نديا يانسى براج
– السود يشكلون ما يقرب من نصف المشردين في أمريكا على الرغم من أنهم يشكلون 13% فقط من مجموع السكان
– تبلغ القيمة الصافية لما تملكه العائلة النموذجية البيضاء من مال 171 ألف دولار وهذا يزيد 10 مرات على ما تملكه العائلة السوداء النموذجية (17 ألف دولار)
– العنصرية ليست قضية حزبية ولذلك نحن بحاجة إلى التوقف عن وصفها قضية حزبية.. إنها مسألة أخلاقية
يطالب قادة الحقوق المدنية والمدافعون عنها بوضع حد للعنصرية الممنهجة المؤسسية المتجذرة في المجتمع، العنصرية التي تمارس بطريقة تلقائية، أنشأتها الأنظمة السياسية القائمة وما زالت ترعاها وتكرس عدم المساواة العرقية الموجهة أساساً ضد الملونين في شتى مناحي الحياة.
وفي الأسبوعين الماضيين، انتفض الآلاف وخرجوا إلى الشوارع في أعقاب وفاة جورج فلويد، مطالبين بإنهاء وحشية الشرطة والقضاء على العنصرية، في الوقت الذي يستمر فيه انتشار جائحة كورونا، التي تؤثر أكثر كثيراً بشكل غير متناسب على مجتمعات الأمريكيين الأفارقة في جميع أنحاء أمريكا.
يقول رئيس الجمعية الوطنية للنهوض بالملونين (NAACP) ديريك جونسون: إن الأمر لا يتعلق بحادث واحد، ولكن للعنصرية طبيعة منهجية واسعة في الأمة الأمريكية يجب معالجتها.
وهذه بعض المعلومات عن العنصرية الممنهجة والمؤسسية في أمريكا.
ما العنصرية الممنهجة؟
يعرّف ديريك جونسون العنصرية الممنهجة، التي تسمى أيضاً العنصرية البنيوية أو العنصرية المؤسسية، بأنها “أنظمة وهياكل تضم في داخلها إجراءات أو عمليات تلحق الضرر بالأمريكيين من أصول أفريقية”.
ويعرفها جلين هاريس، رئيس منظمة “Race Forward”، وهي منظمة تقاوم العنصرية، بأنها “التفاعل المعقد بين الثقافة والسياسة والمؤسسات التي تأتي بالنتائج التي نراها في حياتنا”.
“والعنصرية الممنهجة هي الوجه الآخر لدعوى تفوق البيض”، يضيف هاريس.
ويقول هاريس: إن العنصرية الممنهجة تخلق تفاوتات في العديد من مؤشرات النجاح التي تتضمن الثروة ونظام العدالة الجنائية والعمالة والإسكان والرعاية الصحية والسياسة والتعليم، وأنه على الرغم من أن المفهوم يعود إلى العمل الذي قام به الباحث ورائد الحقوق المدنية دو بوا (W. E. B. Du Bois)، إلا أن مفهوم العنصرية الممنهجة ظهر لأول مرة أثناء حركة الحقوق المدنية في الستينيات، وتم صقله بشكل أكبر في الثمانينيات.
كيف تؤثر العنصرية الممنهجة على الملونين؟
تمنع العنصرية الهيكلية أو تجعل من الصعب على الملونين المشاركة في المجتمع وفي الاقتصاد، وتتجلى العنصرية الهيكلية في فصل المؤسسات، ويشدد هاريس على أن عوامل مثل انعدام الأمن السكني، وفجوة الثروة العرقية، والتعليم والشرطة ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالعنصرية الهيكلية.
ويستخدم هاريس مثال السكن، موضحًا أن عددًا غير متناسب من الملونين اليوم أصبحوا بلا مأوى أو يفتقرون إلى الأمن السكني جزئيًا بسبب إرث ما يسمى بقروض المعدمين، فالسود يشكلون ما يقرب من نصف المشردين في أمريكا، على الرغم من أنهم يشكلون 13% فقط من السكان، وفقًا لتقرير وزارة الإسكان والتنمية الحضرية المقدم إلى الكونرس في يناير الماضي.
