بين ترحيب وتأكيد أنه حق طبيعي، توالت ردود أفعال متباينة بعد إعلان الرئاسة المصرية العفو عن 560 سجيناً بينهم فتيات وإسلاميون خاصة من جماعة الإخوان المسلمين والصحفي البارز عبد الحليم قنديل.
حق طبيعي
من جانبه، قال الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للصحافة في مصر الكاتب الصحفي قطب العربي لـ”المجتمع: العفو الذي تم ليس منَّة من أحد أو منحة، وهو حق طبيعي لمن ظلم وتعرض للجور وشهدت محاكماته عواراً قانونياً واضحاً تحدث فيه القانونيون والحقوقيون، وبالتالي فجبر الضرر هو الحق المفترض لما حدث لهؤلاء المعتقلين والمعتقلات.
ووصف عضو البرلمان المصري بالخارج د. عزالدين الكومي العفو بأنه نوع من تجميل وجه السلطة وغسيل السمعة وإضفاء هالة مزيفة على قائدها، قائلاً: من يعفو عن من؟ الظالم القاتل الذي انتهك الأعراض وسفك الدماء، هو الذي يعفو عن المظلوم؟!
وأضاف في حديث خاص: لا يوجد هذا العفو إلا في شريعة الغاب، وإذا كان يريد العفو عند المقدرة هذا يكون للمظلوم الذي أمكنه الله من ظالمه، فهنا يتنازل عن حقه ويعفو وهذا من شيم الكرام وليس من شيم اللئام!
ويرى د. الكومي أن القرار يفند مزاعم السلطة الحالية بأنه لا يوجد معتقلون سياسيون في مصر، مشيراً إلى أن كثيراً ما يحلو لرأس النظام ترديد هذه العبارة في مقابلاته مع الصحف والفضائيات الغربية والأمريكية.
وقال عضو البرلمان المصري بالخارج الذي يعتبر النظام الحالي انقلاباً عسكرياً منذ أزمة 3 يوليو 2013م: لو كان النظام جاداً في العفو كما يزعم لأوقف مراقبة المفرج عنهم، أو كان خفف من قيود الزيارات وكم المضايقات والإهانات التي يتعرض لها ذوو المعتقلين.
وأضاف أن أشهر من شملهم العفو الصحفي عبدالحليم قنديل رغم أنه رجل السلطة الذي كان يتفنن في اتهام الإخوان بتهم كاذبة، فعاقبته السلطة في القضية المعروفة بإهانة القضاء، ثم ها هي تفرج عنه بعفو صحي، لتحسين العبودية، وفق وصفه.
وتابع د. الكومي قائلاً: شمل العفو عدداً من الفتيات، من بينهن 8 فتيات، حكم عليهم ضمن القضية المعروفة إعلامياً باسم “بنات دمياط”، وهي القضية التي لفقتها الأجهزة الأمنية للفتيات بزعم تظاهرهن في شارع التحرير بدمياط بالمخالفة للقانون، ولعل ذلك يرجع إلى ضغوط المنظمات الحقوقية الدولية، وهو ما يدحض مزاعم سلطة الانقلاب، من عدم وجود معتقلين سياسيين!
وأشار إلى أن قائمة العفو تضم 9 ضباط اتهموا بقتل أسرة كاملة في كمين أمني بالغربية، وحوكموا قبل عامين بالسجن 7 سنوات، وسلموا أنفسهم قبل شهرين فقط للمحكمة التي أيدت الحكم بحقهم، قبل أن يأتي قرار العفو لهم.
من جانبها، قالت فاطمة الزهراء، نجلة المعتقل السياسي عيد دحروج لـ”المجتمع”: العفو حق لمن خرج، وأرى ما حدث كمن سرق ثم أعاد ما سرق في هيئة صدقة، منتظراً الشكر من صاحب المال وبالتالي أنا ضد العفو بهذا الشكل ولا أتمنى عفواً مثله لوالدي أو أخي المعتقلين.
