أصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات كتاباً جديداً بعنوان “د. موسى أبو مرزوق مشوار حياة: ذكريات اللجوء والغربة وسنوات النضال”؛ وهو يقع في 556 صفحة من القطع المتوسط، وقد قام بإعداد النص الأصلي الأستاذ شاكر الجوهري، والكتاب يُغطي الفترة من عام 1951 – 1997 من حياة د. أبو مرزوق.
وهذه الطبعة هي الثانية للكتاب بعد صدور طبعته الأولى السنة الماضية في قطاع غزة، وقد جاءت هذه الطبعة مزيدة ومنقحة، ووفق المعايير العلمية المتبعة للنشر في مركز الزيتونة، وتنبع أهمية الكتاب في كونه يغطي جانباً مهماً من تاريخ التيار الإسلامي الفلسطيني وحركة “حماس”، حيث أدى أبو مرزوق دوراً أساسياً في إنشاء هذه الحركة وفي مسارها السياسي، كما كان شاهداً على الكثير من الأحداث المهمة في تجربة “حماس” والحركة الوطنية الفلسطينية؛ مما يجعل كتابه مصدراً لا يستغنى عنه في كتابة تاريخ فلسطين المعاصر، وخصوصاً تجربة “حماس”.
كذلك، الكتاب يُعدُّ مرجعاً أساسياً لتجربة أبو مرزوق الاعتقالية في أمريكا؛ وما رافقها من إجراءات وسياسات ومناورات أمريكية وإسرائيلية، وكيفية التعامل معها من طرفه ومن طرف محاميه ومن حركة “حماس”.
ويشتمل الكتاب على 4 مقدمات و17 فصلاً، إضافة إلى ملاحق للوثائق والصور، ويستعرض في صفحاته نشأة د. موسى أبو مرزوق في المخيم، ثم سنوات الدراسة والعمل داخل الوطن وخارجه، وصولاً إلى سفره إلى الولايات المتحدة وتفاصيل اعتقاله ومحاكماته ثم الإفراج عنه.
واستهل الكتاب بتقديم للدكتور يوسف القرضاوي، حيث أشاد بالحياة الحافلة التي عاشها موسى في رحلة الكفاح والنضال؛ وتقديم للأستاذ خالد مشعل ذكر فيه ما عاشه مع موسى من عمل مشترك، وما يتميز به أبو مرزوق من طاقة كبيرة وقدرة قيادية عالية، ثم تقديم للدكتور طارق السويدان أثنى فيه على الوعي السياسي الذي يندر وجوده عند القادة ويمتلكه أبو مرزوق، وعلى الواقعية التي تجمع بين القيم التي لا تنازل عنها والاجتهادات القابلة للتعديل والمرونة، وختام المقدمات كان للدكتور أحمد يوسف، الذي وصف أبو مرزوق بأنه علَم فلسطيني، ومناضل وطني، وقيادي إسلامي له مكانته وتاريخه.
وتناولت الفصول الأولى من الكتاب طفولة د. موسى أبو مرزوق، ونشأته، وهجرته، وتحوله من الاتجاه “الناصري” إلى “الإخوان المسلمون”؛ ولكن المحطة الأهم في هذا الكتاب، التي تناولتها باقي الفصول، كانت سنوات العمل، ثم الاعتقال في أمريكا، على خلفية قيادة المكتب السياسي لحركة “حماس”، حيث كان فيها الكثير من الأحداث والمعاناة والفرص، لإبراز القضية الفلسطينية، وتجسيد خطاب “حماس” السياسي، كإحدى أهم معادلات الصراع مع الاحتلال، وفضح جرائمه التي كانت أمريكا -بانحيازها لـ”إسرائيل”- تعمل على تعطيلها، وإفشال أي جهد دولي أو إنساني لنُصرة الفلسطينيين وقضيتهم.
وتعرّض الكتاب لتفاصيل اعتقال أبو مرزوق، ولسياسات أمريكا التي كانت تريد إطالة أمد سجنه، ولقرار أبو مرزوق المفاجئ بالموافقة على تسليمه لـ”إسرائيل” تنفيذاً للقرار القضائي، الأمر الذي أربك أمريكا كما أربك “إسرائيل”، مستعرضاً تفاصيل الجلسات والمذكرات والوثائق منتيهاً بالاتفاق الذي تم بموجبه الإفراج عنه في 25/ 4/ 1997.
وقد اختُتم الكتاب بملحق من الصور المختارة التي تُعبر عن تلك المرحلة، وعدد من الملاحق الوثائقية المتعلقة بقضية الاعتقال التي لم تُذكر في نص الكتاب، كما تم إضافة فهرست للأعلام والأماكن والمؤسسات.
ويعرض هذا الكتاب الجزء الأول من مشوار حياة د. موسى أبو مرزوق، التي ستكتمل تفاصيلها فيما هو قادم من أجزاء أخرى.