في عام 2015، اقترحت حكومة بنجلاديش نقل الروهنجيا النازحين إلى جزيرة باسان شار، في خليج البنغال، في إطار مبادرة أشرايان (بنجلاديش 2016)، وقد ظهرت الخطة مرة أخرى في عام 2017 بعد نزوح أكثر من 700 ألف لاجئ من ميانمار، وكان هذا التدفق الهائل للاجئين بمثابة نقطة تحول بالنسبة لحكومة بنجلاديش للإعلان عن نيتها نقل الروهنجيا إلى الجزيرة.
ووفقًا لمسؤولين حكوميين، فإن هذا النقل يرجع إلى حقيقة أن الروهنجيا يواجهون حاليًا نقصًا في الاحتياجات الأساسية في منطقة كوكس بازار مثل الوصول إلى التعليم، بالإضافة للأمن والقيود على الحركة أو الحرمان من الجنسية والحقوق والحماية ذات الصلة.
وكان الهدف النهائي لمشروع أشريان هو التخفيف من فقر اللاجئين الروهنجيا من خلال توفير المأوى وأنشطة تنمية الموارد البشرية، وبالتالي تحسين مستوى معيشة الناس، وضمان التعليم الأساسي والرعاية الصحية وتنمية المهارات في الأنشطة المدرة للدخل، ومع ذلك، وبرغم أنه كان من الممكن أيضًا تبرير الخطة مسبقًا من خلال ازدحام المخيمات، فقد ثبت أن الواقع مختلف تمامًا عما ذكرته سلطات بنجلاديش.
بعد المحاولة الفاشلة لإعادة الروهنجيا إلى ميانمار، في أغسطس 2019، فرضت بنجلاديش في سبتمبر قيودًا واسعة النطاق على ظروف حياة الروهنجيا في مخيمات اللاجئين، مثل حظر الإنترنت عبر الهاتف المحمول عالي السرعة وإغلاق الأسواق وتعويق وصول المساعدات الإنسانية، ويبدو أن هذه القيود كانت تهدف إلى إجبار اللاجئين بشكل غير مباشر إما على العودة إلى ميانمار أو الانتقال إلى باسان شار، والعيش فيها بهامش ضئيل من الاختيار، ومهما كانت التكهنات الحكومية إيجابية، فإن الروهنجيا ظلوا غير مستعدين للانتقال إلى الجزيرة لأنهم يخشون الموت بسبب الجوع والفيضانات ونقص المساعدات الإنسانية، كما تقول “هيومن رايتس ووتش”.
هل جزيرة باسان شار وجهة مناسبة لإعادة التوطين؟
انبثقت باسان شار من البحر في عام 2006، وهي جزيرة غير مستقرة معرضة بشدة للرياح الموسمية ولا توفر بيئة مناسبة لتنمية مجتمع مستقر ومكتفٍ ذاتيًا على المدى الطويل، كما تقول مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وبالنظر إلى حقيقة أن بنجلاديش هي واحدة من أكثر الدول عرضة لارتفاع مستوى سطح البحر، فإن هذه الجزيرة التي ظهرت حديثاً في دلتا نهر الجانج هي الأكثر عرضة للمعاناة من الكوارث البيئية، وبالإضافة إلى ذلك، تعد عزلة باسان شار في حالة حدوث أعاصير أو كوارث طبيعية أخرى مصدر قلق كبير، كما تشير “هيومن رايتس ووتش”.
لم يتم التحقق من قابلية السكن في الجزيرة بعد، وبالتالي يتعين على المرء الاعتماد على وجهتي نظر متعارضتين، فمن ناحية، تؤكد السلطات في بنجلاديش أن هؤلاء اللاجئين الذين يختارون إعادة توطينهم في باسان شار سيحصلون على نفس الحقوق الأساسية التي يتمتعون بها في كوكس بازار، ومن ناحية أخرى، أعربت العديد من المنظمات غير الحكومية وكذلك مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عن الحاجة إلى مزيد من المناقشة مع السلطات بشأن مسائل الحماية الأساسية الحاسمة لفهم خطط إعادة التوطين، بما في ذلك جدوى الموقع لتوفير ظروف معيشية كريمة واعتبارات السلامة والأمن، والوصول إلى الغذاء والماء، والتطوع وعوامل أخرى تتعلق بحرية الحركة، والحق في العمل أو الوصول الإنساني والتواجد حسب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
بعد زيارة المقررة الخاصة السابقة للأمم المتحدة بشأن ميانمار، يانجي لي، للجزيرة، تساءلت عما إذا كانت “صالحة للسكن حقًا”، على الرغم من الاعتراف بالالتزام بتحديد حلول دائمة بديلة للاجئين الروهنجيا، وزعمت “هيومن رايتس ووتش” أن السلطات الحكومية يُعتقد أنها تدرج أسماء الأفراد في قوائم إعادة التوطين دون علمهم وموافقتهم، وأعلنت أن أي عمليات نقل يجب أن تتم “على أساس طوعي”، كما تقول المنظمة، تدرك منظمة اللاجئين الدولية أيضًا أن الأسئلة المتعلقة بالسلامة والطواعية في النقل المقصود “لا تزال دون إجابة”، وأكدت حاجة بنجلاديش لإجراء تقييمات تقنية وتقييمات حماية مستقلة من قبل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والجهات الفاعلة الدولية الأخرى لتحديد جدوى وسلامة هذه الخطوة.