وأضافت أنها تتمنى أن ترى جميع المعتقلين في حرية وعزة ونصر لأن هذا حقهم وليس عفواً أو فضلاً من أحد.
وأكد نائب رئيس اتحاد طلاب مصر ورئيس اتحاد طلاب الأزهر الأسبق أحمد البقري، في حديث لـ”المجتمع”، أن الحرية حق لجميع المعتقلين وليست منحة أو هبة من حاكم مستبد، وفق رأيه.
إطار إنساني
وفي المقابل، أعلنت وسائل إعلامية مملوكة للدولة الجمعة 17 مايو استعداد 560 سجيناً لمغادرة السجون، عقب صدور قرار بالعفو الرئاسي عنهم الذي حمل رقم (232 لسنة 2019م)، وذلك لقضاء باقي شهر رمضان الكريم مع أسرهم وذويهم، في إطار الحرص المستمر من الدولة على لم شمل الأسر المصرية بشكل مستمر.
وربطت المصادر الحكومية بين إصدار الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي للقرار بعدة قرارات جمهورية سابقة بالعفو عن عدد من الشباب والحالات الصحية، الصادر بحقهم أحكام قضائية نهائية، وذلك بناءً على لجنة العفو الرئاسي المشكلة تنفيذًا لمؤتمر الشباب السنوي الأول الذي عقد بمدينة شرم الشيخ 2016م.
وتضمنت القائمة العفو عن عدد كبير من المعتقلين السياسيين من مختلف محافظات الجمهورية بحسب مصدر حقوقي تحدث لـ”المجتمع”.
وشمل العفو فتيات حكم عليهن ضمن القضية رقم (4337 جنايات قسم أول دمياط لسنة 2015م)، والمعروفة إعلامياً باسم “بنات دمياط” والمحسوبين على جماعة الإخوان المسلمين، اللواتي قضت محكمة جنايات دمياط في سبتمبر 2018م بالسجن 10 سنوات على 3 فتيات منهن و3 سنوات على 9 أخريات وسنتين على 4 منهن بتهمة تنظيم مظاهرة بشارع التحرير بمدينة دمياط.
وشملت قائمة العفو التي أصدرها الرئيس السيسي كذلك الكاتب الصحفي عبدالحليم قنديل، رئيس تحرير صحيفة “صوت الأمة”، والمحكوم عليه غيابياً في القضية المعروفة إعلامياً بـ”إهانة القضاء”، لأسباب صحية بحسب المنشور في القرار.
كما شملت العديد ممن كان محكوماً عليهم بالسجن المؤبد أو 15 عاماً، ومسجونون منذ 2013 و2014م، كقضايا أحداث كرداسة، وأحداث سيدي جابر بالإسكندرية، وأحداث العدوة بالمنيا.
وضمت قائمة العفو كذلك شباباً محكومين بالسجن 15 عاماً بقضية أحداث مجلس الوزراء مثل شيكا عمران، وعضو برابطة “أولتراس وايت نايتس” الرياضية محمود زتونة، وأمل صابر، وياسمين محمد من قضية “فتيات المترو” التي كانت تعترض على رفع أسعار المترو.
ووفقاً للقرار المنشور بالجريدة الرسمية: “يعفى عن العقوبة الأصلية أو ما تبقى منها وعن العقوبة التبعية المحكوم بها على عدد 560 محكوماً عليهم، الواردة أسماؤهم وأرقام قضاياهم بالكشوف المرفقة، وذلك ما لم يكن أي منهم محكوماً عليه في قضايا أخرى”.
ورحب وكيل نقابة الصحفيين الأسبق الكاتب الصحفي خالد البلشي بالقرار، وقال على صحفته على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”: قوائم عفو رئاسي صدر عن 560 سجيناً.. ألف مبروك لكل بيت دخلته الفرحة النهاردة (اليوم)، وعقبال كل مظلوم”.
وثمن مشجعو “رابطة الوايت نايتس” العفو على صفحاتهم على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، بسبب خروج أحد أعضاء الرابطة.