للديمقراطية في تونس، وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، التي يصنفها الأمريكيون منظمة إرهابية في غزة، لذلك اعترض معظم أعضاء إدارة ترمب على أي خطوة لتصنيف الإخوان “إرهابية” بما في ذلك وزير الخارجية السابق ريكس تيلرسون، ولكن ترمب يريد تجاهل المعايير القانونية والتاريخية بشأن من ينطبق عليه تصنيف “منظمة إرهابية أجنبية” لإرضاء الدكتاتور السيسي.
وقالت فورين أفيرز: إنه لو فعل ترمب ذلك، ستوفر الولايات المتحدة غطاء لحكومة السيسي لتوسيع نطاق الحملة الوحشية التي يقوم بها بالفعل، بسجن قيادة الإخوان في مصر أو مطاردتهم في المنفى حيث يعيش العديد من أعضائها بعيداً عن بطش مخابرات وسلطات أمن السيسي.
وحتى لو صنفت واشنطن الإخوان المصريين فقط على أنهم “جماعة إرهابية”، فإن هذه الخطوة ستصنف مئات الآلاف من المسلمين على أنهم إرهابيون، كما سيعني ذلك تعزيز سياسية السيسي بشأن استبعاد الإخوان من العملية السياسية، الأمر الذي من شأنه أن يحفز التطرف وانتشار الجماعات العنيفة المعارضة لفكر الإخوان المعتدل.
وأشارت المجلة لسعي اليمين المتطرف المسيحي المعادي للمسلمين في الولايات المتحدة لتشويه جماعة الإخوان المسلمين منذ فترة طويلة، وسعيه من ثم لاستخدام تصنيف FTO لاستهداف لعديد من الجمعيات والجماعات التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها والتي تربطها صلات بالإخوان المسلمين، معتبره أن هذا سيعزز نظريات المؤامرة المختلفة حول جماعة الإخوان، وبالتالي تغذي “الإسلاموفوبيا” في الولايات المتحدة.
كيف ستتضرر أمريكا؟
ترصد المجلة العديد من الأضرار التي ستطال الولايات المتحدة الأمريكية حال نفذت إدارة ترمب سعيها لتصنيف الإخوان “إرهابية” ومنها:
1- يمكن أن يؤدي هذا التصنيف للإخوان لأضرار خطيرة لقانون مكافحة الإرهاب الأمريكي الذي تم سنه عام 1996، ويفرض عقوبات مثل تجميد الأصول الإرهابية في الولايات المتحدة ومحاكمة أشخاص لدعمهم الجماعات الإرهابية، وهوما لا تتوافر معاييره في جماعة الإخوان.
2- ستمني إدارة ترمب بفشل ذريع لو حاولت تصنيف الإخوان وإقناع أصدقائها الأوروبيين بذلك، وحشد الدعم من الحكومات والمنظمات الدولية الأخرى، على غرار ما فعلته بشأن تنظيم “القاعدة” لأن الأمر مختلفة هذه المرة، فقد نجحوا في ذلك حين تعلق الأمر بتنظيم “القاعدة” لأن هناك أدلة على أنه مارس الإرهاب، ودعمت الأمم المتحدة ودول أخرى الإجراءات الأمريكية بشأن محاربة الإرهاب، بتجميد أصول مجموعات أو أفراد معينين، ومنعهم من السفر، وضمان عدم تمكنهم من الحصول على الأسلحة.
3- إذا تابعت إدارة ترمب تسمية جماعة الإخوان المسلمين “إرهابية”، فسوف تؤدي إلى تآكل القوة المقنعة للتسميات الأمريكية للإرهاب، وقد ترى بلدان أخرى سبق أن سارت على النهج الأمريكي وسمت منظمات فلبينية وليبية إرهابية، أن هذه الخطوة تجاه الإخوان “متقلبة”، وقد يقوض هذا سير الاتحاد الأوروبي الحالي على التصنيفات الأمريكية السابقة، ويجعل الأوروبيون لا يسايرون لاحقا الجهود الأمريكية.
4- يسير الاتحاد الأوروبي في تسمياته الإرهابية على أساس قرارات الولايات المتحدة، ففي عام 2013، بعد ضغوط أمريكية، اعتبر الاتحاد الأوروبي الجناح العسكري لحزب الله منظمة إرهابية، ولم تكن هذه الخطوة سوى نجاح جزئي قلص من قدرة حزب الله على جمع الأموال وشراء العتاد في أوروبا، أيضاً أفضت نفس التقييمات القانونية الأمريكية لرفض محكمة العدل الأوروبية تظلم حركة “حماس” علي تصنيفها أوروبيا باعتبارها “إرهابية” وفق التصنيف الأمريكي، لأن المحكمة الأوروبية قالت عام 2018: إن تصنيف الولايات المتحدة (الذي يدرج حماس أيضًا) كان ذا مصداقية وقد وفّر الإجراءات القانونية الواجبة، ولكن الأوروبيين لا يرون الإخوان إرهابية.
5- لقد تضررت بالفعل القيادة الأمريكية العالمية في مكافحة الإرهاب بقرار إدارة ترمب بتسمية فيلق الحرس الثوري الإسلامي الإيراني الشهر الماضي -وهي المرة الأولى التي يتم فيها تطبيق أداة قانونية مصممة للتعامل مع الجهات الفاعلة غير الحكومية على جزء من دولة معادية، حيث أضعفت هذه الخطوة مصداقية الولايات المتحدة من خلال إظهار أن الإدارة مستعدة لتغيير القواعد من أجل تهديد أعدائها، وهناك استياء موجود بالفعل لدي شركاء أمريكا من فرض إدارة ترمب عقوبات ضد ايران وخرق الاتفاق النووي الذي سبق توقيعه عام 2016، وهذا يضعف التصنيف الأمريكي للإرهاب الذي رعته أوروبا فترات طويلة، ولذلك فتسمية جماعة الإخوان المسلمين “إرهابية” من شأنه أن يسرع من فقدان النفوذ الأمريكي في مجال محاربة الإرهاب.
6- تصنيف أي منظمة أو جماعة “إرهابية” يستمد قوته من نظام العقوبات الذي يتبع ذلك، ولا يمكن بالتالي أن تنفذ أي عقوبات ما لم يكن التصنيف مقنعا وهناك أدلة عليه وهو ما لا يتوافر في الإخوان، وإلا ستفقد العقوبات قيمتها عندما يكون قد تم فرضها لإرضاء حاكم دكتاتور يعادي هذه الجماع أو تلك، أو تبدو الاتهامات أشبه بعبارات البلاغة الرئاسية التي لا تستند لدليل.
7- خسر الإرهاب الجهادي إلى حد كبير بسبب جهود محاربة الإرهاب، لكنه لا يزال يمثل تهديدًا خطيرًا، والتمادي الأمريكي في تصنيف جماعات ومنظمات على أنها إرهابية يقوض سياسة الولايات المتحدة الناجحة لمكافحة الإرهاب بشكل ملحوظ، طالما بقيت مسألة تصنيف جماعة أو أخرى على أنها إرهابية تخضع للأهواء والاتهامات بلا دليل، وهو فكرة سيئة في حد ذاتها.