تشير قروض المعدمين إلى النظام الذي استخدمته البنوك وصناعة العقارات في القرن العشرين لتحديد الأحياء التي ستحصل على قروض لشراء منازل، وما زالت الأحياء التي يعيش فيها الملونون -المحددة بالحبر الأحمر- تعتبر الأكثر خطورة بالنسبة للاستثمار فيها.
ويقول هاريس: “إن إعادة قروض المعدمين تعني بشكل أساسي أنه كان من المستحيل بشكل أساسي على السود والملونين الحصول على القروض، وقد كانت تلك طريقة نشطة لفرض الفصل العنصري”.
ويضيف هاريس: إن هذه الممارسة منعت عائلات السود من تكديس الثروة والحفاظ عليها بالطريقة نفسها التي تمكن عائلات البيض من ذلك، وهذا يؤدي إلى نمو فجوة يمكن أن نطلق عليها الثروة العرقية، وانعدام الأمن السكني الذي لا يزال قائماً اليوم لأنه يرجع لأسباب مالية حيث تبلغ القيمة الصافية لما تملكه العائلة النموذجية البيضاء من مال 171 ألف دولار، وهذا يزيد 10 مرات عما تملكه العائلة السوداء النموذجية (17 ألف دولار)، وفقًا لمسح الاحتياطي الفيدرالي لتمويل المستهلك لعام 2016.
وقد تم حظر قروض المعدمين في عام 1968، ولكن المناطق التي خصصتها مؤسسة القروض العقارية لأصحاب المنازل الفيدرالية من عام 1935 إلى عام 1939 لا تزال أكثر احتمالًا من غيرها من المناطق الأخرى، لتكون موطنًا للسكان من ذوي الدخل المنخفض، حسب دراسة أجريت عام 2018 من قبل الائتلاف الوطني لإعادة استثمار المجتمع.
ويقول هاريس: إن المناطق التي تم إعادة تحديد لونها لم يكن لديها قاعدة ضريبية لدعم مدارس عامة قوية أو أنظمة رعاية صحية أو وسائل مناسبة للنقل، مما أدى إلى تعقيد قضايا تتعلق بالسلامة العامة وبالإفراط في ممارسة العمل الشرطي.
ويضيف هاريس “أن هذا النظام تم هيكلته بهذه الطريقة لتحقيق نتيجة متواصلة من ضعف الاستثمار؛ وبالتالي جاءت النتائج غير متناسبة، وهذه النتائج البشعة من الإفراط في ممارسة الأعمال الشرطية هي التي تؤدي في نهاية المطاف إلى خسائر في الأرواح”.
ويشير هاريس إلى أن هذا مجرد مثال واحد، ولكن هذا النوع من التحليل يمكن تطبيقه على قضايا حقوق التصويت والتوظيف وعلى الفوارق الصحية أيضًا.
كيف يمكن معالجة العنصرية المؤسسية أو الممنهجة؟
يقول كل من جونسون وهاريس: إنه لم يتم إحراز تقدم كافٍ في مكافحة العنصرية المؤسسية أو الممنهجة.
وحدد جونسون ثلاث خطوات يمكن للناس اتخاذها لمعالجة العنصرية المؤسسية أو الممنهجة؛ يجب أن “نعترف بوجود العنصرية بالفعل”، وأن نشترك في المنظمات التي تحاربها، وأن ننتخب فقط القادة وصانعي السياسات الذين لن يعززوا أو يدعموا السياسات العنصرية الهيكلية”.
ويضيف “أن العنصرية ليست قضية حزبية، ونحن بحاجة إلى التوقف عن وصفها أو اعتبارها قضية حزبية.. إنها مسألة أخلاقية”.
ويقول هاريس: إن الأفراد الذين يقومون بعمل فردي لفهم العنصرية المؤسسية أو الممنهجة “يقومون بعمل ضروري، لكن هذا ليس كافياً”، وينبغي حث أولئك الذين يريدون التغيير على الانضمام إلى أولئك الذين يحتجون في الشوارع والمطالبة بتغيير جذري في المؤسسات وفي حياتهم الخاصة.
ويضيف “أنه يتطلب منا أن نتجاوز الإصلاح، فالنظام الحالي يجب أن ينسف لأنه تعطل وأصبح لا يعمل”.
___________________________
المصدر: “US TODAY“.