متطلبات النقل القانوني للاجئين
يُعد تقييم حماية الروهنجيا في باسان شار أمرًا بالغ الأهمية لتحديد مشروعية إعادة التوطين المقصودة، وقد أصر المقرر الخاص للأمم المتحدة على أن إعادة التوطين المقصودة يجب أن يمتثل للمعايير الدولية للسلامة والتطوع والكرامة والاستدامة، وأن على حكومة بنجلاديش مشاركة دراسات الجدوى والسماح للأمم المتحدة بإجراء تقييم تقني وإنساني كامل قبل القيام بأي إجراء آخر.
ويجب أن تنطوي خطط إعادة التوطين هذه بشكل كامل على موافقة ومشاركة اللاجئين، من خلال التشاور والزيارات الميدانية للموقع؛ لأنه بدون موافقة فردية مستنيرة، لا يمكن لهذه الخطط المضي قدمًا، وبشكل عام، يجب تقديم المعلومات ذات الصلة بالمشروع للاجئين المتضررين في جميع الأوقات، قبل وبعد النقل المقصود الذي ينبغي، في الواقع، أن يهدف إلى تحسين ظروف حياة اللاجئين بدلاً من خلق أزمة جديدة، كما تقول “هيومن رايتس ووتش”.
هل خطط النقل هذه مشروعة بموجب القانون الدولي؟
في ضوء المادة (12) (بند 1) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، يجب أن يتمتع اللاجئون من الروهنجيا بالحق في التنقل بحرية واختيار مكان إقامتهم وحمايتهم من جميع أشكال النزوح الداخلي القسري، والقيود التي وضعتها بنجلاديش ليست ضمن القيود المنصوص عليها في المادة (12) (بند 3) العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وقد أقرت لجنة حقوق الإنسان بمخاوفها بشأن نقلهم إلى الجزيرة بسبب تعرضها للفيضانات، ونقص البنية التحتية اللازمة لضمان احترام حقوق الإنسان الأساسية والتنقل “دون الموافقة الكاملة والحرة للأفراد المتضررين”، حسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وعلاوة على ذلك، لم يؤخذ في الاعتبار مبدأ التناسب، لكون النقل هو الأداة المناسبة والأقل تدخلاً للنتيجة المرجوة المتناسبة مع المصلحة المراد حمايتها، ولا الوضوح أو الدقة في تحديد المعايير التي تم أخذها في الاعتبار لتطوير خطة النقل إلى باسان شار، ويشكل نقل اللاجئين لجزيرة معزولة، محدودة جغرافيًا أيضًا قيدًا غير قانوني على حرية التنقل.
وبالتالي، فإن هذه الدرجة الكبيرة من القيود المفروضة على حرية حركة الروهنجيا الداخلية تفترض قيدًا في ظروف الحياة، لذلك، لا تتأثر المادة (12) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية فحسب، بل تتأثر أيضًا المادة (7) “حظر التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة”، والمادة (9) “حرية وأمن الشخص”، والمادة (17) “الحق في الخصوصية” من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والمادتان (11) “الحق في مستوى معيشي لائق”، و(12) “الحق في الصحة”.
إن مقدار عدم اليقين بشأن مدى كفاية الجزيرة، وطبيعة وغرض معاملة اللاجئين، يضع الروهنجيا في خطر إضافي لا داعي له، كما أن خطط نقل اللاجئين الروهنجيا إلى باسان شار غير مقبولة. لذلك، فإن خطط النقل المزمعة من السلطات البنجلادشية تتعارض مع القانون الدولي لحقوق الإنسان، وبالتالي يجب اعتبارها غير قانونية، وإذا كان الهدف هو إيجاد حل دائم، فإن باسان شار بالتأكيد ليست حلاً دائمًا ولا حلاً على الإطلاق.
_______________________
المصدر: “ifair”.